ذكاء اصطناعي

أقوى دليل حتى الآن: قمر زحل “إنسيلادوس” قد يكون صالحًا للحياة!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

أعلن فريق من الباحثين أن قمر زحل إنسيلادوس قد يكون بيئة صالحة للحياة.

تم اكتشاف جزيئات عضوية معقدة في بخار الماء والجليد المتفجّر من أعماق القمر.

تجارب المسبار كاسيني أكدت وجود محيط مائي مالح تحت قشرة إنسيلادوس الجليدية.

الوكالة الفضائية الأوروبية تخطط لإرسال مركبة لجمع عينات من جليد القطب الجنوبي لإنسيلادوس.

في تطور علمي لافت، أعلن فريق من الباحثين أن قمر كوكب زحل الجليدي إنسيلادوس قد يكون بيئة صالحة للحياة، بعد رصد جزيئات عضوية معقّدة في بخار الماء والجليد المتفجّر من أعماقه. هذا الاكتشاف يفتح أبواب التساؤل حول احتمالات وجود حياة خارج الأرض بشكل لم يحدث منذ سنوات.

بدأ الاهتمام بإنسيلادوس قبل عقدين حين اكتشف المسبار كاسيني وجود محيط مائي مالح تحت قشرته المتجمدة، يتسرب عبر شقوق في القطب الجنوبي مكوّنًا نافورات جليدية ضخمة. ومع مرور الوقت، تمكّن العلماء من العثور على خمسة من العناصر الستة الضرورية للحياة مثل الكربون والهيدروجين والنيتروجين والأكسجين والفوسفور، وظلّ الجدل قائمًا حول اكتمال المعادلة البيوكيميائية. وهذا يربط بين أبحاث العقود الماضية والنتائج الجديدة التي تعاود تأكيد الاحتمال.


إشارات من الأعماق

الجديد في الدراسة الأخيرة أن البيانات جاءت من حُبيبات جليدية طازجة التقطها كاسيني سنة 2008 حين اخترق إحدى النوافير النشطة بسرعة مذهلة وصلت إلى 18 كيلومترًا في الثانية. هذا التصادم العنيف منع الجزيئات من التكتل، فأتاح للعلماء رصد “بصمة كيميائية” أوضح باستخدام تقنيات التحليل الطيفي الكتلي. وفي هذه الإشارات ظهرت مركبات عضوية تحمل ذرات النيتروجين والأكسجين المعروفة بدورها الأساسي في بناء الجزيئات الضرورية لتطور الحياة. هذا يقود إلى استنتاج أن التركيب الكيميائي ليس نتيجة لتغيرات خارجية في حلقات زحل، بل هو صادر فعلًا من محيط القمر الداخلي.

هذه النتائج بدورها تدفع بالعديد من الباحثين إلى المقارنة مع أنظمة المحيطات الأرضية الغنية بالطاقة الحرارية، ما يعزز فكرة أن الظروف في أعماق إنسيلادوس قد تشبه “البقع الساخنة” على قاع محيطاتنا. ومرة أخرى يربط العلماء هذه الفكرة بطموحات استكشافية جديدة نحو هذا القمر الصغير.


احتمالات مستقبلية بعيدة

الوكالة الفضائية الأوروبية إيسا كشفت عن خطط لإرسال مركبة مستقبلية إلى سطح القطب الجنوبي لإنسيلادوس في أربعينيات هذا القرن، من أجل جمع عينات مباشرة من الجليد وربما الحفر وصولًا إلى البحر الداخلي. في حال نجاح مثل هذه المهمة، فإنها قد تكون نقطة التحول الكبرى في علم الفلك وعلم الأحياء الفلكي على وجه الخصوص. ومع ذلك، يشدد الباحثون أن حتى عدم العثور على أي شكل من أشكال الحياة سيكون اكتشافًا بحد ذاته، إذ سيطرح تساؤلات أساسية حول لماذا لم يظهر التنوع البيولوجي في بيئة تبدو “مثالية”.

هذه الرؤية للمستقبل تنعكس كذلك على النقاش العلمي حول قابلية السكن الكوني، حيث أصبح إنسيلادوس إلى جانب أوروبا، قمر المشتري الجليدي، من أبرز الوجهات التي تثير فضول العلماء والوكالات الفضائية. وهكذا تتقاطع هذه التوجهات مع سباق دولي لاستكشاف المحيطات الخفية في أقمار الكواكب العملاقة.


الحياة خلف الجليد

إذا صحّت التقديرات، فإن محيط إنسيلادوس لا يتجاوز عمره مليار عام، ما يجعله “في سن مناسبة” من منظور تطور الحياة. توفر المياه السائلة والطاقة القادمة من التفاعلات الحرارية الداخلية والمركّبات العضوية، جميعها عناصر تبعث برسالة واضحة للعلماء: نحن أمام بيئة قد تنافس الأرض في شروطها الأساسية لدعم الكائنات الحية الدقيقة. وهذا ما يجعل النقاش حول الحياة خارج كوكبنا أكثر جدية من أي وقت مضى.

ذو صلة

في الختام، يضعنا إنسيلادوس أمام معادلة مثيرة: قمر صغير يمكن احتواؤه داخل ولاية أمريكية مثل كولورادو، لكنه يحتضن أسرارًا كونية قد تغير قناعتنا حول تفرد الأرض. ومع إصرار العلماء على استكمال الرحلة، يبدو أننا على أبواب مرحلة جديدة من فهمنا للكون وما يخبئه من مفاجآت.

ذو صلة