ذكاء اصطناعي

أمل جديد لمرضى القلب: ابتكار حقنة علاجية تعالج الضرر بعد الجلطة

محمد كمال
محمد كمال

4 د

استحدث باحثون علاجًا مبتكرًا يحقن بعد الجلطة، يحمي القلب ويعزز الشفاء.

يعتمد العلاج على بوليمر مُصمم يحاكي البروتينات لتحسين الشفاء وتقليل التلف الدائم.

أظهرت الفئران تحسنًا ملحوظًا بالشفاء وضخ الدم بعد تجربة العلاج أكثر من خمسة أسابيع.

العلاج قد يستخدم مستقبلًا في أمراض أخرى مثل تليف الكلى والتصلب المتعدد.

الشركة الناشئة "جروف بايوفارما" حصلت على ترخيص لتطوير براءات اكتشاف العلاج وتسويقه.

هل تخيّلت يومًا أن حقنة صغيرة قد تجنب الآلاف معاناة طويلة بعد التعرض لجلطة قلبية؟ ربما بات هذا الحلم أقرب إلى الواقع، بعدما تمكّن باحثون من تطوير علاج ثوري يُحقَن مباشرة بعد الإصابة، فيمنح القلب قدرة لم تكن معهودة على التعافي، ويقلل إلى حد كبير من خطر الإصابة بقصور القلب المزمن.

وراء هذا الإنجاز الطبي فريق علمي مشترك من جامعة كاليفورنيا سان دييغو بالتعاون مع جامعة نورث وسترن الأمريكية. اعتمد الباحثون في تصميم العلاج الجديد على تقنية تحاكي عمل البروتينات داخل الجسم، حيث نجحوا في تطوير بوليمر شبيه بالبروتين يُعطى عن طريق الوريد عقب الجلطة القلبية، ليساهم في إصلاح الأنسجة وحماية عضلة القلب من التلف الدائم. المفاجأة أن هذا العلاج أظهر نتائج مبهرة حتى لو استُخدِم بعد مرور خمسة أسابيع من حدوث الجلطة، على الأقل في التجارب على الفئران. تبدأ أهمية هذا الإنجاز من حقيقة أن “قصور القلب بعد الجلطة” لا يزال واحدًا من التحديات الكبرى في الطب الحديث، بحسب ما أعلنت عنه البروفيسورة كارين كريستمان قائدة الفريق البحثي.


كيف يعمل العلاج الجديد؟

وحتى نفهم ما الذي يجعل هذا البوليمر العلاجي فريدًا، من الضروري التعمق قليلًا في الآليات البيولوجية. عادةً ما يتفاعل بروتين يُسمَّى KEAP1 مع نِظيره Nrf2 داخل خلايا القلب بعد تعرضها للإجهاد، فيؤدي هذا التفاعل إلى تثبيط عملية إنتاج مضادات الأكسدة الضرورية لمقاومة الالتهاب ومساندة إصلاح الأنسجة. هنا يأتي دور العلاج الجديد: إذ يحاكي البوليمر شكل ووظيفة بروتين Nrf2، ويرتبط مع KEAP1 ليعطّل تفاعله الضار، فيُبقي عملية التعافي نشطة ويمكّن خلايا القلب من الصمود وإصلاح نفسها بكفاءة أكبر. إن الحفاظ على توازن العمليات المناعية بعد حدوث الجلطة يمثل نقطة تحول في مسار العلاج، كما يرى الخبراء.

ومن هنا يتضح كيف يمكن لهذا النهج دفع عجلة الشفاء إلى الأمام ومنع تطور مضاعفات خطيرة مثل الفشل القلبي، وهي مضاعفات غالبًا ما تنتج عن التندب والالتهابات غير المضبوطة بعد الجلطات.


نتائج مشجعة وتطلعات مستقبلية

وتستند النتائج الأولية إلى تجارب أجراها الباحثون على فئران تعرّضت لجلطات قلبية. جرى تقسيم الحيوانات بشكل عشوائي ليحصل بعضهم على البوليمر الجديد بينما تلقى الباقون محلولاً مالحاً عادياً. بعد خمسة أسابيع، أظهرت الفئران التي حصلت على العلاج تحسنًا واضحًا في قدرة القلب على ضخ الدم والشفاء من التلف، كما أكد التصوير بالرنين المغناطيسي والفحوصات الجينية أن التعبير عن جينات التعافي والإصلاح كان أنشط لديها. ويمثل هذا البحث دليل إثبات فعلي على جدوى العلاج، إلا أن العلماء يخططون لمواصلة الدراسات من خلال تعديل التركيبة وتحديد الجرعة المثالية استعدادًا للانتقال إلى التجارب على الثدييات الأكبر حجمًا.

لقد لفت انتباهي أن المنظومة العلاجية المطورة هنا ليست قاصرة على أمراض القلب وحدها، بل يمكن بحسب تصريحات البروفيسور ناثان جيانيشي استخدامها مستقبلاً في حالات متعددة مثل أمراض الكلى والتصلب المتعدد والتنكس البقعي في العين، لأنها تستهدف تنظيم التفاعلات البروتينية الضارة داخل الخلايا.

ومن الملفت أن فريق البحث حظي بدعم من المعاهد الوطنية للقلب والرئة والدم التابعة للمعاهد الوطنية للصحة الأمريكية، كما أن الشركة الناشئة “جروف بايوفارما” حصلت على ترخيص تطوير براءات الاختراع المتعلقة بالاكتشاف الجديد، ما يمهد الطريق لتسويق العلاج لاحقًا إذا أثبت فعاليته في البشر.

وهذا يوضح كيف تلتقي الجهود الأكاديمية وريادة الأعمال في دفع الابتكار بمجال الطب الحيوي.


درس للعلماء وأمل للمرضى

تتجلى في هذا الاكتشاف قيمة البحث العلمي متعدد التخصصات—فالجمع بين الكيمياء الحيوية والهندسة الطبية أتاح تصميم جزيئات دقيقة تحاكي الآليات الطبيعية للجسم قادرة على اختراق الخلايا والتأثير على البروتينات المرتبطة بمصير القلب بعد الجلطة. بالمقابل، تتعسر أحيانًا الأدوية التقليدية في تحقيق مثل هذا الفعل العميق.

ذو صلة

لو انتقلنا إلى الزاوية العملية، نجد أن تطوير هذه الحقنة العجيبة—إذا سارت الأمور كما يُخطط لها—قد يحوّل مصير ملايين المرضى حول العالم، مانحًا إياهم فرصة لحياة أطول بصحة أفضل وفاعلية عالية في مكافحة تداعيات النوبة القلبية.

وفي الختام، يحتفظ هذا الاكتشاف بإشراقة أمل جديدة لكن بحذر علمي. فنجاح التجارب الحيوانية خطوة مهمة، لكنها تستدعي تدقيقًا إضافيًا قبل التعميم على البشر. من الممكن في النسخ المقبلة من الأخبار استبدال بعض التعبيرات التقنية كـ"بوليمر شبيه بالبروتين" بعبارة أبسط مثل "مادة علاجية مبتكرة"، أو إضافة جملة قصيرة تعزز الترابط بين فقرة التأثيرات المستقبلية ودور التمويل البحثي في تسريع النتائج الطبية المنتظرة. ومع اكتمال مسيرة التطوير فإن هذا العلاج الحديث قد يكون بالفعل نقطة تحول في عالم القلب.

ذو صلة