“أنزلوها فوراً”: ترامب يوقع قانون لإزالة المحتوى الجنسي غير التوافقي من الإنترنت

3 د
وقّع الرئيس ترامب قانوناً يُجبر المنصات الرقمية على حذف أي محتوى حميمي غير توافقي خلال 48 ساعة من الطلب.
القانون يفرض غرامات تصل إلى 50,000 دولار لكل حالة انتهاك، وينفذ عبر لجنة التجارة الفيدرالية.
لا يتضمن القانون آليات استئناف واضحة أو عقوبات على البلاغات الكيدية، مما يثير مخاوف من إساءة الاستخدام.
المدافعون عن الخصوصية يخشون أن تتحول المهلة الزمنية القصيرة إلى حافز لحذف المحتوى دون تحقق، مما يُهدد حرية التعبير على الإنترنت.
في خطوة قد تعيد تشكيل العلاقة بين حرية التعبير وحقوق الضحايا على الإنترنت، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الإثنين قانوناً جديداً يُلزم المنصات الرقمية بإزالة أي محتوى بصري "حميمي" نُشر دون موافقة صاحبه خلال 48 ساعة فقط من استلام الطلب. يُعرف القانون باسم "Take It Down Act"، وهو أحد أكثر القوانين إثارة للجدل التي تطال العالم الرقمي منذ سنوات.
غرامات تصل إلى 50 ألف دولار لكل انتهاك
بموجب القانون الجديد، تواجه الشركات التكنولوجية الكبرى، مثل غوغل وميتا ومايكروسوفت، غرامات تصل إلى 50 ألف دولار لكل حالة عدم امتثال في حال تأخرت عن حذف المحتوى خلال المهلة المحددة. وسيتولى تنفيذ القانون لجنة التجارة الفيدرالية (FTC)، التي ستعتبر التأخير أو الامتناع عن الحذف ممارسة تجارية "خادعة وغير عادلة".
تدعم هذه الخطوة العديد من شركات التكنولوجيا، ويدخل القانون حيّز التنفيذ خلال عام. ويشابه القانون إلى حد بعيد قانون حقوق النشر الأمريكي المعروف باسم "DMCA"، الذي يلزم منصات الإنترنت بإزالة المحتوى الذي يُزعم أنه ينتهك حقوق النشر خلال فترة قصيرة، تحت طائلة المسؤولية المالية.
مخاوف من إساءة الاستخدام: رقابة غير مبررة تحت غطاء "الخصوصية"
رغم الدعم المعلن من بعض شركات التقنية، أعرب مدافعون عن حرية التعبير عن قلقهم من أن يتحول القانون إلى أداة للرقابة العشوائية. إذ لا يتضمن القانون آليات ردع صارمة ضد البلاغات الكاذبة، بل يكتفي باشتراط "حسن النية" من مقدّمي الطلبات دون فرض عقوبات على البلاغات المغرضة.
بعكس قانون DMCA، لا يوفّر "Take It Down" للمستخدمين وسيلة استئناف رسمية للطعن في الطلبات التي يعتبرونها غير مبررة. ويخشى خبراء أن تُستخدم هذه الثغرة من قبل جهات خبيثة لإسكات منتقديها أو إزالة محتوى مشروع بحجج واهية، كما حدث سابقاً مع قانون DMCA، حيث استُخدم أحياناً من قبل منافسين تجاريين لإسقاط محتوى لا علاقة له بحقوق النشر.
السباق مع الزمن يهدد دقة التقييم
ينتقد الخبراء أيضاً المهلة الزمنية القصيرة جداً الممنوحة للمنصات، ما قد يدفعها لحذف المحتوى تلقائياً لتجنب العقوبات دون تدقيق حقيقي. تقول بيكا برانوم، نائبة مدير مشروع حرية التعبير في مركز الديمقراطية والتكنولوجيا:
"لا توجد آلية تُلزم المنصات بالتأكد من أن ما يُطلب حذفه هو فعلاً محتوى حميمي غير توافقي".
وتضيف أن الكلفة المنخفضة لتطبيق الحذف، مقارنة بالكلفة العالية لمراجعة الحالات وتقييمها قانونياً، تجعل الشركات ميالة إلى "الامتثال السريع"، حتى لو كان ذلك على حساب حرية التعبير.
ضغوط على الضحايا والمبلغين... وغياب لحماية الخصوصية
بعض الشركات، مثل فيسبوك، تطلب من مقدمي الطلبات إبراز إثبات هوية حكومي لإثبات أنهم المتضررون فعلاً، وهي خطوة ضرورية لحماية المنصات من التلاعب، لكنها تعرّض الضحايا لمخاطر خصوصية إضافية. القانون الجديد لا يتضمن أي شرط من هذا النوع، ما يُثير مخاوف من تضارب بين حماية الخصوصية ومنع الاحتيال.
وفي حال تبنت الشركات إجراءات تحقق صارمة، قد تتعرض هي نفسها لمساءلة من قبل لجنة التجارة الفيدرالية إذا رأت اللجنة أن هذه الإجراءات تشكل عبئاً غير مبرر على الضحايا.
غياب التعليقات من المشرعين... ومخاوف قائمة
رغم صياغة القانون بدعم من السيناتورين تيد كروز وآمي كلوبوشار، فقد امتنعا عن التعليق على الانتقادات التي طالت التشريع. ويؤكد مؤيدو القانون أن الهدف منه حماية الأفراد، خصوصاً القُصّر، الذين وقعوا ضحايا لمحتوى جنسي انتقامي أو مفبرك. لكن المدافعين عن حرية التعبير يرون أن القانون كان بحاجة إلى ضمانات أوضح وآليات رقابة أكثر توازناً قبل أن يصبح قانوناً نافذاً.
إنقاذ الخصوصية أم تهديد الحريات؟
يرى كثير من المراقبين أن "Take It Down Act" يضع الولايات المتحدة أمام مفترق طرق حاسم: فإما أن ينجح في تقديم حماية حقيقية للضحايا من الانتهاك الجنسي الرقمي، أو ينزلق نحو مسار خطير من الرقابة المفرطة على الإنترنت. وفي كلتا الحالتين، فإن ما سيحكم مستقبل هذا القانون ليس فقط نيّة المشرّعين، بل الطريقة التي ستُطبّق بها الشركات القانون وسط ضغوط مالية وقانونية متزايدة.