إنجاب بين النجوم: هل نحن مستعدون لاستقبال أجيال صاعدة في الفضاء؟

3 د
أثارت دراسة علمية جديدة مخاوف حول خطورة إنجاب طفل في الفضاء.
تواجه الحمل في الفضاء تحديات معقدة مثل عدم الجاذبية ومخاطر الإشعاعات الكونية.
الجاذبية تسهل الولادة، لكن انعدام الجاذبية يضيف تعقيدات كبيرة لعملية الولادة.
الأشعة الكونية تهدد الجنين وقد تؤدي لإجهاض أو ولادة مبكرة.
التحديات لم تغلق الباب بالكامل، حيث يمكن تطوير تقنيات وقاية وبيئات محاكية.
تخيل مستقبلًا تصبح فيه الرحلات الفضائية جزءًا من حياتنا اليومية، وتغامر العائلات يوماً ما بالإنجاب بين النجوم. لكن هل فكرت يومًا في ما قد يحدث لو وُلد طفل في الفضاء فعلًا؟ دراسة علمية جديدة أثارت جدلًا واسعًا بعد أن استعرضت مخاوف حقيقية من خطورة إنجاب أو ولادة طفل خارج كوكب الأرض، حيث تظهر مشاكل غير متوقعة تهدد صحة الأم والمولود معًا.
عندما نلقي نظرة على البيولوجيا البشرية، نكتشف أن رحلة الحمل معقدة حتى على الأرض، فما بالك عندما تنتقل إلى بيئة تنعدم فيها الجاذبية المعتادة؟ تشير الإحصائيات إلى أن ثلثي الأجنة لا تكمل مراحلها للنهاية حتى في الظروف المثالية، وكثيرًا ما تحدث خسائر مبكرًا بسبب فشل انغراس الجنين في جدار الرحم أو تعثر نموه الطبيعي. الأمر يزداد تعقيدًا في محطة الفضاء أو على متن سفينة متجهة إلى المريخ، حيث يصبح كل تفصيل من عملية الحمل والولادة بحاجة لدعم خاص وحلول مبتكرة. بهذا السياق، نتبين مدى هشاشة بداية الحياة وأن كل مرحلة من الحمل تعتبر حلقة في سلسلة لا يجب كسرها لأي سبب، وإلا ضاعت الفرصة في اكتمال نمو الجنين.
ربطًا بذلك، يدخل عامل الجاذبية في صميم التحدي، كما يتضح من تجارب راودها رواد فضاء في محاكاة انعدام الوزن على الأرض. يعيش الجنين أساسًا في بيئة سائلة داخل كيس السلى، ويمكن القول إن هذه البيئة تشبه نوعًا ما ظروف انعدام الجاذبية. إلا أن الأمر مختلف كليًا عند الولادة الفعلية؛ ففي الفضاء، تتحرك السوائل بطريقة فوضوية، وقد يتشتت السائل الأمنيوسي والدم، ما يتسبب في صعوبة بالغة بإدارة عملية الولادة. فالجاذبية التي تساعد على تحرك الطفل وتسهل وضع المرأة أثناء المخاض، تغيب هنا تمامًا، فتتحول الولادة إلى حدث محفوف بالمخاطر والتعقيدات التقنية والطبية، وتجد الأطقم الطبية نفسها أمام تحديات لم يسبق لها مثيل في غرف عمليات الأرض.
وبينما نظن أن العقبة الكبرى تكمن في انعدام الجاذبية فقط، تضيف الأشعة الكونية بعدًا آخر من الخطر. فالفضاء يعج بجسيمات عالية الطاقة لا توقفها أية دروع، كالأشعة الكونية التي تتحدى الحواجز وتخترق الأنسجة البشرية وصولًا إلى الحمض النووي للخلايا. وهذه الأشعة تهدد بشكل خاص المراحل الأولى من الحمل، حيث يكون الجنين حساسًا للغاية لأي تغير في بيئته. إذ يمكن لجسيم كوني واحد أن يسبب تلفًا يصعب إصلاحه، ويؤدي في بعض الحالات إلى الإجهاض دون أن تلاحظ الأم ذلك، إلى جانب احتمال تعرض جنين أكبر أو رحم متضخم لضربة إشعاعية قد تدفع إلى ولادة مبكرة في ظروف غاية في الخطورة.
ومن هنا، تأتي مرحلة الطفولة وما يصحبها من تحديات في غياب محفزات الأرض الطبيعية. الطفل الذي ينمو بلا "أعلى" أو "أسفل"، قد يجد صعوبة في تطوير المهارات الحركية البسيطة كالجلوس أو الحبو أو المشي، لأن هذه الحركات مرتبطة بردود فعل عصبية تتطور باستجابة لقوة الجاذبية. وإذا كان الدماغ يواصل نموه في تلك البيئة المعقدة، فقد يتأثر ذكاء الطفل وذاكرته وسلوكه وحتى صحته العصبية على المدى البعيد، نتيجة التعرض المزمن للأشعة الكونية وغياب المحفزات الحسية الطبيعية التي نعتبرها بديهية على الأرض.
لكن لا تظن أن هذه التحديات تغلق الباب نهائيا أمام ولادة الأطفال في الفضاء. بل تبرز الدراسة أهمية تطوير تقنيات وقاية جديدة، كأنظمة حماية من الإشعاعات وأدوات ولادة معدلة تناسب ظروف انعدام الوزن، بل وربما توفير بيئة محاكية للجاذبية لتسهيل نمو الرضَّع مستقبلاً. ويمكن أيضًا تحسين النص السابق باستخدام مصطلحات أكثر تخصصًا أو تدقيق زاوية التركيز لتسليط الضوء على جانب التطورات العلمية المقترحة للحلول، أو إضافة جملة رابطة لتقوية ترابط الفقرات. وما زال الطريق طويلاً أمام أحلام البشر في تأسيس عائلات بين الكواكب، لكن تظل التساؤلات مفتوحة، ونبقى في انتظار ابتكارات قد تغير تاريخ استكشافنا للفضاء إلى الأبد.