ذكاء اصطناعي

إنجاز علمي: تطوير أصابع روبوتية يمكن التحكم بها بالتفكير، وبدون أي تدخل جراحي!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

ابتكرت جامعة كارنيجي ميلون تقنية تحكم ذهني بالأصابع الروبوتية دون تدخل جراحي.

تعتمد التقنية على تخطيط أمواج الدماغ EEG لتحويل إشارات الدماغ إلى حركات للأصابع.

تمكن المستخدمون من تحقيق دقة تفوق 80% في تحريك الأصابع الروبوتية بشكل مزدوج.

التطبيقات تشمل تحسين وظائف يد مرضى الجلطات والتحكم بالأجهزة الإلكترونية ببساطة.

يُعد الابتكار بديلاً آمنًا وغير جراحي مقارنةً بالواجهات الدماغية التقليدية.

بات بإمكاننا اليوم وبكل بساطة أن نحرك الأصابع الروبوتية بمجرد التفكير! نعم، هذا ليس خيالًا علميًا، بل إنجاز علمي أعلنته مؤخراً جامعة كارنيجي ميلون من خلال تقنية مبتكرة تسمح للأشخاص بالتحكم في حركة الأصابع الروبوتية بدقة عالية باستخدام الإشارات الدماغية فقط، ودون أي تدخل جراحي.

التكنولوجيا الجديدة تستخدم تقنية تخطيط أمواج الدماغ (EEG)، وهي طريقة غير جراحية لقياس النشاط الكهربائي لأدمغتنا. كل ما عليك فعله هو تخيل حركة معينة للأصابع في ذهنك، ليلتقط النظام إشارات دماغك فورًا ويترجمها مباشرة إلى حركات دقيقة وواضحة لأصابع يد روبوتية. السر في كل ذلك هو شبكة عصبية عميقة ومتقدمة تُعرف باسم EEGNet-8,2 تحلل إشارات الدماغ بمهارة عالية، وتفرق بين الأنشطة الدماغية الخاصة بتحريك كل إصبع على حدة.


من الحلم إلى الواقع: نتائج مبهرة في تحكم دقيق بالأصابع

لطالما ارتبطت تقنيات التحكُّم عن بُعد عبر الإشارات الدماغية بإمكانية محدودة في الدقة، لكن الدراسة الجديدة أحدثت نقلة نوعية في هذا المجال. تم تطبيق التجربة على 21 مشتركًا ممن لديهم خبرة سابقة في استخدام واجهات الدماغ والحاسوب (BCI)، وقد تمكن هؤلاء المشاركون من تحقيق دقة تصل إلى 80.56% في التحكم بحركتين للأصابع في الوقت ذاته، ودقة بلغت 60.61% عند التحكم بثلاثة أصابع معًا. هذا يجعلنا على خطوات قليلة من تطبيقات حقيقية لهذه التقنية في أنشطة الحياة اليومية الحساسة.

ومن الطبيعي أن نسأل عن التطبيقات العملية لمثل هذا الابتكار المدهش، وهذا ما أجاب عنه البروفيسور بين هي، قائد هذا البحث، الذي أكد أن تحسين وظائف اليد يمثل أولوية كبيرة ليس فقط لمن يعانون من صعوبات حركية، بل أيضاً للناس الأصحاء، إذ أن التحسن ولو كان بسيطًا في حركة الأصابع قد يحدث فرقًا هائلًا في جودة حياة الأفراد.


الأفق الواسع: تطبيقات واعدة ومتنوعة لتحسين جودة الحياة

لا تقتصر فائدة هذه التقنية فقط على الاستخدامات البسيطة، بل إنها تفتح أبواباً واسعة للعديد من التطبيقات المهمة، مثل التحكم بالأجهزة التعويضية بطريقة مباشرة وبدون جراحة، أو المساعدة على إعادة تأهيل المرضى الذين تعرضوا للجلطات أو الإصابات العصبية. كما تتوسع الإمكانيات لتشمل تفاعلات متقدمة مع الحاسوب، تسمح بالكتابة على لوحة المفاتيح أو التعامل مع الأجهزة الإلكترونية بدقة لم يسبق لها مثيل.

وليست هذه الخطوة سوى بداية رحلة طويلة سلكها الباحثون منذ عقدين من الزمن. فقد سبق وقام فريق البروفيسور بين هي بتحقيق إنجازات في التحكم بالطائرات بدون طيار والذراع الروبوتية باستعمال التخطيط الكهربائي للدماغ، وها هم اليوم يصلون إلى الإنجاز المهم بالتحكم الفردي بالأصابع، مما يجسد تقدمًا ملموسًا يضع الناس أمام عهد جديد من التفاعل بين الدماغ والأجهزة الذكية.


تجارب سابقة وإمكانات متميزة

على مدى السنوات الماضية، اعتمدت العديد من وظائف التحكم الذهني على واجهات دماغية تتطلب جراحة خطرة وزرع أجهزة بشكل مباشر في الدماغ، مما يحد من قابلية استخدامها لدى معظم الناس. ولكن هذا الابتكار الجديد من جامعة كارنيجي ميلون يستبعد هذه المخاطر تمامًا، فهو دون جراحة ويمكن استخدامه بسهولة من جانب فئات مختلفة من المستخدمين، ويقدم بديلاً عمليًا وأكثر أمنًا لمرضى الجلطات ومصابي الحوادث.

ذو صلة

ومع كل هذا التقدم، يؤكد فريق البحث على ضرورة مواصلة تطوير التقنية لتحقيق مستويات أعلى من الدقة والاستجابة، وبخاصة في أداء المهام الأكثر تعقيدًا ككتابة النصوص بشكل سريع وسلس. إن مواصلة الاستثمار في تطوير هذه التقنية يمكن أن يجعلها متاحة بشكل أوسع وأكثر نجاحًا، ما يتيح للمستخدمين أداء مهام يومية بطريقة مريحة ومتفاعلة بشكل طبيعي مع محيطهم.

هكذا، نرى أن الخطوة التي اتخذتها جامعة كارنيجي ميلون تفتح الباب أمام مستقبل واعد في مجال واجهات الدماغ الآلية، وقد يصبح التحكم الذهني الواضح والدقيق واقعاً ملموساً في حياة الناس قريباً، ويجعل التواصل مع الأجهزة الإلكترونية أسهل وأكثر تلقائية. إن الانتقال من الخيال العلمي إلى الحياة اليومية على وشك أن يصبح واقعًا قريبًا، مع إمكانات واعدة لا حدود لها.

ذو صلة