ابتسم وتكلم واركض… ميتا تشتري بياناتك الجسدية بـ50 دولارًا في الساعة

3 د
تجمع "ميتا" بيانات الحركات والإيماءات اليومية مقابل 50 دولارًا للساعة.
يهدف "مشروع وارهول" إلى تطوير "كوديك أفاتار" لمحاكاة الأشخاص واقعيًا.
المشروع ينقسم لدراستين: "الحركة البشرية" و"المحادثات الجماعية".
تواجه "ميتا" تحديات تقنية وخسائر بلغت 60 مليار دولار منذ 2020.
حملة البيانات البشرية تعزز استراتيجية "ميتا" لتحقيق نجاح في الميتافيرس.
ابتسامتك تستحق المال، وكذلك كلامك العفوي وحتى بعض التمارين الرياضية البسيطة مثل القرفصاء، هذا حرفياً ما تعلن عنه شركة "ميتا" هذه الأيام؛ عملاق التقنية الذي يقف وراء فيسبوك وإنستغرام، يدفع لك 50 دولاراً في الساعة فقط من أجل تسجيل حركاتك وإيماءات وجهك وأحاديثك اليومية. هدف "ميتا" هو جمع مزيد من البيانات من أجل تحقيق رؤية مستقبل التكنولوجيا الافتراضية الواقعية، وهو المشروع الذي تراهن عليه الشركة بشدة.
هذه الخطوة تأتي في إطار مشروع أطلقت عليه الشركة اسم "مشروع وارهول Project Warhol"، وهو كما يبدو نسبةً إلى الفنان الشهير آندي وارهول المعروف بقوله: "الجميع سيحصلون على 15 دقيقة من الشهرة". تفويض هذه المهمة لشركة جمع البيانات "Appen" يهدف إلى دعم تطوير أفاتار الشركة، والمعروف بـ "كوديك أفاتار Codec Avatars". هذه التقنية الجديدة تتعلق بمحاكاة الأشخاص بطريقة واقعية للغاية، لتصبح التفاعلات الافتراضية وكأنها تحدث وجهاً لوجه في الحقيقة.
وهذا يربطنا بتوقيت المشروع؛ إذ يأتي في ظرف حساس جداً بالنسبة لـ "ميتا"، حيث حددت الشركة عام 2025 باعتباره العام الحاسم لرهاناتها الافتراضية وما يتعلق بالميتافيرس. ولعلنا نتذكر جيداً الانتقادات الساخرة التي طالت النسخ الأولى من أفاتارات ميتا منذ نحو ثلاث سنوات، إلا أن الفكرة تطورت كثيراً منذ ذلك الحين، وباتت مرحلة إنشاء نسخ رقمية واقعية تمثل البشر بشكل مثالي الهدف التالي لعملاق التقنية الأمريكي.
من ناحية عملية، المشروع ينقسم إلى دراستين أساسيتين؛ الأولى دراسة "الحركة البشرية Human Motion" وفيها يُطلب من المشاركين تكرار حركات معينة كتعابير الوجه والحديث بحركات اليدين، والثانية دراسة "المحادثات الجماعية Group Conversations"، وفيها يشارك اثنان أو ثلاثة أشخاص في أحاديث طبيعية مرتجلة أمام الكاميرات وأجهزة الاستشعار المتقدمة. الهدف هنا ليس فقط التقاط الصورة والحوار، بل أيضاً تأطير كل التفاصيل الدقيقة التي تجعل الأفاتار يقترب جداً من الواقعية التي يطمح لها المستخدمون.
وهذا يُسلّط الضوء على التحدي الكبير الذي تواجهه حالياً إدارة Reality Labs التابعة لشركة ميتا والمسؤولة عن تقنيات الواقع الافتراضي والنظارات الذكية. لقد سجلت هذه الوحدة خسائر متراكمة قاربت الـ 60 مليار دولار منذ عام 2020 وحتى الآن، وهو رقم لافت يعكس مدى عمق المراهنات التي تخوضها الشركة في مشروعها الطموح. ومع هذه التكاليف الباهظة والتحديات التقنية المتزايدة، يصبح مشروع جمع البيانات البشرية جزءاً هاماً جداً من استراتيجية الشركة لتحقيق النجاح.
وليست "ميتا" وحدها من تلجأ إلى العنصر البشري لتقديم بيانات تدريبية أنقى وأفضل لتقنياتها الجديدة، إذ تلجأ شركات تكنولوجية عملاقة أخرى لطريقة مشابهة؛ شركة تسلا مثلاً وظفت مؤخراً أشخاصاً للقيام بحركات روتينية وهم يرتدون بدلات Capture Motion (التقاط الحركة)، بهدف تدريب الروبوت الجديد المسمى "أوبتيموس".
بهذا، فإن حملة ميتا لجمع بيانات من البشر مقابل مبلغ معتبر لكل ساعة عمل تُظهر بوضوح أن الطريق إلى التكنولوجيا الافتراضية الأكثر واقعية والميتافيرس لم تعد مجرد حبر على ورق أو صور وأفكار، بل باتت واقعاً يقترب بخطى ثابتة من حياتنا اليومية. ولعل "مشروع وارهول" هذا، بكل تفاصيله الطريفة وارتباطه بالفنان الشهير، يوحي بأن "ميتا" قد تُذكر في المستقبل، إما كرائدة ناجحة في هذا المجال، أو ستتحول مغامراتها غير المسبوقة إلى مجرد "تجارب أسطورية" في سجل إخفاقات التكنولوجيا الحديثة. ربما تُضاف لمسات بسيطة مثل توضيح بسيط لبعض المصطلحات كتقنية "التواجد الافتراضي" أو "ميتافيرس" خلال النص، ليكون القارئ أكثر استيعاباً وانسجاماً مع السياق العام للمقال.