ذكاء اصطناعي

ابتكار ياباني مذهل: طائرات ورقية قد تحل أزمة الحطام الفضائي!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

يقترح العلماء اليابانيون تصنيع أقمار صناعية من مواد عضوية تُشبه الطائرات الورقية.

الأفكار مُستلهمة من فن الأوريغامي لتطوير نماذج تذوب تمامًا عند دخول الغلاف الجوي.

الاختبارات تظهر توازن الطائرات الورقية في الفضاء واحتراقها الكامل في الغلاف الجوي.

الحلول البيئية تهدف إلى إدارة النفايات وتقليل تأثير الحطام الفضائي التقليدي.

الابتكار الورقي يُسهم في تصميمات أكثر استدامة للأقمار الصناعية المستقبلية.

في الوقت الذي تتزاحم فيه الأقمار الصناعية القديمة وبقايا الصواريخ والأجزاء المحطمة حول مدار الأرض المنخفض، تزداد أزمة النفايات الفضائية تعقيدًا، وتخلق تحديات بيئية وهندسية لا تحصى. وسط ذلك الزحام الكوني، جاء اقتراح مبتكر من علماء يابانيين: لماذا لا نستبدل بعض التقنيات المعدنية الملوثة بتصاميم تشبه الطائرات الورقية المصنوعة من الورق، والتي تحترق تمامًا عند عودتها للأرض؟

تشير التقديرات إلى أن الفضاء القريب حول الأرض بات مكتظًا بأجزاء معدنية وصناعية انتهى عمرها التشغيلي، وهي تتسبب في مشكلات مضاعفة للسواتل الجديدة وأنظمة الملاحة الجوية وحتي شبكات الاتصالات. من جهة أخرى، يهدد حرق هذه المخلّفات عند دخولها الغلاف الجوي طبقة الأوزون بإطلاق مركبات كيميائية خطرة. وهكذا، أصبح البحث عن حلول تكنولوجية صديقة للبيئة وضروريّة للحفاظ على سلامة كوكبنا، وهو ما يدفع وكالات الفضاء والشركات الخاصة نحو ابتكار أقمار صناعية وصواريخ من مواد عضوية، مثل البوليمرات الطبيعية، بدلاً من المعادن.

وهذا التوجه نحو الاستدامة عزز من قيمة الدراسة الجديدة التي أعدها الباحثان ماكسيميليان بيرتيه وكوجيرو سوزوكي من جامعة طوكيو. أتت فكرتهما أبعد من مجرد التصميم، إذ استلهما من فن الأوريغامي الياباني وصنعوا نموذجًا لطائرة ورقية يُطلق من محطة الفضاء الدولية على ارتفاع 400 كيلومتر وبسرعة تقارب سرعة المحطة نفسها (7800 متر في الثانية)، لمعرفة مصير هذا النموذج عند دخوله للغلاف الجوي.


نتائج مثيرة: الورق يصمد في الفضاء ويذوب في الغلاف الجوي

وقد أظهرت المحاكاة أن الطائرة الورقية ظلت محافظة على توازنها وهي تنساب بهدوء عبر الفراغ الفضائي، مستفيدة من طريقة طيها الفريدة. بعد أربعة أيام تقريبًا من رحلتها، وحين وصلت للطول الذي يبدأ فيه الهواء بالاشتداد (حوالي 120 كيلومترًا عن سطح الأرض)، بدأت الطائرة تفقد السيطرة وشرعت بالدوران والاحتراق بسبب الحرارة الشديدة. التوقعات تشير إلى أنها تذوب تمامًا على ارتفاع يتراوح ما بين 90 و110 كيلومترات، أي قبل وصولها لسطح الأرض بفارق واسع، ما يمنع بقاء أي مخلفات ضارة في الجو أو على الأرض.

وبانتقالنا من النظري إلى التجريبي، قام الباحثان ببناء نموذج حقيقي من الورق مزود بذيل ألومنيومي، وجعلاه يواجه ظروف مرور الأجسام الجوية بسرعات فرط صوتية داخل نفق رياح عالي الحرارة. رغم أن مقدمة الطائرة انثنت وظهرت آثار احتراق طفيفة على الأجنحة، إلا أنها بقيت متماسكة طوال مدة الاختبار القصيرة. يشير هذا إلى أن مدة بقاء هذه الأجسام الورقية في الغلاف الجوي كافية لتتحلل بالكامل دون أن تشكل أي مصدر تهديد، بينما لو طالت فترة التعرض لانهارت تمامًا وحافظت على مبدأ "عدم التلوث".

ويتضح هنا أن فهمنا المتنامي لسلوك المواد العضوية في الفضاء يمكن أن يرسم سياسة جديدة لإدارة النفايات الفضائية، وهو حل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالطموحات البيئية المستقبلية لصناعة الفضاء حول العالم. إذ يعتمد نجاح هذه التجارب على مدى قدرتها على إلهام تصميمات للأقمار الصناعية الصغيرة أو أدوات جمع البيانات المناخية التي تحترق تمامًا أثناء عودتها لطبقات الجو، وتخفض المخاطر البيئية التي يفرضها الحطام المعدني التقليدي بمرور الزمن.

ذو صلة

إذا نظرنا لتكامل مثل هذه الحلول الورقية الحيوية مع مشاريع التطوير الفضائي المستدام الأوسع، نجد أن القواسم المشتركة بينها تتمثل في الرغبة بتوفير تقنيات فضائية مسؤولة تترك أثرًا بيئيًا أخف وطأة وتضمن أمان سكان الأرض. فكلما ازداد فهمنا لطبيعة احتراق المواد البسيطة وتسجيل سلوكها في الغلاف الجوي، أمكننا وضع معايير جديدة للأمان ونماذج مبتكرة لتحسين الجودة النوعية للأقمار الصناعية المستقبلية.

في النهاية، يمكن القول بأن الأفكار البسيطة أحياناً تحمل مفاتيح حلول جذرية لعقد قضايا العصر، فطائرة ورقية "عابرة للمدار" قد تكون أكثر نفعًا وأقل ضررًا من معادن باهظة لا تتحلل بسهولة. ربما إذا تكررت التجارب أو استخدمت أنواع أوراق أو بوليمرات عضوية أقوى قليلاً وتحلل أسرع، سنشاهد قريبًا تحولاً في شكل ونوعية الصناعات الفضائية ككل. ولا بأس لو ركز الباحثون مستقبلًا في اختباراتهم على الربط بين خصائص المواد وسرعة الاحتراق لتطوير نماذج أفضل، أو تعميق التحليل في أسطر التقارير لتوضيح الفروق بين المواد العضوية والمعادن التقليدية في هذا المضمار.

ذو صلة