اكتشاف أحفوري مذهل: أدمغة العناكب ظهرت أولاً في أعماق البحار قبل غزو اليابسة!

3 د
اكتشف باحثون تشابهًا بين أدمغة أحفورة بحرية عمرها نصف مليار عام والعناكب الحالية.
يؤكد الاكتشاف أصول العناكب البحرية، مغيرًا النظرة التقليدية لكونها كائنات برية.
يمتاز الجهاز العصبي للعناكب بتعقيده، مما مكنها من الهيمنة على بيئات مختلفة.
يُعتقد أن مطاردة العناكب للحشرات حفّز تطور الطيران عند الحشرات للهروب منها.
هل توقعت يوماً أن العناكب التي نراها اليوم في زوايا منازلنا قد بدأت طريقها الطويل فوق رمال المحيطات وقاع البحار؟ بحث علمي جديد يعيد رسم خريطة تطور هذه الكائنات المدهشة، ويضع منشأ أدمغتها الفريدة في قلب المحيطات، قبل ملايين السنين من زحف أسلافها نحو اليابسة.
اكتشف فريق بحثي مشترك من جامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا تشابهاً ملفتاً بين دماغ أحفورة بحرية عمرها نصف مليار عام من نوع يُدعى "موليسونيا سيمتريكا" وبين أدمغة العناكب والعقارب الحالية. هذه النتيجة قلبت الطاولة على النظريات التقليدية التي كانت تصف العناكب دوماً ككائنات برية، بنسب تعود إلى أسلاف عاشوا فوق الأرض. وبهذا الاكتشاف، تعيد الأبحاث الحالية إثارة الجدل القديم حول جذور العناكب، وتفتح نافذة واسعة على عالم الأحافير والبيولوجيا البحرية.
رابط جيني بين عناكب البحر واليابسة
ما الذي يجعل هذا الكشف محورياً؟ في سياق البحث الدائم حول أصول العناكب ومجموعة الكائنات المعروفة باسم "الكيليسيرات" التي تضم أيضاً عقارب البحر وسرطانات حدوة الحصان، واجه العلماء دوماً صعوبة بسبب نقص أحافير واضحة تروي قصة التحول البيئي من البحر إلى اليابسة. الفريق البحثي تَمكن عبر مجهر ضوئي متقدم من تصوير الجهاز العصبي المركزي لأحفورة "موليسونيا سيمتريكا" بدقة، واكتشف نمطاً مميزاً يماثل إلى حد كبير تقسيمات دماغ العناكب الحالية وليس ذلك الخاص بسرطان حدوة الحصان أو القشريات أو الحشرات.
هذا يشي بأن مسار تطور الدماغ العنكبوتي بكل تعقيداته الفريدة لم يكن وليد البر، بل تطور في البيئات البحرية القديمة، ومن ثم حملته العناكب معها في انتقالها التاريخي إلى اليابسة. من هنا، يتضح كيف يرتبط هذا الكشف بموضوع الانفصال التطوري المبكر للعناكب عن بقية أقربائها البحريين، ويقلب الافتراضات السائدة حول ظهورها الأول.
أدمغة معقدة... ومهارات جديدة
إذا انتقلنا للحديث عن أهمية ذلك من زاوية الوظائف، نلاحظ أن الجهاز العصبي المثير للدهشة الذي ظهر لدى "موليسونيا" منحها قدرة على تنسيق حركة الأرجل الكثيرة والملاقط الفموية، الأمر الذي ربطه العلماء بتحول لاحق عند العناكب البرية حيث تحولت هذه الملاعق إلى أنياب شهيرة. يرجح المختصون أن هذا التطور العصبي كان نقطة مفصلية مكنت سلالة العناكب وذوات الأرجل الكثيرة من الهيمنة على بيئات جديدة، والصيد بمرونة، وربما افتراس الحشرات الأولى التي ظهرت على اليابسة.
ومن المثير أيضاً أن بعض العلماء يعتقد أن مطاردة العناكب المبكرة لحشرات الأرض كان هو الحافز الرئيسي الذي دفع الحشرات لاحقاً لتطوير الأجنحة والطيران هرباً من مفترسيها، الأمر الذي يوضح الترابط الوثيق والتأثيرات المتبادلة بين الكائنات في سباق البقاء عبر العصور.
هل دفع نجاح العناكب البحريات الحشرات للتحليق؟
ولا بد هنا أن نلاحظ أن استمرارية التطور وتنوع أدمغة العناكب وحواسها ساعدت أفرادها لاحقاً على غزل الشباك ومعالجة الفرائس بمهارة، وأتاحت لها التكيف والصمود في شتى أنواع البيئات. من قاع البحار مروراً بالغابات حتى حواف أسقف منازلنا اليوم، نلحظ أثر هذا الابتكار العصبي الفريد وما أتاحه للعناكب من مرونة استثنائية في الانتشار والبقاء.
وترتبط هذه السلسلة من الاكتشافات بإمكانية تفسير نشأة بعض السلوكيات البيولوجية المعقدة مثل غزل الشباك وشراسة الاصطياد بحساسية عالية، وظلت محور اهتمام الباحثين في علم الحفريات والأعصاب التطورية، خاصة وأن كل حلقة جديدة تعيد رسم المسار التاريخي للعناكب وأقاربها.
في الختام، يعيد هذا البحث رسم صورة العناكب، ليس فقط كمفترسات ماهرة للبر، بل كسلالة عريقة بدأت مغامرتها التطورية في أعماق البحار قبل أن تحتل اليابسة بقدراتها العصبية الاستثنائية. ولعل استخدام مرادفات مثل "كيليسيرات"، "أحفورة"، "جهاز عصبي"، و"انتقال بيئي" يعطي النص كثافة علمية أقوى توضح تداخل العلوم في تفسير قصة تطور الكائنات. كما أن تضييق تركيز الفقرات وربطها عبر جمل انتقالية، مثل التنويه بأن التحول في الدماغ مهد الطرق أمام تكيفات سلوكية لاحقة، يحقق تدفقاً سردياً يجعل الموضوع أكثر جاذبية للقراء. ربما ينصح هنا باستخدام كلمة "نشوء" بدلاً من "ظهور" في بعض المواضع لإبراز البعد التاريخي المستمر للعملية التطورية.