اكتشاف جديد: ناسا تفسر لماذا لم نجد حياة على المريخ بعد؟

3 د
يعتقد العلماء أن المريخ كان يملك الماء السائل في الماضي.
تم اكتشاف صخور غنية بالكربونات تُثبت وجود لحظات حياة محتملة.
ضعف النشاط البركاني أدى إلى عدم وجود دورة كربون متوازنة.
يخطط العلماء لجلب عينات صخرية من المريخ لتحليلها مستقبلاً.
البحث يساهم في معرفة مدى شيوع نشأة الحياة في الكون.
بعيدًا عن القصص الخيالية وأفلام الخيال العلمي، يظل كوكب المريخ مكانًا مثيرًا للفضول العلمي على مر العقود، وخاصة مع التساؤل الملح: "لماذا لم نتمكّن حتى الآن من إيجاد حياة هناك، مع كل ما نعرفه عن ماضيه المحتمل؟". في هذا السياق، يحمل بحث جديد تم إصداره مؤخرًا إجابة قد تعطي مفتاحًا رئيسيًا لفهم هذا الغموض.
لغز الماء على الكوكب الأحمر وغيابه المحير
في اللحظة الراهنة، يُعتقد أن المريخ يمتلك كل المقومات الأساسية للحياة باستثناء أهم العناصر على الإطلاق—الماء السائل. لكن في المقابل، تظهر بوضوح تضاريس المريخ قنوات أنهار جافة وبحيرات سبق وأن امتلأت بالماء، ما يُشير إلى أن الماء بالفعل تدفق في وقت ما على جارنا الكوكبي الأقرب.
وهنا يأتي دور "كيريوسيتي"، العربة الفضائية التابعة لوكالة ناسا، والتي تمكنت حديثًا من إضافة القطعة الناقصة: فقد اكتشف الروفر وجود صخور غنية بمواد كربونية تسمى بالكربونات، مثل الحجر الجيري الموجود على سطح الأرض، والتي تعمل مثل الإسفنج الذي يمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي ويحبسه داخل تشكيلات صخرية.
هذا الاكتشاف لم يمر مرور الكرام، حيث أكّد الباحث الرئيسي في الدراسة، إدوين كايت، عالِم الكواكب بجامعة شيكاغو وعضو فريق كيريوسيتي، أن هذه الأدلة تشير إلى وجود "لحظات عابرة من الحياة الملائمة في بعض الأماكن والفترات"، لكن المشكلة الأساسية هي أن هذه اللحظات كانت استثنائية وقصيرة الأمد مقارنة بالفترات الجافة والطويلة التي هيمنت على المريخ.
لماذا لم يستمر الماء بالتدفق على المريخ؟
ولفهم سبب عدم استقرار الماء لفترات طويلة، تصور الباحثون دورة الكربون على كوكب الأرض: فعندما ينحبس ثاني أكسيد الكربون في صخور الكربونات، تطلقه البراكين مجددًا للغلاف الجوي؛ ما يُبقي البيئة دافئة وبدرجات حرارة مناسبة لاستدامة الماء السائل، وبهذا يتوازن النظام.
لكن المريخ، بحسب قول الباحثين، لم يتمتع بنفس مستوى النشاط البركاني بإطلاق الكربون المخزن. وهنا يكمن الفرق الجوهري، فمع نشاط بركاني ضعيف، لم تكن دورة الكربون متوازنة، فانخفضت درجات الحرارة تدريجيًا وجف الماء الذي كان موجودًا في يوم ما على سطح الكوكب، لتتحول أراضيه تدريجيًا إلى صحارى قاحلة لا تستطيع إدامة الحياة لملايين السنوات المتتالية.
وهذا الاكتشاف يفتح المجال لمعرفة ما إذا كانت هناك أمكنة تحت الأرض، مازالت تحتوي على مياه سائلة لا نعرف بعد بوجودها، وفقًا لفريق الباحثين.
التطلع لخطوة مستقبلية حاسمة
في السنوات الأخيرة، سجّل روفر آخر تابع لوكالة ناسا، وهو "بيرسيفيرانس"، الذي هبط بنجاح على سطح المريخ عام 2021، اكتشافات مشابهة لكربونات على أطراف بحيرات جافة. ويعتقد العلماء أن الخطوة الكبيرة القادمة لتحقيق فهم أعمق تكمن في نقل عينات من هذه الصخور المريخية إلى الأرض. وفي هذا المضمار، تتسابق الولايات المتحدة والصين لإنجاز هذه المهمة خلال العقد المقبل.
هذا السباق المحموم نحو جلب عينات من المريخ يمثل خطوة حيوية في فهم التاريخ الكوكبي للمريخ والكواكب بشكل عام، إذ أنه من بين آلاف الكواكب المكتشفة خارج المجموعة الشمسية، لا يزال كوكبا الأرض والمريخ الوحيدان اللذان يمكننا دراسة تفاصيل الصخور فوقهما مباشرة.
ومن ثمّ، فإن نتائج هذه الأبحاث ستحدد مدى سهولة أو صعوبة نشأة الحياة في كواكب أخرى، إذا ما تم تأكيد أن الحياة لم تظهر أبدًا على المريخ رغم توفر الماء لفترات محدودة، فإن هذا يشير إلى أن الحياة ليست سهلة التشكل والانتشار في الكون كما اعتقدنا سابقاً.
وفي ختام رحلتنا عبر هذا الاكتشاف اللافت، يبدو واضحًا بأن الإجابة على أسئلة المريخ وطبيعة الحياة باتت قريبةً أكثر من أي وقت مضى؛ فرغم العقبات، تستمر الأبحاث والعلماء في الاقتراب من لحظة الحقيقة. ربما يمكن توضيح بعض الجوانب الغامضة في المقال بمقارنات قريبة للقارئ ليستوعب بسهولة أكبر، مثل مقارنة ضعف النشاط البركاني على المريخ بالنشاط القوي على كوكب الأرض لتبسيط التوضيح. وبالطبع، فإن استبدال بعض المصطلحات العلمية بأخرى أبسط قد يجعل النص أكثر سلاسة ومقبولاً للقارئ العربي، ولكن دون التضحية بالدقة والحقائق الصحيحة.