ذكاء اصطناعي

اكتشاف قرش غريب يربك العلماء… لا أثر له في أي سجل!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

تفاجأ صيادون فلبينيون بقرش رملي صغير في شباكهم، وهو أول توثيق لهذا النوع هناك.

الباحثون أكدوا احتمالية وجود مناطق حضانة في المياه الساحلية للفلبين.

التحليل المورفولوجي والباركود الجيني عَزّزا مصداقية تحديد النوع بشكل دقيق.

الدراسة سجلت 14 نوعًا بحريًا مختلفًا في الأسواق والموانئ المحلية.

القروش الرملية معرضة لخطر الانقراض، وتحتاج لتنظيم صيادي ومستدام لحمايتها.

في مشهد غريب يبدو وكأنه مأخوذ من فيلم وثائقي، فوجئ صيادون محليون في منطقة فيساياس الغربية بالفلبين عندما علِق في شباكهم قرش صغير بعيون بارزة بشكل لافت. هذا الاكتشاف لم يكن عادياً، إذ أكّد فريق بحثي أنّه التوثيق الأول على الإطلاق لوجود **قروش رملية (Carcharhinus plumbeus)** في مياه البلاد.

الخبر لفت انتباه الباحثين لأن هذه الأنواع لم تُسجَّل من قبل في الفلبين، ورغم انتشارها في مصايد عديدة حول العالم، إلا أن حساسيتها العالية للصيد المفرط تضعها دائماً في دائرة الخطر. وهذا الربط يقودنا إلى بداية بحث علمي موسّع امتد لعامين لرصد الأنواع الغضروفية، مثل القروش والشفانين، في الأسواق المحلية.


ولادة جديدة في المياه الضحلة؟


الفريق البحثي بقيادة روكسان كابيبي-بارنوفو من جامعة الفلبين فيساياس أوضح أن العينات الثلاث التي وصلت إلى الأسواق كانت صغيرة للغاية، تراوح طولها بين 35 و38 سنتيمتراً، أي أقصر من الطول المعروف عند ميلاد هذا النوع عادة. هذه الملاحظة تفتح الباب أمام احتمال وجود **مناطق حضانة أو موائل تكاثرية** في المياه الساحلية، وهو مؤشر مثير للقلق إذا كانت المصايد الصغيرة تؤثر مباشرة في أعداد حديثي الولادة.

ومن هنا تتضح أهمية الفحص الدقيق باستخدام **التحليل المورفولوجي والباركود الجيني**، حيث أجرى العلماء مقارنة دقيقة بالحامض النووي مع عينات مرجعية لضمان التحديد الصحيح للنوع. هذا الدمج بين الأنظمة الكلاسيكية والتقنيات الحديثة عزز من مصداقية النتائج.


مراقبة الأسواق كأداة علمية


اللافت أن هذه الدراسة اعتمدت على مراقبة ما يظهر في الأسواق والموانئ المحلية، وشراء الأسماك مباشرة من الصيادين لمراجعتها مخبرياً. هذه الطريقة البسيطة لكنها ذكية تمنح الباحثين نافذة على ما يجري في البحر بعيداً عن أعين القوانين أو الإحصاءات الرسمية. وتشير النتائج إلى تسجيل 14 نوعاً مختلفاً، من بينها قروش شبحية وشفانين وقطط بحرية، بل وحتى نوعين جديدين لم يتم وصفهما بعد.

وهذا التنوّع المفاجئ يؤكد أن الفلبين قد تكون موطناً خفياً لأنواع لم تنل نصيبها من التوثيق العلمي، ما يفرض تحديات جديدة في سبيل **حماية التنوع البيولوجي البحري**.


القروش الرملية بين الاقتصاد والخطر


وفقاً للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN)، القروش الرملية مدرجة حالياً كنوع “مُعرض للانقراض”. فهي تنمو ببطء وتتكاثر بأعداد محدودة، الأمر الذي يجعل أي ضغط صيدي سبباً مباشراً في انخفاض أعدادها بشكل حاد. ومع ذلك، يجذبها الاقتصاديون في قطاع الصيد لاعتدال حجمها وجودة لحمها وإقبال الأسواق على زعانفها مقارنة بجسمها.

ذو صلة

هذا التناقض بين القيمة الاقتصادية والخطر البيولوجي يفرض على السلطات تحدياً حقيقياً: كيف يمكن تنظيم هذه المصايد الصغيرة بحيث لا تلتهم مستقبل النوع قبل أن نتمكّن من حمايته؟

في ختام القصة، يمكن القول إن ظهور القروش الرملية الصغيرة في الفلبين أشبه بجرس إنذار علمي. فهو يكشف عن منطقة جديدة محتملة لتكاثر هذا النوع المهدد، وفي الوقت نفسه يذكّرنا بمدى هشاشة التوازن البحري. وإذا لم يتم تدارك الأمر بحماية المناطق الساحلية ووضع ضوابط أكثر صرامة للصيد، قد يتحول هذا الاكتشاف النادر من مفاجأة علمية إلى بداية حكاية اختفاء مؤسف.

ذو صلة