اكتشاف مذهل: أسماك القرش الزرقاء قادرة على تغيير لونها تحت الماء بتقنية النانو!

3 د
تغير أسماك القرش الزرقاء لونها باستخدام تركيبات نانوية متطورة في جلدها.
يستخدم جلد القرش "الحراشف الجلدية الصغيرة" التي تحتوي على بلورات "الغوانين" و"الميلانين".
تحقق الفريق من جامعة سيتي في هونغ كونغ اكتشافهم باستخدام تقنيات متقدمة.
التغييرات الطفيفة في ترتيب البلورات تساعد القرش في التكيف مع البيئة المائية العميقة.
يقدم هذا البحث إمكانيات لتصميم مواد جديدة قابلة للتكيف مع البيئة بشكل مستدام.
هل فكرت يوماً لماذا تبدو أسماك القرش الزرقاء متألقة بهذا اللون الأزرق الساحر؟ ليس فقط جمالاً، بل يمتلك جلدها أسراراً نانوية تجعله قادراً على التغير بلون مختلف حسب الظروف البيئية المحيطة. في إنجاز علمي لافت، وجد العلماء أن هذه الأسماك تستخدم تركيبة دقيقة من المواد النانوية داخل الحراشف الجلدية لتكوين لونها الأزرق النادر، وأيضاً لتغيير درجات هذا اللون مع الضغط الذي يتعرض له جسمها تحت الأعماق.
بداية، أوضح الفريق من جامعة سيتي في هونغ كونغ، بقيادة الباحثة فيكتوريا كامسكا والبروفيسور ميسون دين، أن السر يكمن في جزء صغير يعلو جلد القرش يُسمى «الحراشف الجلدية الصغيرة»، والتي تحتوي على كريستالات خاصة من «الغوانين» وجزيئات من «الميلانين». الغوانين يعمل كمادة عاكسة للون الأزرق من الطيف الضوئي، في حين يتعامل الميلانين مع امتصاص باقي الألوان. والنتيجة هي تلك الدرجة الزرقاء الرائعة.
وهنا يكمن السحر الحقيقي: ليست هذه المكونات جامدة، بل إنها قادرة على التكيف وإحداث تغييرات بسيطة في ترتيبها الفراغي، حيث يُمكن أن تتقارب أو تتباعد كريستالات الغوانين تحت ضغط المياه الشديد، مما يُؤدي إلى تغير طفيف، ولكنه واضح، في لون جلد القرش.
رحلة اكتشاف مذهلة إلى عالم النانو
وللوصول إلى هذه النتيجة، استخدم الفريق أدوات وتقنيات متقدمة مثل المجاهر الإلكترونية والبصرية وتقنيات التحليل الطيفي، مزيج سمح لهم بالوصول إلى أدق التفاصيل، حتى النانومتر منها (وهو جزء من مليار جزء من المتر). هذا المزيج من الطرق البحثية مكن العلماء من الكشف عن بنية المواد النانوية التي تنتج الألوان الزرقاء وتحديد آلية عملها الدقيقة.
ليس هذا فحسب، بل إن الفريق استعان أيضاً بالمحاكاة الحاسوبية المتقدمة، والتي أتاحت لهم فهم أثر أي تغييرات دقيقة في تصميم وترتيب هذه الكريستالات على اللون الناتج. هذه التقنيات المتطورة قد تفتح أبواباً واسعة لإلهام تقنيات تصميم جديدة في المستقبل.
ومن النقاط المثيرة للاهتمام أن تغير لون القرش الأزرق له أغراض عملية مهمة وليس أمراً جمالياً فحسب. فعلى سبيل المثال، عندما يغوص القرش إلى عمق أكبر، يمكن أن تؤدي ضغوط المياه الكبيرة إلى تقارب البلورات الدقيقة في جلده، مما يمنحه لوناً أغمق، وبالتالي يساعده ذلك على التكيف بشكل أفضل مع محيطه والأعماق الظلامية، ومنحه نوعاً من التمويه الدفاعي أو الهجومي.
وهذا الاكتشاف يأخذنا نحو مرحلة جديدة من دراسة تصاميم الطبيعة المتطورة، والتي جمعت بين خصائص متعددة كمقاومة الاحتكاك مع المياه، والحفاظ على النظافة، وحتى التمويه الذكي الذي يسمح بتغيير اللون. ماذا يعني هذا لنا نحن البشر؟ يعني أن علماء المواد بإمكانهم في المستقبل استخدام هذه الفكرة الطبيعية المبتكرة لخلق مواد جديدة قابلة للتكيف مع البيئة، وربما تطبيقها في الأنظمة المائية أو صناعات الغوص والبناء تحت الماء.
ويشير الباحثون إلى أهمية استخدام الألوان الهيكلية التي تعتمد على تركيبات نانوية، بدلاً من الأصباغ الكيميائية التقليدية التي قد تكون ضارة بالبيئة. هذه الطريقة ليست فقط مفيدة في التقليل من المخاطر البيئية، ولكنها تفتح المجال أيضاً لاستخدام دروس الطبيعة في تطوير تقنيات حديثة مستدامة.
وفي الختام، كشف هذا البحث جانباً شيّقاً من عملية تطورية استغرقت ملايين السنين في أسماك القرش، ما يضعنا أمام فرص عديدة للاستفادة من أسرار الطبيعة. ولعل تعزيز الربط بين الأبحاث المختبرية والملاحظات الواقعية عن كيفية تغير القرش للونه في المحيطات سيساعدنا في فهم هذه العملية بشكل أوضح وأكثر شمولاً في المستقبل.