ذكاء اصطناعي

اكتشاف مذهل لحيوان ما قبل التاريخ عاش على الأرض قبل 259 مليون سنة

محمد كمال
محمد كمال

4 د

اكتشف الباحثون نوعًا قديمًا يُسمى "ينشانوصورس أنغستوس" عاش قبل 259 مليون سنة.

هذا الاكتشاف يساعد في سد فجوة في السجل الأحفوري للزواحف النباتية الضخمة.

تميّزت الجمجمة بشكل فك وأسنان غير معتاد مقارنةً بالزواحف الكبيرة الأخرى.

التقنيات الحديثة ساعدت في تحليل الهيكل الداخلي والخارجي للحيوان المكتشف.

البيئة الصعبة في قارة بانجيا ساهمت في الحفظ الدقيق لهذه الحفريات.

تخيّل أنك تمشي في أرض كانت نابضة بالحياة منذ ملايين الأعوام، وتلتقي أثناء جولتك بحيوان لم ترَ مثله من قبل؛ هذا بالضبط ما شعر به الباحثون حينما اكتشفوا مؤخراً حيواناً عتيقاً عاش منذ حوالي 259 مليون سنة في منطقة شمال الصين.

الحيوان الجديد، والذي سُمي "ينشانوصورس أنغستوس" (Yinshanosaurus angustus)، لفت انتباه علماء الحفريات بعد عثورهم على جمجمتين شبه كاملتين في حفريات داخل حجر الطمي الأرجواني في منطقتي شانشي ومنغوليا الداخلية بالصين. هذا الاكتشاف يُعتبر إنجازاً مهماً، يساعد الباحثين على ملء فجوة كانت موجودة في السجل الأحفوري لعائلة الزواحف النباتية الضخمة التي عاشت قبيل أكبر انقراض جماعي في تاريخ الأرض.


ملامح غير مألوفة تثير دهشة العلماء

كانت الجمجمة الأولى التي جرى فحصها لا تتجاوز في طولها 25 سنتيمتراً تقريباً، ولا يزيد عرضها عن نصف هذا الطول، وهو ما يجعلها صاحبة الرأس الأضيق بين جميع أقربائها المعروفين باسم "البارياصورات" pareiasaurs. هذا لم يكن الأمر الوحيد الغريب، فقد لاحظ الباحثون أن شكل عظم الفك والأسنان غير معتاد أبداً مقارنة بغيرها من الأنواع القريبة، فمثلاً كانت أسنان الفك العلوي عمودية الشكل، وليست مائلة للخلف كما هي في الأنواع الأخرى القريبة.

وهذا الكشف المثير جعل الباحثين يعيدون النظر في علاقات هذا الحيوان بعائلته الأوسع، فهم يعرفون جيداً أن البارياصورات كانت زواحف كبيرة الجسم تشبه البراميل تمتاز برؤوس مزينة بعقد عظمية. وعاشت هذه الزواحف الكبيرة وتتغذى على النباتات في عصر البرمي، قبل حوالي 260 مليون سنة، وكانت موجودة في عدة مناطق من العالم الحالي، مثل جنوب أفريقيا وروسيا.

وهذا الاكتشاف يرتبط ارتباطاً مهماً برصد تاريخ الحياة على كوكبنا، فهو يوضح بشكل أوضح التغيرات البيئية الكبيرة التي سبقت وأدت بالنهاية إلى أكبر انقراض جماعي شهدته أرضنا على الإطلاق، والذي هلك خلاله حوالي 90% من الأنواع البحرية و70% من كائنات اليابسة.


ظروف صعبة فرضتها قارة بانجيا

ولكي نفهم الصورة كاملة، لا بد أن نتحدث قليلاً عن قارة بانجيا القديمة، التي كانت تدمج كافة القارات المعروفة اليوم في زمن واحد. انشانوصورس عاش في المنطقة الشمالية من قارة بانجيا، التي اتسم مناخها بتقلبات مناخية حادة بين الصيف الحار والجاف والشتاء القارس، ما دفع عدداً كبيراً من الحيوانات والنباتات إلى ضرورة التأقلم أو الاختفاء من هذا العالم المتقلب.

وقد لعبت البيئة الصعبة عاملاً مهماً في الحفاظ على هذه الحفريات، حيث ساهمت الفيضانات المفاجئة في دفن الهياكل بسرعة فائقة تسمح لنا حالياً برؤية هيكل عظمي محفوظ بطريقة استثنائية.

هذا الحفظ المذهل منح العلماء فرصة غير مسبوقة لتحليل العظام والهياكل والأوعية الدموية الداخلية، ما مكّنهم من اكتشاف وجود براعم أسنان قيد التطوير أسفل الأسنان البالية لدى "ينشانوصورس"، مما يشبه إلى حد كبير آلية تجديد الأسنان في سحالي العصر الحديث.

وتربط الدراسات التفصيلية التي قام بها العلماء بين هذه المخلوقات وعالمنا الحالي، حيث ربما استُخدمت أشكال العظام المختلفة والنمو الموسمي في التعرف على أفراد النوع والتزاوج، بشكل مشابه لما يحدث مع كائنات حديثة قريبة.


تقنيات متقدمة تفتح آفاقاً جديدة لعلم الحفريات

التقنيات الحديثة كانت هي المساعد الحقيقي في تحقيق هذا الاكتشاف المذهل. فلقد استخدم الباحثون المسح بالتصوير الطبقي المحوسب (الأشعة المقطعية)، وبرمجيات نمذجة ثلاثية الأبعاد لتحليل الهيكل الداخلي والخارجي للحيوان. هذه النماذج الرقمية أصبح لها الآن مساحة على قاعدة البيانات المفتوحة التي تستضيفها الأكاديمية الصينية للعلوم، الأمر الذي يُمكّن علماء من بلدان مختلفة من تحليل تلك النماذج ومقارنتها دون الحاجة إلى نقل القطع الأثرية الحساسة والهشة.

وبالنسبة لخطوات الباحثين المقبلة، فهم يخططون للبحث في طبقات الصخور الأحدث قليلاً، على أمل دراسة الحيوانات التي نجت أو التي فُقدت في فترة الانقراض الجماعي نهاية العصر البرمي. وستكون أدواتهم في هذه المهمة المتقدمة هي الطائرات المسيّرة (الدرون) والتصوير الجوي ثلاثي الأبعاد، والتي يمكن أن تساعدهم على رسم خريطة أوضح لهذه التكوينات الصخرية والوصول لفهم أفضل حول طبيعة هذه الحيوانات وبيئتها.

ذو صلة

هذه القصة التي بدأت باكتشاف حفرية صغيرة، انتهت بفتح باب واسع لفهم مدى قدرة الحياة القديمة على التأقلم مع ظروف مناخية قاسية، وهو ما يذكرنا نحن البشر اليوم بأهمية المحافظة على الاتزان البيئي في مواجهة التغيرات المناخية المتسارعة.

في الختام، فإن الاكتشاف الكبير لحيوان "ينشانوصورس أنغستوس" يعمّق معرفتنا بأنواع الحيوانات القديمة، ويذكرنا كم أنه مذهل التعرف على القصص التي تختبئ خلف هذه الهياكل القديمة. وربما يكون إضافة مترادفات أقوى أو جمل ربط واضحة وسيلة لطيفة لتعزيز وضوح النص وسهولة تتبعه، وكذلك لضمان بقاء القارئ متصلاً بالسرد فيما لو احتجنا لنشر تقارير المستقبل.

ذو صلة