الأرض لم تكن بقمَر واحد… قمر خفي يكشف فضيحة علمية مدوية!

3 د
كشف العلماء عن «2025 PN7»، صخرة فضائية ترافق الأرض منذ 60 عامًا.
تم رصد الجسم لأول مرة بواسطة مرصد «بان ستارز» في هاواي.
يبلغ حجم «2025 PN7» حوالي 19 مترًا ويظهر في كوكبة «السمكة الجنوبية».
ظاهرة الشبه أقمار تعكس تعقيد الحركة الفضائية بين الكواكب والكويكبات.
هل تخيلت يومًا أن هناك جرمًا سماويًا يسافر جنبًا إلى جنب مع الأرض حول الشمس، دون أن نلاحظه كل هذه السنوات؟ هذا ما كشفه العلماء مؤخرًا باستكشافهم لصخرة فضائية يطلق عليها اسم «2025 PN7»، والتي ظلت برفقة كوكبنا على مدار ستة عقود كاملة، وتخطط للبقاء بقربنا لستين سنة أخرى قبل أن تبتعد في صمت.
في كل مرة نحدق فيها إلى السماء لنتتبع النجوم والكواكب، نعتقد أن القمر هو الرفيق الوحيد للأرض، لكن العلماء أكدوا أن هناك «أشباه أقمار» تشاركنا الرحلة السنوية حول الشمس. المحطة الأولى في قصة هذا المكتشف الجديد كانت مرصد «بان ستارز» الفلكي في هاواي، الذي رصد جسمًا صغيرًا يتحرك بحذر على مشارف كوكبنا في أغسطس 2025. بعد الفحص الدقيق، عاد الباحثون إلى أرشيف الصور الفلكية ليتتبعوا أثار «2025 PN7» منذ عام 2014، ليكتشفوا أن هذا الكويكب يرافق الأرض بالفعل بشكل مستقر منذ 60 سنة تقريبًا.
تميز هذا الجسم الفضائي عن غيره بحجمه المتواضع البالغ 19 مترًا تقريبًا (أي ما يعادل مبنى من ستة طوابق)، وبُعده الشاسع الذي يتراوح بين 4.5 و60 مليون كيلومتر عن كوكبنا، حيث يظهر في كوكبة «السمكة الجنوبية» التي يراها المراقبون في نصف الكرة الجنوبي. هذا الكشف يفتح النقاش حول أنواع الأجرام التي تشارك الأرض رحلتها دون أن تتبعها مباشرة، ويمنحنا لمحة جديدة عن كيفية عمل الجاذبية الأرضية وعلاقتها بتلك الأجسام الشاردة.
ما هو القمر الشبه المصاحب؟
بينما يعتقد البعض أن القمر هو الجسم الوحيد الذي يدور حول الأرض ويشاركها مدارها، تكشف لنا الديناميكا السماوية عن نوع خاص من الأجرام يُسمى «الشبه قمر». يطلق هذا المصطلح على أي كويكب أو جسم قريب من الأرض يتأثر بجاذبيتها فيبقى قريبًا من مدارها حول الشمس، لكن دون أن يخضع لقوة الجذب الكافية للدوران حول الكوكب نفسه. بكلمات أبسط، الشبه قمر يواكب الأرض في جولتها السنوية حول الشمس، ويبقى «رفيق سفر» مؤقت أكثر منه تابع مخلص كالقمر.
من هنا يتضح أن «2025 PN7» ليس القمر الثاني للأرض بالمعنى التقليدي، لكنه ينتمي لنخبة ضئيلة من الأجرام تسمى «الكويكبات القريبة من الأرض» والتي ترافق كوكبنا في مدارات متشابكة دون أن تقع أسيرة جذبها التام.
وبالتوازي مع هذا المفهوم، يجدر التفريق بين «الشبه قمر» و«القمر الصغير» أو ما يسمى أحيانًا بـ«الميني-موون». القمر الصغير هو كويكب صغير غريب يأتي ليجذب مؤقتًا بفعل الجاذبية الأرضية، ليدور حول الكوكب لمدة أسابيع أو أشهر قبل أن يفلت من أسر هذه الجاذبية ويواصل طريقه في الفضاء.
هل سبق للأرض أن امتلكت أقمارًا مصاحبة أخرى؟
بالاستناد إلى الأبحاث الفضائية والرصد المتواصل، وجد العلماء أن الأرض قد صاحَبَها عبر تاريخها بضعة أشباه أقمار وكويكبات قريبة منها، لعل أشهرها ما يعرف بـ«كاموأواليفا» أو «2016 HO3». هذا الجسم اكتُشف عام 2016، وهو أكبر من «2025 PN7» ويبلغ قطره قرابة 100 متر. تسعى بعثة صينية حديثة تحمل اسم «تيان وين-2» للاقتراب من «كاموأواليفا» وجمع عينات منه، بهدف تقديم مفاتيح جديدة لفهم نشأة النظام الشمسي.
بهذه الاستكشافات، يتضح أن ظاهرة الشبه أقمار ليست نادرة، وإنما تعكس طبيعة معقدة للحركة في الفضاء بين الكواكب والكويكبات، كما تلهم الباحثين بتقصي أصل وتطور المجموعة الشمسية وأجرامها الصغيرة.
هذا الربط يستعرض كيف أن اكتشاف أشباه الأقمار يفتح نافذة جديدة لفهم خفايا البيئة الفضائية المحيطة بكوكبنا والفرص العلمية المستقبلية الكامنة فيها.
في الختام، يمكن القول إن اكتشاف «2025 PN7» يعيد رسم حدود معرفتنا بجيران الأرض غير المرئيين ويمنحنا درسًا جديدًا في أسرار الجاذبية والعلاقات بين الكواكب والكويكبات. ربما يحمل المستقبل مفاجآت أخرى فيما يخص رفاق الرحلة التي لا تراها العين، ما يحفز العلماء على متابعة البحث والتنقيب في أرشيف السماء، عسى أن نعثر على دليل جديد يعيد كتابة قصة الأرض ومرافقيها من الأجرام الضائعة في الفضاء.









