الذهب قد ينفد خلال 15 عاماً فقط.. علماء يكشفون كيف وصلت المعادن النفيسة من أعماق الأرض إلى سطحها

3 د
قد ينفد الذهب خلال 15 عامًا فقط بسبب محدودية الاحتياطيات الاقتصادية الحالية.
يُعتقد أن الذهب جاء من أعماق الأرض عبر "أعمدة الوشاح" الجيولوجية.
شهدت جزيرة هاواي وجود معادن نادرة تشير لوصول مواد من نواة الأرض.
توفر الذهب يرتبط بحركات جيولوجية نشطة تثبت أن النواة ليست معزولة تمامًا.
يتطلب الوضع إعادة النظر في استهلاك الذهب وإعادة التدوير وتقنيات التعدين المستدامة.
لطالما جذب الذهب الإنسان ببريقه الآسر وقيمته الثمينة، سواء كرمز للثراء أو كشاهد صامت على تاريخ كوني عاصف. لكن ماذا لو أخبرتك أن الذهب الذي نستخرجه اليوم بات له زمن محدود قد لا يتجاوز 15 عاماً فقط؟ اكتشف علماء مؤخراً قصة هذا المعدن النفيس، وهي حكاية تحكي عن رحلة مذهلة من قلب باطن الأرض إلى سطح كوكبنا الأزرق، رحلة تمتد جذورها إلى عمق آلاف الكيلومترات تحت أقدامنا.
من المعروف منذ أمد بعيد أن الذهب الذي نملكه فوق سطح الأرض لم يوجد هنا في الأصل، وإنما حملته إلينا أحداث كونية عنيفة مثل انفجارات النجوم العملاقة التي تُعرف بالـ"سوبرنوفا" أو تصادمات النجوم النيوترونية الهائلة. هذه الانفجارات النجمية الضخمة أنتجت معادن ثمينة ثقيلة مثل الذهب والفضة والبلاتين، التي انتشرت عبر الكون وسقطت على الأرض على شكل جسيمات صغيرة قبل مليارات السنين.
لكن القصة لم تتوقف هنا، لأن هذه المعادن الكثيفة بطبيعتها نزلت عبر الصخور وغاصت شيئاً فشيئاً، مستمرة رحلتها إلى عمق الأرض وصولاً إلى النواة، التي تبعد عنا حوالي 3000 كم تحت القشرة الأرضية. ما نستخرجه من ذهب اليوم لم يصل لهذه الأعماق السحيقة؛ لأن كويكبات ومذنبات أتت في فترات لاحقة حاملة المزيد من هذه المواد النفيسة وتركتها عالقة في طبقة الوشاح الأرضي العليا. وعلى مدى مليارات السنين، قامت التيارات الحرارية بإعادتها للأعلى نحو القشرة الأرضية، لتشكل المكامن والخزانات المعدنية التي نستكشفها اليوم في مناجمنا.
وهنا تحديداً يأتي الاكتشاف الجديد والمثير: فهل من الممكن أن يكون الذهب قد أتى من عمق أكبر مراحل تحت السطح؟ في خطوة مهمة وغير مسبوقة، وجد باحثون في جامعة كارلتون بكندا بالتعاون مع جامعة جوتنجن بألمانيا دليلاً على إمكانية حدوث ذلك بالفعل، وذلك عبر ظاهرة تُعرف بـ"أعمدة الوشاح"، وهي كتَل صخرية منصهرة ترتفع من مناطق عميقة جداً قريبة من حدود لب الأرض مع الوشاح، إلى قرب السطح حاملة معها معادن ومواد قادمة من أعماق كوكبنا.
وقد أوضح تحليل صخور جزيرة هاواي البركانية وجود نظائر نادرة مثل "الروثينيوم الثقيل"، وهو مؤشر قوي على وصول مواد من نواة الأرض إلى السطح من خلال هذه الأعمدة المنصهرة. هذه النتيجة تتحدى افتراضات سابقة عُرفت بأن نواة الأرض معزولة تماماً عن القشرة والسطح، ليصبح واضحاً أن توفّر الذهب حالياً يبدو مرتبطاً بحركة هذه القوى الجيولوجية النشطة من الأعماق.
لكن رغم هذه الاكتشافات المثيرة، تظل الحقيقة المؤكدة التي تثير القلق هي محدودية المصادر الاقتصادية من الذهب. يشير الخبراء إلى أننا نملك حوالي 57 ألف طن فقط من الاحتياطيات التي يمكن استخراجها اقتصادياً – كمية قد تكفي البشرية لنحو 15 عاماً فقط بمعدلات الاستهلاك الحالية، وهو رقم يدفع للتفكير فوراً بإعادة النظر في مستقبل استخراج هذا المعدن الغالي.
أخيراً، ربما آن الأوان كي نناقش بجدية أكبر عاداتنا الاستهلاكية بخصوص الذهب، سواء عبر إعادة تدوير المعادن من الأجهزة الإلكترونية المستعملة، أو الاستثمار في تقنيات تعدين أقل ضرراً وأكثر كفاءة، أو حتى التفكير في تقليل اعتمادنا المطلق على الذهب كرمز للثروة والقيمة. ماذا عنك أنت؟ هل مررت يوماً بتجربة عثرت فيها على رقائق ذهبية في الطبيعة أو فكرت في مصدر المجوهرات التي ترتديها؟ أدعوك للانضمام إلى هذا الحوار ومشاركة رأيك بكل صراحة حول هذه الرحلة المدهشة للذهب من قلب النجوم إلى أعماق كوكبنا، حتى أصبح مستقراً بين أيدينا.