الصين تضرب الذهب… حرفيًا: أكبر كنز ذهبي يهز الأسواق العالمية

4 د
اكتشف علماء صينيون احتياطي ذهب هائل بمقاطعة هونان يقدر بـ1100 طن.
تميز الاكتشاف بجودة خام استثنائية تصل إلى 138 غرامًا لكل طن من الصخور.
ارتفعت أسعار الذهب عالميًا لأكثر من 2700 دولار للأونصة بعد الإعلان.
على الرغم من ضخامة الاكتشاف، قد لا يكون كافيًا لتغطية الطلب المحلي الصيني.
تحت الأرض الخصبة لمحافظة بينغجيانغ بمقاطعة هونان الصينية، بدأ العالم مؤخراً يتطلع إلى اكتشاف ذهبي مذهل قد يغير ملامح صناعة التعدين العالمية، وربما يؤثر بقوة في أسواق الذهب الدولية.
تفاصيل الاكتشاف الذهبي الكبير
أعلن علماء وجيولوجيون صينيون مؤخراً عن اكتشافٍ احتل عناوين الأخبار فور انتشاره، إذ كشفت الفحوصات الجيولوجية عمليات مسح أولية أظهرت وجود كميات ضخمة من الذهب بمنطقة "وانغو" في قلب مقاطعة هونان.
بداية الأمر، قدّر الجيولوجيون حجم احتياطي الذهب في المنطقة بحوالي 330 طنًا. لكن مع المزيد من الفحوصات والنماذج ثلاثية الأبعاد المتطورة، ارتفعت توقعات حجم هذا الكنز الذهبي إلى حوالي 1100 طن، وهو ما سيجعله في حال تأكيده رسميًا "أكبر حقل ذهب معروف في العالم"، متفوقاً بذلك على حقل منجم "ساوث ديب" الشهير في جنوب أفريقيا والذي يحتوي على 1025 طنًا.
جودة قياسية تضاعف قيمة الاكتشاف
ما يميز هذا الاكتشاف الجيولوجي ليس الضخامة فقط، بل الجودة الاستثنائية للخام المكتشف هناك. حيث أظهرت العديد من العينات المستخرجة وجود تركيز ذهبي مذهل يصل إلى حوالي 138 غرامًا من الذهب لكل طن من الصخور، وهو رقم أكبر بكثير من المعدل العادي في معظم المناجم المعروفة عالميًا. أكد الخبراء وجود ذرات ذهبية واضحة للعين المجردة في بعض العينات، وهذا يعتبر نادرًا جداً في عالم التعدين المعاصر الذي عادةً ما تكون تراكيزه أقل بكثير.
أسباب وأبعاد القفزة المفاجئة في أسعار الذهب عالمياً
فور الإعلان عن هذا الاكتشاف الاستثنائي، استجابت الأسواق العالمية بسرعة واضحة حيث ارتفع سعر الذهب إلى نحو 2700 دولار للأونصة الواحدة، مقتربًا من أعلى مستوياته التاريخية. ومع استمرار تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية عبر العالم، قد يرى المستثمرون في هذا المعدن الثمين ملاذًا أكثر أمانًا وحماية لرأس مالهم. وبالتالي، ربما يؤدي ذلك إلى استمرار ارتفاع الأسعار بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.
الصين: منتج ضخم ومستهلك أكبر
معروف عالميًا أن الصين تتصدر الدول من حيث حجم إنتاج الذهب، حيث بلغ إنتاجها خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 أكثر من 268 طنًا، أي حوالي 10% من الإنتاج العالمي. رغم ذلك، فإن الطلب الصيني على المعدن الثمين يفوق بكثير كميات الإنتاج، فقد قامت الصين باستيراد كميات كبيرة جدًا لتغطية احتياجاتها، حيث استهلكت خلال نفس الفترة أكثر من 741 طنًا، ما يجعلها المستورد الأكبر للذهب عالميًا.
في ظل هذه الأرقام، وعلى الرغم من ضخامة الاكتشاف الجديد، قد يكون تأثيره محدودًا على حاجة الصين للذهب، حيث أن احتياطي الاكتشاف الأخير يكفي فقط لتغطية الطلب المحلي لحوالي سنة ونصف فقط، وإن كان يمثل خطوة هامة نحو تقليص اعتماد الصين على الاستيراد.
تحديات كبيرة تواجه عمليات استخراج الذهب
قد يكون الخبر ذهبياً حقًا، لكن طريق الوصول إلى هذا الكنز ليس سهلاً على الإطلاق. فمواقع العروق الذهبية المكتشفة تقع على عمق يصل إلى حوالي 10 آلاف قدم (ما يعادل ثلاثة آلاف متر)، مما يفرض تحديات تقنية وهندسية وإجراءات مكلفة للغاية. كما أن تقلب أسعار الذهب العالمية وإمكانية هبوط الأسعار المفاجئة يجعل من الاستثمار في منجم بهذا العمق والمخاطر المالية المصاحبة له أمرًا يحتاج إلى حساب دقيق للغاية.
ولا يمكن إهمال عوامل أخرى تلعب دوراً كبيراً في تحديد مستقبل التعدين في هذا الموقع، ومن بينها مستويات التضخم الدولي، أسعار الفائدة العالمية، وأي اضطرابات جيوسياسية محتملة. كل هذه تفاصيل هامة تؤثر على الأسعار في أسواق المعادن النفيسة التي تتميز بالتقلب الدائم.
هل سنشهد مزيداً من الاكتشافات؟
من جهة أخرى، أعرب مسؤولون في هيئة الجيولوجيا الصينية عن تفاؤلهم، حيث أشارت عمليات الحفر الاستكشافية في محيط المنجم إلى احتمالات قوية لوجود عروق ذهبية إضافية، الأمر الذي قد يعني تضاعف حجم الاحتياطيات المكتشفة مستقبلاً. يقول ليو يونغ جون، نائب رئيس مكتب الجيولوجيا في هونان، إن:
"هذا الاكتشاف قد يكون مجرد بداية، ومازال هناك الكثير لنكتشفه".
ختاماً، في حين يبدي المستثمرون والأسواق العالمية ترقباً وتفاعلاً كبيراً مع هذه الأخبار، يبقى الأكيد والواضح أن هذه الثروة الجديدة قد تعيد رسم خارطة التعدين العالمية، وستستمر عيون العالم في متابعة ما ستكشف عنه الأيام القادمة حول هذا الكنز الذهبي الكبير في مقاطعة هونان الصينية.