ذكاء اصطناعي

العلماء يرصدون إشارات محيّرة… هل نحن أمام ممر سري كوني؟

محمد كمال
محمد كمال

2 د

اكتشف مرصد ليغو وفيرغو موجة جاذبية غامضة عام 2019 أثارت جدلاً واسعًا.

الموجة القصيرة أثارت احتمال وجود ثقب دودي يربط بين عوالم موازية.

الباحثون يقارنون بين الاندماج التقليدي للثقوب السوداء وآثار الثقوب الدودية.

تحليل البيانات لا ينفي وجود ثقب دودي لكنه يظل احتمالًا ضعيفًا.

الموجة تقدم فرصة جديدة لاستكشاف طبيعة الموجات الثقالية وعوالم موازية.

في عام 2019 التقط مرصد **ليغو** (LIGO) بالتعاون مع **فيرغو** إشارة غريبة للغاية لم تستمر سوى عُشر الثانية. جاءت على شكل “فرقعة” سريعة، على عكس “الزقزقة” الطويلة المعتادة التي نسمعها عند رصد اندماج ثقوب سوداء ضخمة وهي تدور ببطء قبل أن تنهار معًا. هذا الحدث الشاذ، الذي أطلق عليه اسم **GW190521**، طرح تساؤلات واسعة بين العلماء حول طبيعة مصدره الحقيقي.

وهنا تظهر المعضلة الأساسية: فبينما مال معظم الباحثين إلى أن الأمر مجرد اندماج عرضي لثقبين أسودين التقيا بالصدفة، جاء تفسير جديد أكثر إثارة ليقترح سيناريو غير مألوف على الإطلاق.


بين اندماج الثقبين والاحتمال الدودي


فريق من الفيزيائيين بقيادة **تشي لاي** من الأكاديمية الصينية للعلوم نشر ورقة بحثية عبر منصة *arXiv* يقول فيها إن ما رُصد قد يكون صدى اندماج حدث في كون آخر! وكيف؟ عبر **ثقب دودي** نشأ نتيجة تصادم هناك، ثم انهار ليُسجل في كوننا على هيئة هذه الموجة القصيرة. هذه الفرضية، إن صحّت، تعني أن البشرية ربما التقطت أول دليل عملي على وجود ممرات كونية تربط أكوانًا متوازية.

وهذا يفتح الباب أمام أسئلة أعقد: هل يمكن لمثل هذه الجسور بين الزمكان أن تمنحنا وسيلة لدراسة طبيعة المادة الغريبة اللازمة لبقاء الثقوب الدودية؟ الانتقال إلى هذا الاحتمال يعطي زخماً غير مسبوق لخيال الفيزياء النظرية.


مطابقة البيانات ونطاق الاحتمالات


عند مقارنة النموذج الرياضي للموجات الناتجة عن انهيار ثقب دودي بالبيانات الفعلية من ليغو وفيرغو، تبيّن أن الفرضية التقليدية (اندماج ثقبين أسودين بكتلة تعادل 142 شمسًا) ما تزال الأنسب، لكنها لم تتفوق بفارق كبير. الهامش البسيط سمح للعلماء بالقول: لا يمكن استبعاد وجود ثقب دودي تمامًا.

وهذا بالذات يربط ما حدث عام 2019 بتطورات أحدث، إذ رُصد اندماج أثقل بكثير عام 2023 أعطى جسمًا بكتلة 225 شمسًا وكانت إشاراته أيضًا قصيرة. المقارنة بين هذين الحدثين قد تقدم مؤشرات جديدة لصالح أحد السيناريوهين.


ما الذي يعنيه ذلك للفيزياء المستقبلية؟


العلماء يحذرون من القفز سريعًا إلى استنتاج أن الثقوب الدودية حقيقة واقعة، فالأمر يتطلب تفسيرًا بفيزياء “غريبة” ما زالت خارج نطاق البرهان التجريبي. لكن في الوقت نفسه، يفتح هذا المجال بابًا رحبًا للبحث، إذ يمكن أن تكشف الدراسات المستقبلية عن طبيعة **الموجات الثقالية** القصيرة والمفاجئة، وأن تحدد إن كانت بالفعل تحمل بصمات عوالم موازية، أو أنها مجرد صدف كونية نادرة بين ثقوب سوداء فائقة الضخامة.

في نهاية المطاف، يظل حدث **GW190521** علامة بارزة في رحلة استكشافنا للكون، سواء أثبت وجود ممرات كونية غامضة أم لا. فمجرد التفكير بأن موجة قصيرة قد تحمل سرًا عن كون آخر يُظهر كيف ما زال الفضاء يخبئ لنا ما يتجاوز الخيال.

ذو صلة

ذو صلة