العنصر نوبليوم يسجل رقماً قياسياً كأثقل عنصر تم اكتشاف مركباته

4 د
تمكن الباحثون من رصد مركبات النوبليوم لأول مرة مباشرًا، مما يثير الفضول العلمي.
هذا الاكتشاف جاء من مركز بحوث بيركلي في كاليفورنيا، مُعيدًا النظر في حدود الأكتينيدات.
أصبح النوبليوم أثقل عنصر تُوثق مركباته كيميائيًا، مما يمهد لفهم أعمق.
النتائج تتسق مع المتوقع لعائلة الأكتينيدات، محفزة لمزيد من الدراسات على العناصر المجاورة.
تمثل هذه الجهود علامة فارقة في البحث الكيميائي للعناصر الثقيلة والمستقبل الواعد لها.
في تحول جديد يثير فضول الكيميائيين حول العالم، أصبحت ذرة النوبليوم — العنصر رقم 102 في الجدول الدوري — أثقل عنصر يمكن تتبع مركباته الكيميائية بشكل مباشر حتى الآن. هذا الاكتشاف، الذي جاء ثمرة جهود فريق بحثي بمعمل لورانس بيركلي في كاليفورنيا، يعيد تسليط الضوء على حدود الجزء البعيد من سلسلة الأكتينيدات، ويقدم أفكاراً مهمة حول الكيمياء غير المستقرة لهذه العناصر النادرة.
من قلب المختبر إلى عتبة الاكتشاف
يعرف النوبليوم بندرته الشديدة، فهو عنصر اصطناعي لا يوجد طبيعياً على الأرض، وإنمّا ينتج عبر تفاعلات نووية معقدة داخل مسرعات الجسيمات. منذ أن تنافست فرق بحثية من السويد وأمريكا وروسيا لإنتاجه لأول مرة في خمسينيات القرن الماضي، ظل النوبليوم محاطاً بهالة من الغموض. ويرجع ذلك إلى قصر عمر نظائره وصعوبة إنتاجها—غالباً ذرة واحدة في كل تجربة! ورغم إدراجه في الجدول الدوري، لا تزال صفاته الكيميائية غير واضحة بشكل تجريبي، وظل دون استخدامات عملية تذكر حتى اليوم.
لكن المفاجأة الحقيقية حدثت عندما أطلق الباحثون في معمل بيركلي شعاعاً من الكالسيوم إلى هدف من الرصاص باستخدام جهاز تسريع دوري للجسيمات، ما أدى إلى اندماج نووي وتشكل ذرات النوبليوم. كان هدف العلماء هو تعريض الذرات الناتجة للماء والنيتروجين لتشكيل مركبات بسيطة ودراستها، إلا أنهم اكتشفوا أن التفاعل مع آثار النيتروجين والماء في الغازات المستخدمة سبق تجربتهم بالفعل. "لقد أدهشنا الأمر قليلاً" هكذا تقول قائدة الفريق الدكتورة جنيفر بور، فذرات النوبليوم تشكلت تلقائياً مركبات مع شوائب النيتروجين والماء.
المركبات الأثقل تؤرخ حدود الجدول الدوري
هذا الحادث العلمي السعيد مكن الفريق من رصد مركبات عدة لعنصر النوبليوم، احتوت على هيدروكسيد وماء وروابط ثنائية النيتروجين (دينيترجين). استُخدم في ذلك جهاز مطياف الكتلة لتأكيد هوية المركبات، ما أعطى برهاناً حاسماً على وجودها — وهو أمر لم يُنجز سابقاً مع عناصر أثقل، نظراً لانعدام استقرار نظائرها وسرعة اضمحلالها. وتكمن الصعوبة هنا بأن معظم هذه العناصر لا تدوم سوى ثوانٍ معدودة، فلا يمكن رصد مركباتها إلا بقياسات مباشرة، وهي مسألة بالغة التعقيد.
وهكذا، يصبح النوبليوم اليوم أثقل عنصر في الجدول الدوري تنجح البشرية في توثيق مركب كيماوي له بشكل مباشر، ما يشكل علامة فارقة في تاريخ الكيمياء النووية والأكتينيدات.
دلالات واسعة لمستقبل بحوث العناصر الثقيلة
لم يكن هذا الإنجاز وليد الصدفة وحسب، بل أتى ضمن برنامج بحثي أوسع تسعى فيه الدكتورة بور وفريقها للإجابة على سؤال جدلي قديم: إلى أي مجموعة تنتمي الأطراف النهائية في سلاسل اللانثانيدات والأكتينيدات في الجدول الدوري؟ وتشرح بور أن دراسة مركبات هذه العناصر تعطي فكرة عن حالاتها التأكسدية المفضلة، ما ينعكس على ترتيبها المكاني في الجدول. كما أن الكيمياء في الحالة الغازية تتيح فهماً أفضل للأفلاك الإلكترونية وكيفية توزيع الإلكترونات. نتائج النوبليوم اتسقت مع ما هو متوقع لعائلة الأكتينيدات، لكن الفريق يخطط لمواصلة البحث بتركيز على عناصر مثل اللورنسيوم (103) والروثرفورديوم (104) والدبنيوم (105).
من هذا المنطلق، يرى الدكتور توماس ألبريخت من معهد كولورادو للتعدين أن هذا العمل يمثل "علامة فارقة مهمة" لفهم كيفية تبدل الكيمياء على أطراف الجدول الدوري، متوقعاً أن تقضي هذه النتائج على كثير من اللبس حول كيمياء العناصر الثقيلة.
مستقبل مجهول وإمكانات واعدة
يبقى النوبليوم، وبقية أبناء العناصر الفائقة الثقل، في موقع الريادة بين أغرب أسرار العلم — عناصر بلا استخدامات مباشرة، قصيرة العمر، لكن البحث في عالمها الخفي يفتح الباب أمام فهم أعمق للروابط الكيميائية وطبيعة المادة في الحالات المتطرفة. وأعتقد أن تعزيز المقال بعبارات تربط الاكتشافات الجديدة بالتطور المستقبلي للفيزياء النووية يمكن أن يمنح النص مزيدًا من الحيوية، خاصة عند التركيز على تحديات استكشاف المركبات في ظروف زمنية دقيقة للغاية وربطها بتقنية أجهزة مطياف الكتلة الحديثة.
في سياق هذا الزخم العلمي، قد يكون من الأنسب في مواضع من النص استبدال عبارة "مركبات النوبليوم" أحياناً بـ"مركبات العناصر الفائقة الثقل" لإظهار التوسع الممكن للاكتشاف، أو توضيح دور الشوائب العرضية في التجارب النووية باعتبارها أحياناً قادرة على فتح نافذة للابتكار العلمي غير المتوقع. كل ذلك يعيدنا في النهاية إلى سؤال جوهري: كيف سيواصل العلماء دفع حدود المعرفة في مملكة الذرات التي لا تدوم إلا طرفة عين؟









