الفيضانات تضرب جنوب غرب الصين وتجبر أكثر من 80 ألف شخص على الفرار من منازلهم

3 د
أجبر الفيضان في جنوب غرب الصين 80 ألف شخص على مغادرة منازلهم.
عرضت التلفزيون الصيني مشاهد درامية لعمليات الإنقاذ في المناطق الغارقة.
تأثرت المرافق العامة والطرق بالغرق، واستُخدمت الطائرات المسيرة للإمدادات الغذائية.
أصدرت الحكومة الصينية تحذيرات حمراء للسيول، مشددة على أهمية التوعية المبكرة.
بينما يستعد الناس عادةً للصيف بالترقب والفرح، لم يكن الأمر كذلك بالنسبة لسكان جنوب غرب الصين هذه الأيام، فقد تحولت مناطق واسعة هناك إلى ساحات مواجهة مفتوحة مع مياه الفيضانات التي اجتاحت مدنًا وأدت لانهيار جسور، ما أدى إلى تأثير مباشر على حياة عشرات آلاف السكان.
حسب وكالة الأنباء الصينية شينخوا، فقد اضطرت السلطات يوم الثلاثاء لإجلاء ما يقارب 80,900 شخص من منازلهم في مقاطعة قويتشو الجنوبية الغربية وحدها. وبيّنت الصور المؤثرة حجم الغرق والتلف الذي أصاب المنطقة، فظهرت حقول الرياضة مغمورة بالكامل تحت حوالي ثلاثة أمتار من المياه، كما بدت المرافق العامة والشوارع غارقة ومحاصرة.
عمليات الإنقاذ بين مشاهد درامية ومواقف إنسانية مؤثرة
وأظهرت قناة CCTV الصينية في بث خاص لقطات مذهلة لقرى غارقة بالكامل بعد هطول أمطار شديدة وتدهور الوضع في المنطقة الجبلية. وأحد أكثر المشاهد تأثيرًا كان صورة جسر منهار احتجز عليه سائق شاحنة عالقًا بشكل مأساوي عند حافّة الانهيار.
السائق، يو قوه تشون، روى كيف عايش دقائق مرعبة، وقال في شهادة تداولتها وسائل إعلام محلية: "انهار الجسر فجأة أمامي مباشرة، كنت خائفًا بحق". تمكّن رجال الإنقاذ من إيصاله إلى مكان آمن بعدما عاش لحظات عصيبة للغاية.
وفي مشاهد أخرى تُبرز البعد الإنساني العملي لعمليات الإنقاذ، شوهد عمال الطوارئ وهم يدفعون قوارب صغيرة في المياه الموحلة لنقل الأهالي المنكوبين إلى مناطق آمنة، فيما انتظر الأطفال داخل روضة أطفال وصول فرق الإنقاذ إليهم. وفي لقطة معبرة، صرح أحد المواطنين، لونغ تيان، لوكالة شينخوا: "المياه ارتفعت بصورة مفاجئة، بقيت عالقًا في الطابق الثالث منتظرًا وصول النجدة، وبالفعل بعد ظهر اليوم تم نقلي إلى مكان آمن".
وتبرز هذه التفاصيل الإنسانية أهمية سرعة التدخل لتحجيم الأضرار والحفاظ على الأرواح، حيث استخدمت تقنية الطائرات المسيّرة "درونز" لتوصيل الإمدادات الغذائية الضرورية للأهالي المعزولين.
تأتي هذه الأحداث في ظل سلسلة من الظروف المناخية القاسية التي تشهدها مناطق مختلفة من الصين، ففي وقت تفيض فيه الأنهار وتغرق المناطق الجنوبية الغربية في الأمطار، تواجه مناطق أخرى موجات حرارة قياسية متزامنة.
ومن ضمن تلك الظروف، شهدت مقاطعات أخرى بالمجمل مئات الآلاف من حالات الإجلاء، فقبل أيام قليلة فقط، تم إجلاء أكثر من سبعين ألف شخص من جنوب الصين ومقاطعة هونان وسط البلاد بسبب إعصار ووتيب المدمر وأمطار غزيرة.
أزمة مناخية متصاعدة وأعباء جديدة على الصين
الحكومة الصينية من جهتها، أخذت الموضوع على محمل الجد وأصدرت الأسبوع الماضي أولى "التحذيرات الحمراء" للعام الحالي بخصوص السيول الجبلية، وهو أعلى مستوى من التحذيرات التي تصدر بعد تقييم المخاطر وشدة التأثير المتوقع. وشددت السلطات على أهمية توعية السكان وإصدار التحذيرات المبكرة لمنع خسائر أكبر في الأرواح والممتلكات.
ويرى المختصون أن هذه الموجة المتزايدة من الكوارث المناخية وصعوبة التنبؤ بها تأتي في إطار تداعيات التغير المناخي العالمي، الناجم بشكل رئيسي عن تزايد انبعاثات الغازات الدفيئة التي تزيد من حدة الظواهر الجوية. والصين نفسها ليست بمنأى عن مسؤولية مواجهة هذه الأزمة العالمية، فهي تعتبر حاليًا أكبر منتج للانبعاثات الكربونية على مستوى العالم، لكنها تحاول بقوة خفض انبعاثاتها والتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، بهدف الوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2060.
وفي مدى هذه الكوارث، اتخذت بكين قبل أيام قليلة أيضًا تدابير استباقية لمواجهة موجة حر عنيفة، حيث تم إصدار ثاني أعلى مستوى تحذير من الحرارة في العاصمة، في دليل واضح على مستوى خطورة الوضع المناخي الحالي.
في الختام، يبقى التحدي الأكبر الآن أمام السلطات الصينية هو تعزيز قدراتها وتكثيف جهودها الوقائية لمعالجة التغيرات المناخية والحد من آثار الكوارث الطبيعية المستقبلية. وإن كان هذا الصيف مثالاً واضحًا لأهمية اتباع نهج أكثر استدامة ووعيًا في التعامل مع مناخ كوكبنا، فإن تطبيق إجراءات عاجلة وتنفيذ خطط واضحة أكثر دقة وتنسيقًا يُمكن أن يُسهم بشكل كبير في تقليل المخاطر، وربما يكون البدء في استبدال بعض التعبيرات المستخدمة بأخرى أكثر دقّة أو إضافة عبارات ربط واضحة بين الأفكار وسيلة مناسبة لتعزيز وضوح الطرح وجاذبيته لدى عامّة القرّاء.