القطب الجنوبي يختنق من الداخل… غاز الموت يتسرب بصمت من قاع البحر!

3 د
رصد علماء تسرب الميثان من قاع بحر القارة القطبية الجنوبية يُثير القلق البيئي.
الميثان أكثر تأثيراً في حبس الحرارة من ثاني أكسيد الكربون بخمسة وعشرين ضعفاً.
ذوبان الجليد يقلل الضغط ويفسح المجال لخروج الميثان إلى الغلاف الجوي.
التهديد يتزايد مع تسارع فقدان الجليد القطبي وارتفاع درجات الحرارة.
يتطلب الوضع تعاوناً علمياً لفهم الظاهرة واحتوائها قبل تفاقم الاحترار العالمي.
في اكتشافٍ يثير القلق، أعلن فريق من الباحثين أنهم رصدوا كميات من غاز الميثان تنبعث من قاع البحار المحيطة بالقارة القطبية الجنوبية. النتائج التي نُشرت في مجلة *نيتشر كوميونيكيشنز* تشير إلى ثغرة كبيرة في فهمنا لديناميات انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يجعل من هذا الحدث علامة فارقة في تتبع تأثيرات تغيّر المناخ.
الحديث هنا ليس عن مجرد ظاهرة جيولوجية نادرة، بل عن مؤشر بيئي قد يغيّر شكل المعادلة المناخية بالكامل. فالقارة القطبية التي طالما اعتُبرت خزّاناً ضخماً للغازات الطبيعية أصبحت اليوم مصدر قلق بعد أن بدأت تبعث بعضها إلى الغلاف الجوي بوتيرة متزايدة.
وهذا يربط بين تسارع الاحترار العالمي وبين العمليات الخفية التي تجري في أعماق القطب الجنوبي.
الميثان: الغاز الصامت الأكثر تأثيراً
يُعرف الميثان بقدرته العالية على حبس الحرارة؛ فهو أكثر فاعلية من ثاني أكسيد الكربون بنحو خمسةٍ وعشرين ضعفاً خلال مئة عام. وبينما يتركز الاهتمام الإعلامي غالباً على ثاني أكسيد الكربون، إلا أن وكالات بيئية، مثل وكالة حماية البيئة الأمريكية، تصنّف الميثان على أنه “ملوّث فائق”. الدراسة الأخيرة كشفت أن مناطق التسرب تتوزع في بحر روس إلى الشمال من القارة، حيث تظهر فقاعات الغاز على سطح الماء في مشهد مقلق.
هذه الظاهرة ليست محصورة في بقعة محددة بل يبدو أنها واسعة النطاق، ما يعني أن هناك شبكة من المصادر تحت طبقات الجليد بدأت تنشط بفعل ارتفاع درجات الحرارة المستمر.
ومن هنا تتضح العلاقة الوثيقة بين فقدان الكتل الجليدية وبين زيادة انبعاثات الميثان من أعماق البحر.
ذوبان الجليد يفتح طريق الغازات المحبوسة
يشير العلماء إلى أن الضغط الناتج عن ثقل الجليد عامل رئيسي في إبقاء الميثان محبوساً تحت سطح البحر. ومع ذوبان الأنهار الجليدية وتراجع سماكتها، يتراجع هذا الضغط، فيُفسَح المجال أمام الغاز للخروج إلى المياه ومنها إلى الغلاف الجوي. وقد حذّر فريق البحث من أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى زيادة ملحوظة في الانبعاثات خلال العقود المقبلة، خاصة مع تسارع فقدان الجليد القطبي.
وهذه النتائج تلفت الانتباه إلى أحد الجوانب التي طالما أُهملت في الدراسات المناخية السابقة، وهي دور المخزون البحري من الميثان في تسريع الاحترار العالمي.
دعوة إلى سدّ فجوة المعرفة
خلصت الدراسة إلى أن هناك فجوة واضحة بين كميات الميثان المقاسة في الجو وتقديرات المصادر المعروفة حالياً، ما يعني أن المحيطات، وخصوصاً المحيط الجنوبي، قد تكون مصدراً رئيسياً لم تتم دراسته بالقدر الكافي. كما أشار الباحثون إلى أن الجهود الدولية يجب أن تتركز على مراقبة مستمرة لهذه الانبعاثات، مع تطوير نماذج أكثر دقة للتنبؤ بتأثيرها المستقبلي.
*وهذا يعيد ربط الحديث كله بقضية العمل المناخي العالمي وضرورة اتخاذ تدابير أكثر صرامة لمواجهة احتمال تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.*
خاتمة
إن تسرب الميثان من قاع بحر القارة القطبية الجنوبية ليس مجرد اكتشاف علمي، بل تحذير مبكر من احتمال تسارع التغير المناخي بوتيرة تفوق التوقعات. فكل فقاعة غاز تنفلت من عمق البحر قد تحمل معها مزيداً من الحرارة المحتبسة في غلاف الأرض. ولذا تبدو الحاجة ملحّة اليوم إلى تعاون علمي دولي لفهم الظاهرة واحتوائها، قبل أن يتحول القطب الجنوبي من درعٍ مناخي إلى مصدر إضافي للاحترار العالمي.









