ذكاء اصطناعي

انتكاسة قاتلة… ما الذي يجعل سمّ المامبا السوداء يشتعل مجددًا في الجسم؟

محمد كمال
محمد كمال

3 د

يكتشف العلماء أن سمّ المامبا السوداء يسبب "هجومًا مزدوجًا" على الجهاز العصبي.

التشافي المؤقت بعد العلاج بمضاد السموم يُفسر بفعالية الجزء الثاني من السم.

تختلف سموم المامبا بين البلاد، مما يعيق تطوير مضادات فعّالة.

تُسجل 30 ألف وفاة سنويًا في إفريقيا بسبب عضّات المامبا.

التقدم العلمي يفتح المجال لتحسين علاج لدغات المامبا وعلاجها المُنقذ للحياة.

في خطوة علمية جديدة، اكتشف فريق من جامعة كوينزلاند الأسترالية سرًّا كان يربك الأطباء منذ عقود: سمّ المامبا السوداء لا يسبب الشلل ثم الزوال فحسب، بل يشن هجومًا مزدوجًا على الجهاز العصبي يجعل بعض المصابين ينتكسون بعد العلاج بمضاد السموم.

في البداية، بدا الأمر واضحًا للأطباء، إذ يؤدي السم إلى **شلل رخو** يمنع العضلات من الاستجابة للأوامر العصبية. لكن الدراسة الجديدة بيّنت أن ثلاثة أنواع من المامبا — السوداء والخضراء الغربية وجيمسون — تهاجم نقطتين مختلفتين في الأعصاب في الوقت نفسه، إحداهما تسبب ارتباط السم بمستقبلات ما بعد التشابك العصبي، والأخرى تضرب مستقبلات ما قبل التشابك مسببة تقلصات حادة أو ما يُعرف بـ **الشلل التشنّجي**.

وهذا الاكتشاف يفسّر لغز الحالات التي تتحسن فور تلقي مضاد السم ثم تعود إليها التشنجات المؤلمة، كما يقول البروفيسور برايان فراي من قسم البيئة بالجامعة. فالدواء يوقف جزءًا واحدًا من السم، لكن الجزء الثاني يظل فعّالًا بعد العلاج.

وهذا يربط بين ما لاحظه الأطباء الأفارقة خلال السنوات الماضية والنتائج المخبرية الحديثة، ويؤكد أن لدغات المامبا لا تتصرف كلها بالطريقة ذاتها.


تعقيد السموم وتحديات العلاج

يأتي هذا الاكتشاف بعد تجارب أجرتها طالبة الدكتوراه لي جونز، التي درست اختلاف قوة السم بين الأنواع والمناطق. وقد تبين أن السمّ الذي تنتجه المامبا السوداء في كينيا يختلف عن نظيره في جنوب إفريقيا في تركيبه وتأثيره العصبي. هذا التباين يجعل تصميم **مضادات السموم** أمرًا بالغ الصعوبة، لأن كل خليط كيميائي يتطلب تركيبة علاجية متخصصة.

ويشير العلماء إلى أن أكثر من **30 ألف وفاة** تُسجل سنويًا في إفريقيا جنوب الصحراء بسبب عضّات المامبا، ما يجعل الحاجة إلى مضادات أكثر دقة أمرًا عاجلًا.

وبحسب فراي، فإن فهم «الهجوم المزدوج» الذي يشنه السم على الجهاز العصبي سيساعد شركات الأدوية على تطوير معالجة تستهدف النهايات العصبية قبل المشبكية والبعدية معًا، وبالتالي تقليص معدلات الوفيات في المناطق الريفية حيث الوصول إلى الرعاية محدود.

وهذا يفتح الطريق أمام تحسين بروتوكولات العلاج الميداني والاستجابة السريعة لحالات التسمم الخطيرة.


نحو جيل جديد من مضادات السموم

ذو صلة

الدراسة، التي أُنجزت بالتعاون مع «مجموعة السموم بجامعة موناش» ونُشرت في مجلة *Toxins*، تقدم أول دليل على أن ثلاثًا من الأنواع الأربعة من المامبا تملك السمّ مزدوج التأثير. ويدعو فراي صناع الدواء إلى استغلال هذه البيانات لتصميم مضادات أكثر شمولًا، فيما يعكف الباحثون على تحليل المكوّنات الدقيقة لكل سلالة من الثعابين السامة.

في الختام، يؤكد العلماء أن هذا الفهم الجديد لا يغيّر النظرة إلى المامبا السوداء كأخطر ثعبان في إفريقيا فحسب، بل يضع الأساس لعصر جديد من **العلاج المنقذ للحياة** المبني على علم السموم العصبية المتطور. ومع هذا التقدّم، قد يصبح التحكم في آثار سمّ المامبا واقعًا أقرب مما نتخيله.

ذو صلة