بطارية سائلة جديدة قد تُنهي عصر الليثيوم… بسعر أقل وأداء أعلى!

3 د
ابتكرت جامعة موناش بطارية سائلة تُحدث ثورة في تخزين الطاقة المنزلية.
تعتمد البطارية على تقنية "التدفق السائل"، مما يقلل التكلفة ويزيد الأمان.
يتميز الابتكار بغشاء جديد يحسن الأداء ويزيد الدورات الكهربائية.
يعمل الفريق على نماذج أولية باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد.
تقنية البطارية السائلة تسهم في تحقيق أهداف الاستدامة وتقليل الانبعاثات.
هل تخيلت يوماً أن تمتلك بطارية منزلية رخيصة وآمنة وسريعة الشحن تخزن لك طاقة الشمس وتنافس الأنظمة الحالية الباهظة الثمن؟ هكذا يبدأ الخبر المثير من جامعة موناش الأسترالية، حيث نجح فريق من المهندسين في تطوير جيل جديد من البطاريات السائلة يرى فيه العلماء ملامح تحول كبير في عالم الطاقة النظيفة وتخزين الكهرباء المنزلية.
من المعتاد أن تعتمد أنظمة تخزين الطاقة الشمسية على بطاريات الليثيوم الأيونية باهظة السعر، والتي تتجاوز تكاليفها أحياناً عشرة آلاف دولار للمنزل الواحد. الجديد اليوم هو ابتكار بطارية مياه تعتمد تقنية "التدفق السائل"، تجعل من الممكن لأي منزل أن يمتلك نظام تخزين كهربائي متقدم وآمن وسريع بتكلفة أقل بكثير من المعروض في السوق.
السر في الغشاء: سرعة وكفاءة وأمان
جوهر الابتكار يكمن في تطوير غشاء جديد يسمح بمرور الأيونات المفيدة بسرعة عالية، ويمنع المتسللين غير المرغوب فيهم من عبور الحدود بين سوائل البطارية. تخيل الغشاء كحارس بوابة ذكي يدير حركة ذرات الشحنة على غرار حركة السيارات على طريق سريع. استطاع الفريق أن يجعل بطاريتهم تتفوق على الأغشية الصناعية القياسية – مثل ناقيون – من حيث الثبات وعدد الدورات الكهربائية، إذ سجلت البطارية الجديدة أكثر من 600 شحنة وتفريغ دون تراجع ملحوظ في الأداء. وهذا تطور قد يجعل تخزين الطاقة السائلة ممكنًا وعمليًا داخل المنازل وليس فقط في المشروعات الصناعية العملاقة.
هذا الإنجاز يلفت انتباهنا إلى أن البطاريات السائلة التقليدية كانت منذ عقود خياراً مقصوراً على محطات الكهرباء نظراً لحجمها الكبير وبطء استجابتها. أما اليوم، فإن الصفات الجديدة مثل الشحن السريع والثبات والأمان تفتح الباب أمام استخدامها في المنازل والشركات الصغيرة.
ولربط هذا التقدم بمسار البحث والتطوير، تشير الباحثة الرئيسية وانتشياو ليانغ إلى أن فريقها نجح في موازنة الأمان والسعر والأداء السريع، مما يجعل النظام مناسباً ليكون في مرآب منزلك دون قلق من المخاطر أو الاحتراق أو السمّية.
بطارية التدفق: ما هي وكيف تعمل؟
لنلقي نظرة على التقنية وراء هذا الابتكار. بطارية التدفق السائلة تختلف عن بطاريات الليثيوم الأيونية الصلبة؛ فهي تعتمد مبدأ احتواء سائلين في "خزانين" منفصلين يُفصل بينهما غشاء شبه منفذ. عند الحاجة لتخزين أو إطلاق الطاقة، تمر الأيونات من أحد السوائل إلى الآخر عبر الغشاء، مولدة تياراً كهربائياً، تماماً كما يحدث في دورة المياه المغذية للنباتات عبر الجذور! هذه الطريقة تضمن سلامة أعلى وتكلفة تصنيع أقل، فضلاً عن سهولة توسعة النظام بحسب الحاجة. ويرى الفريق أن مزايا التقنية الجديدة تجعلها منافسة قوية لتقنيات البطاريات التقليدية.
عودة لحديث الباحثين، فإنهم بدأوا فعلياً في طباعة واختبار نماذج أولية بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تجسيداً لرؤية البطارية المنزلية عالية الكفاءة. إذا استمرت النتائج الواعدة، لن يكون مستبعداً أن نرى هذه البطاريات تُطرح في الأسواق خلال سنوات قليلة.
وهذا التطور يأتي امتداداً لمشروعات سابقة في جامعة موناش حيث ثبتت خلالها قدرة أنظمة التخزين القائمة على التدفق على تلبية احتياجات الطاقة في الحرم الجامعي، مع الإشارة إلى دور هذه التقنية في تحقيق أهداف الاستدامة وخفض الانبعاثات الكربونية.
الخلاصة أن حلم تخزين الطاقة الشمسية في المنزل بشكل آمن، مرن، واقتصادي لم يعد بعيد المنال، خاصة مع انضمام هذه البطارية السائلة المتطورة إلى سباق تقنيات المستقبل. فمع مواصلة التجارب واختبار النماذج في الظروف الواقعية، يبدو أن العالم بات على أعتاب عصر جديد للطاقة المتجددة يتسم بالذكاء والابتكار وسهولة الوصول للجميع.