ذكاء اصطناعي

بكتيريا خفية في أمعائك… قد تكون الشرارة الأولى للتصلب المتعدد!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

حدد الباحثون بكتيريا قد تساهم في تحفيز مرض التصلب المتعدد لدى المرضى.

أظهرت الدراسة اختلافًا في تركيبة الميكروبيوم المعوي بين المرضى والأصحاء.

التجارب كشفت زيادة احتمال الإصابة عند الحيوانات المحملة ببكتيريا مرضى التوائم.

نوعا البكتيريا Eisenbergiella tayi وLachnoclostridium ارتبطا بظهور المرض في الدراسة.

تؤكد النتائج على أهمية الميكروبيوم في تطوير علاجات جديدة للتصلب المتعدد.


الميكروبيوم المعوي وعلاقته بالتصلب المتعدد


يُعدّ مرض التصلب المتعدد أحد أكثر الأمراض العصبية غموضاً؛ إذ يهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ غلاف الميالين الذي يغطّي الأعصاب في الدماغ والحبل الشوكي. ورغم معرفة الباحثين منذ زمن بدور العوامل الوراثية والبيئية والسلوكية في ظهوره، إلا أنّ الطريقة التي تتفاعل بها تلك العوامل ما زالت لغزاً محيّراً.
في السنوات الأخيرة، تحوّل اهتمام العلماء نحو **الميكروبيوم المعوي**، أي مجموع البكتيريا التي تعيش بالمليارات داخل أمعائنا، والتي تلعب دوراً مؤثراً في الجهاز المناعي. فهذه الكائنات الدقيقة تساعد على الهضم، وتفرز الفيتامينات، وتشارك في ضبط الالتهابات بالجسم.
أظهرت دراسات دولية عدّة أن الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد يملكون تركيبة بكتيرية مختلفة عن الأصحاء، حتى بعد استبعاد أثر الوراثة وظروف البيئة المشتركة.

وهذا يقودنا إلى تساؤل محوري حول ما إذا كان هذا الاختلاف أكثر من مجرد مصادفة.


كيف أُجريت الدراسة الجديدة؟


في بحث نُشر في دورية *PNAS*، سعى فريق ألماني‑أمريكي مشترك إلى تحديد أنواع محدّدة من البكتيريا التي قد ترتبط بظهور المرض، ومعرفة ما إن كانت قادرة فعلاً على تحفيزه. اختار العلماء أزواجاً من التوائم المتطابقة التي أُصيب أحدهما بالتصلب المتعدد بينما بقي الآخر سليماً، وهو تصميم بحثي نادر يتيح مقارنة دقيقة بين أفراد يشتركون في الجينات ذاتها.
جمع الفريق عينات من الأمعاء الدقيقة لتلك التوائم، ثم نقلها إلى نماذج حيوانية مُهيّأة وراثياً للإصابة بمرض شبيه بالتصلب المتعدد، بهدف اختبار أثر الميكروبات المنقولة.

وتكشف هذه المنهجية كيف يمكن للعوامل الميكروبية أن تكون حلقة الوصل بين الجينات والبيئة في نشوء المرض.


نتائج التحليل والتجارب المخبرية


باستخدام تقنيات تسلسل جيني متقدّمة، رصد الباحثون أكثر من خمسين نوعاً من البكتيريا اختلفت نسبتها بين المصابين وغير المصابين. وعند نقل بكتيريا الأمعاء من التوائم المرضى إلى النماذج الحيوانية، لاحظ الفريق أنّ إصابة الحيوانات بالمرض كانت أعلى بكثير مقارنةً بتلك التي تلقت بكتيريا من التوائم الأصحاء.
ومن المثير للاهتمام أنّ الإناث أبدين قابلية أكبر لتطوير أعراض تشبه التصلب المتعدد، وهو ما يعكس النمط المعروف لانتشار المرض بين النساء.
كما برز نوعان بكتيريان هما **Eisenbergiella tayi** و**Lachnoclostridium** بوصفهما الأكثر ارتباطاً بظهور المرض في التجارب، مما يجعلهما موضع اشتباه قوي في المساهمة بتطوّره.

هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الأبحاث حول الدور المناعي للميكروبات الدقيقة.


ما المغزى من كل ذلك؟


تتجاوز هذه الدراسة الربط الإحصائي المعتاد بين البكتيريا والمرض لتقدّم دليلاً بأن أنواعاً محددة قد تكون عاملاً محفّزاً أو مساهماً في تفاقمه. ومع هذا التحديد، يصبح لدى العلماء هدف أوضح لتطوير اختبارات تشخيصية مبكرة وعلاجات تستند إلى تعديل الميكروبيوم.
ففهم الترابط بين القناة الهضمية والدماغ قد يمهّد لظهور **علاجات شخصية** تُعنى بتوازن البكتيريا داخل الجسم، وربما يسهم في السيطرة على المرض قبل تفاقمه.


خلاصة

ذو صلة


يُعدّ هذا البحث خطوة مهمة نحو فهم العلاقة المعقّدة بين الميكروبات والجهاز العصبي، ويعزّز الفرضية القائلة بأن صحة الأمعاء هي مرآة لصحة الدماغ. ومع استمرار الجهود العلمية في هذا المجال، قد يحمل المستقبل نهجاً علاجياً جديداً يعتمد على تعديل البكتيريا المعوية للحد من التصلب المتعدد وتحسين جودة حياة المرضى.

ذو صلة