بلاستيك حيوي من الطحالب يمهّد الطريق للحياة على المريخ

4 د
نجح علماء في زراعة طحالب تحت ظروف تحاكي بيئة المريخ باستخدام بلاستيك حيوي.
تشير النتائج إلى إمكانية إنشاء أنظمة مغلقة تنتج حاجاتها الحيوية ذاتيًا في الفضاء.
يساعد البلاستيك الحيوي في تقليل التكلفة والاعتماد على النقل من الأرض لبناء المستعمرات.
تجارب جديدة تتضمن استخدام "الهلام الهوائي" لتعزيز إنشاء بيئات صناعية مستدامة.
في واحدة من أكثر التجارب الفضائية إثارة، نجح علماء بقيادة روبن ووردسوورث من جامعة هارفارد في زراعة طحالب خضراء تحت ظروف تحاكي بيئة المريخ الصعبة، مستخدمين معدات مصنوعة من البلاستيك الحيوي القابل للتحلل. هذه التجربة لم تبشّر فقط بإمكانية تأسيس أنظمة مغلقة تُنتج حاجاتها الحيوية ذاتيًا في الفضاء، بل تمهّد أيضًا لمسار جديد نحو إنشاء مستعمرات بشرية دائمة على سطح الكوكب الأحمر، وتفتح الباب أمام تطبيقات ثورية في مجال الاستدامة البيئية على الأرض.
تجربة ملهمة: الطحالب والبلاستيك الحيوي في بيئة المريخ
عندما نتحدّث عن بناء المسقبل على المريخ، فإن التحدّي الأكبر يكمن في إيجاد مواد بناء قادرة على الثبات والفاعلية في ظروف مناخية قاسية. فما فعله فريق ووردسوورث كان استثنائياً: لقد أنشأوا غرفة ثلاثية الأبعاد من مادة “بولي لاكتيك أسيد”، وهي نوع من البلاستيك الحيوي يمكن إنتاجه من مصادر طبيعية وقابلة للتحلل. تم تصميم الغرفة لتقليد الضغط الجوي المنخفض والجو الغني بثاني أكسيد الكربون للمريخ، والذي لا يتجاوز 1% من ضغط الأرض. رغم قسوة البيئة ومحاولة العلماء جعل التجربة أقرب ما يكون للحقيقة، فقد أظهرت الطحالب – وتحديداً نوع “Dunaliella tertiolecta” – قدرة ملهمة على البقاء بل والنمو، مستمرة في عملية التمثيل الضوئي حتى في هذه الظروف غير التقليدية. يشير هذا الاكتشاف إلى إمكانية بناء نظم حيوية مترابطة يتم فيها إنتاج البلاستيك الحيوي من خلال الطحالب نفسها، ما قد يؤدي في المستقبل إلى أنظمة مغلقة تنمو وتتكاثر ذاتياً دون الحاجة لإمدادات خارجية كبساطة وجود حياة على سطح المريخ برعاية العلم الحديث.
وهذه النتيجة اللافتة تربط بشكل واضح بين الإبداع العلمي وتحديات العيش في الفضاء الخارجي، لا سيما في ظل سباق إعداد رحلات مأهولة نحو المريخ. ولعل أكثر ما يلفت في هذا الابتكار هو الجمع بين التكنولوجيا الحيوية وإعادة التدوير، إذ لا تحتاج مثل هذه المواد إلى عمليات معقدة لجلبها من الأرض أو إعادة تدويرها في البيئات المغلقة، إذ يمكن استزراعها في المكان نفسه.
دروس للمريخ والأرض: مادة البناء المستقبلية
من هنا، يتجلى الرابط الواضح بين التجارب الفضائية وحلول الاستدامة هنا على الأرض. البلاستيك الحيوي المصنوع من الطحالب لا يختلف جوهرياً عن المواد الصناعية التقليدية من حيث الوظيفة، لكن ما يجعله أيقونة حقيقية للثورة العلمية هو خواصه القابلة للتحلل وإمكانية إنتاجه محلياً. في الفضاء، مكسب الوزن والمساحة بالغ الأهمية، ونقل مواد البناء من الأرض إلى المريخ سيكون مكلفًا وصعبا للغاية. إلا أن القدرة على “زراعة” المادة الأساسية للبناء من خلال أنظمة بيولوجية تفاعلية – تنتج البلاستيك الحيوي وتعيد تدويره داخلياً – تعني تحرر المستعمرات الفضائية المستقبلية من الحاجة لسلاسل إمداد مستمرة. هذه الفكرة تلتقي مع طموحات بناء مستوطنات بشرية على المدى الطويل ليس فقط على المريخ، بل ربما على القمر أو حتى الأجرام الفضائية الأخرى.
وما يجعل الخطوة أكثر وعوداً هو النجاح في حماية الطحالب داخل هذه الغرف البلاستيكية الحيوية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، مع ضمان نفاذ الضوء الكافي لمواصلة التمثيل الضوئي. ويتّضح هنا أن مفهوم “الدورة المغلقة” أو النظام البيئي المستدام لم يعد خيالاً علميًا، بل هو نتيجة ممكنة للتحقق تدريجيًا اعتمادًا على هذه السلاسل الحيوية الفريدة.
آفاق مستقبلية وخطوات قادمة
استثمار هذا النجاح يدفع الفريق العلمي إلى الخطوة التالية: اختبار الأنظمة البلاستيكية الحيوية في ظروف الفضاء الأشد قساوة، كالضغط الفراغي في مهمات القمر أو الرحلات البعيدة عن الأرض. من المتوقع أن تدمج هذه التجارب الجديدة حلولًا أخرى كاستخدام “الهلام الهوائي السيليكاني” (الآيروجيل) لتثبيت الحرارة والضغط، مما يتيح بناء بيئات صناعية مستدامة قادرة على احتضان الحياة. كل ذلك يأتي ضمن تصور علمي متكامل يسعى لجعل المريخ أو أي كوكب آخر حاضنة دائمة للإنسان والتنوع البيئي.
ختامًا، تظهر هذه الإنجازات العلمية أن الابتكار المرتبط باحتياجات الرحلات الفضائية يمكن أن يعود بفوائد واسعة النطاق على كوكبنا أيضاً، إذ قد تشكّل هذه التقنيات أساسًا لصناعات صديقة للبيئة. ربما يحتاج النص أحياناً إلى التشديد على مصطلحات مثل “الاقتصاد الدائري” بدلًا من تكرار “النظام المغلق”، أو يمكن تعزيز الترابط بين الفقرات بجمل مثل: “هكذا، يتأكد لنا أن رحلة الاستكشاف ليست منفصلة عن طموحات الأرض في الاستدامة”. المهم أن جوهر القصة يبقى ملهماً: من مختبر صغير إلى أحلام بحياة عامرة على سطح المريخ، كل ذلك بفضل طحالب صغيرة وأفكار كبيرة.