بلوتو استغرق ما يقرب من 250 عامًا حتى يدور أخيرًا حول الشمس

3 د
بلوتو يستغرق 248 عاماً أرضياً ليدور حول الشمس بسبب بعده الهائل.
مدار بلوتو الإهليلجي يجعله يقترب أحياناً من مدار نبتون.
تحول الغلاف الجوي لـ بلوتو لثلج بسبب برودته الشديدة.
مسبار "نيو هورايزونز" مكّن العلماء من تحليل بلوتو وخصائصه المتنوعة.
بلوتو بالرغم من تصنيفه ككوكب قزم، لا يزال يثير الفضول العلمي.
هل تخيلت يوماً أن فصل الصيف أو الشتاء قد يمتد عشرات السنوات؟ هذا بالفعل هو الحال على كوكب بلوتو؛ الذي يستغرق نحو 248 عاماً أرضياً ليكمل دورة واحدة حول الشمس. لماذا كل هذا الوقت الطويل؟ وما الذي يجعل رحلة هذا العالم البعيد فريدة لهذه الدرجة؟
يكمن سر هذه الرحلة الطويلة في موقع بلوتو بالدرجة الأولى. يقع بلوتو على بعدٍ هائل من الشمس، تحديداً بين 30 إلى 49 وحدة فلكية. ولتبسيط الأمر، الوحدة الفلكية الواحدة تُمثل المسافة بين الأرض والشمس، أي قرابة 150 مليون كيلومتر. وهذا يعني ببساطة أنه يبعد عنا نحو 39 ضعف المسافة التي تفصل كوكبنا عن الشمس. هذه المسافة الهائلة لا تجعله بارداً فحسب، وإنما أيضاً تزيد من زمن دورانه حول الشمس بشكلٍ كبير.
وإلى جانب هذه المسافة المذهلة، تتميز رحلة بلوتو بطبيعة مساره الإهليلجي أو البيضاوي، فالمدار ليس دائرياً تماماً – على عكس مدار الأرض الذي ندور من خلاله حول الشمس خلال 365 يوماً. يتسبب الشكل البيضاوي لمدار بلوتو في أن تصبح المسافة بينه وبين الشمس متغيرة باستمرار، وفي بعض الأحيان يقترب لدرجة أنه يعبر داخل مدار كوكب نبتون، ويظل في هذا الموضع الأقرب لمدة قد تصل إلى 20 عاماً. أما في الفترات التي يكون فيها بعيداً للغاية عن الشمس، فيكون الطقس بارداً لدرجة تجعل غلافه الجوي يتجمد حرفياً، حيث تتحول الغازات إلى طبقات من الثلج والجليد.
ورغم مكانته البعيدة والغريبة، ظل بلوتو لفترة طويلة بعيداً عن أعين العلماء، حتى عام 2006 حين أطلقت وكالة ناسا مركبة الفضاء "نيو هورايزونز". كانت هذه البعثة هي الخطوة الأولى في رحلة استكشاف هذا العالم البعيد، فمن خلال البيانات والصور التي أرسلتها المركبة إلى الأرض، تمكنّا من إلقاء نظرة أدق وأوضح على سطوح بلوتو. رأينا جبالاً جليدية مغطاة بالميثان وودياناً وسهولاً كبيرة تتخللها فوهات ناتجة عن اصطدامات النيازك.
لكن بلوتو لم يكن وحيداً في هذه الصورة الجديدة؛ بل التفَّت حوله خمسة أقمار صغيرة غريبة، أكبرها "شارون"، الذي يبلغ حوالي نصف حجم بلوتو، لدرجة أن بعض الخبراء يصفون علاقتهما برقصة سماوية مشتركة لا يدور فيها قمر حول الآخر بشكلٍ تقليدي، بل كلاهما يتحرك في تناغم وتفاعل كاملين. أما باقي الأقمار "ستيكس، نيكس، كيربيروس، وهيدرا"، فتبدو صخرية الشكل وأقل انتظاماً وأصغر حجماً، واكتشف اثنان منها فقط أثناء رحلة مسبار "نيو هورايزونز".
يكمن الجانب الإيجابي في هذا الجهد العلمي الكبير في التعرف على كوكب كان يُثير الجدل بين العلماء حول وضعه من الناحية العلمية. في عام 2006 ذاته أيضاً، أعادت الجمعية الفلكية الدولية تصنيف بلوتو ليصبح "كوكباً قزماً" بسبب حجمه الصغير ومداره المتداخل مع أجرام أخرى. هذا التغيير وإن أثار بعض الاستياء بين عشاق الفضاء، لم يقلل من أهمية أو شعبية بلوتو، بل عزز رغبتنا في معرفة المزيد عن هذا العالم الغامض.
وهذا بالضبط ما حققه مسبار نيو هورايزونز، الذي ساعدنا اليوم في فهم خصائص بلوتو بتفاصيل رائعة لم نكن نحلم بها سابقاً – من سطحه إلى طقسه الشديد البرودة، ومن مداره الفريد إلى جيشه الصغير من الأقمار المرافقة.
وبالنظر لكل ما اكتشفناه، يبقى بلوتو عالماً ساحراً في طرف منظومتنا الشمسية، ورغم عدم اعتباره كوكباً رسمياً اليوم، فسحره العلمي لا يمكن إنكاره. ربما في السنوات القادمة، ومع تقدم تقنيات استكشاف الفضاء، سنتمكن من فهم المزيد من ألغاز بلوتو الذي لا تزال تنتظرنا حوله أسئلة كثيرة. لضمان أنّ هذا النص يقدم حالةً جاذبة بالفعل للقارئ، ربما يمكن استخدام بعض المرادفات القوية مكان كلمات مألوفة، كأن نستخدم "غامض" بدلاً من كلمة "غريب"، أو ندمج جملة انتقالية تُذكّر القارئ بأهمية هذه الاستكشافات العلمية في الكشف عن مزيد من الأسرار الفضائية الرائعة.