ذكاء اصطناعي

بويضة من خلية جلد: خطوة صغيرة للعلم، قفزة هائلة لمستقبل الإنجاب

محمد كمال
محمد كمال

3 د

أعلن علماء من جامعة أوريغون عن تحويل خلايا جلد الإنسان إلى بويضات قابلة للإخصاب.

واجهت التجربة تحديات تتعلق بسلامة الكروموسومات، مما يجعل البويضات غير صالحة حاليًا.

تمكن الفريق من محاكاة البويضات الطبيعية وتقليل الكروموسومات الزائدة.

اعتُبر النجاح إثباتًا للفكرة ولكنه يحتاج لسنوات لتحسين العمليات الحيوية.

في خبر قد يفتح آفاقاً جديدة في عالم الخصوبة والطب التجديدي، أعلن فريق بحثي من جامعة العلوم والصحة في أوريغون بالولايات المتحدة أنهم تمكنوا من إنتاج بويضات قابلة للإخصاب انطلاقاً من خلايا جلدية بشرية. هذه الخطوة العلمية وُصفت بأنها إثبات للمفهوم، لكنها واجهت أيضاً عقبات جوهرية تتعلق بسلامة الكروموسومات.


كيف جرت التجربة؟


بدأ العلماء بتجريد بويضات بشرية من أنويتها الأصلية، ثم استبدلوها بأنوية مأخوذة من خلايا جلد تحمل مجموعتين كاملتين من الكروموسومات. وبهدف محاكاة البويضات الطبيعية، اضطر الفريق إلى ابتكار وسيلة تدفع الخلية للتخلص من الكروموسومات الزائدة، بحيث تتوافق مع نصف العدد المعتاد الموجود في الحيوانات المنوية. بعدها تم حقن هذه البويضات بصُوَر منوية متبرع بها ومتابعة مراحل الانقسام الأولى.

وهنا ينتقل بنا الخبر إلى ما حدث لاحقاً، حيث نجح نحو 9% من البويضات في الوصول إلى مرحلة مبكرة تُعرف بـ “الكيسة الأريمية”، وهي المرحلة التي تظهر عادة في التخصيب الطبيعي قبل غرس الجنين. ومع ذلك توقفت التجارب عند هذا الحد لأسباب علمية وأخلاقية.


التحدي الأكبر: خلل الكروموسومات


المشكلة الأساسية التي واجهها الباحثون هي أن الكروموسومات الناتجة لم تكن طبيعية بالشكل المطلوب. الخلل في البنية الوراثية يعني أن البويضات المنتَجة غير صالحة حالياً لاستخدام بشري. رئيس الفريق، الدكتور شوخرات ميتاليبوف، أوضح أن ما توصلوا إليه يمكن اعتباره “إثباتاً للفكرة” لكنه ليس جاهزاً لاعتماد طبي، مؤكداً أن تحسين العمليات الحيوية وتقنيات الانقسام الخلوي سيحتاج سنوات أخرى من البحث.

ومع هذه القيود، تنتقل النقاشات إلى ردود الفعل العلمية حول التجربة وما يمكن أن تمثله لمستقبل الإخصاب الصناعي.


ردود فعل متباينة من المجتمع العلمي


بعض الباحثين خارج المشروع أبدوا قلقهم إزاء المشكلات الكروموسومية وما قد تعكسه من مخاطر مستقبلية. على سبيل المثال، عالم الخلايا الجذعية في جامعة كولومبيا، ديتريش إيغلي، وصف النتائج بالمقلقة. بالمقابل، اعتبرت الطبيبة المتخصصة في الخصوبة إيف فاينبرغ أن مجرد نجاح الفريق في تقليل عدد الكروموسومات، ولو بشكل غير كامل، يُعد إنجازاً يستحق الاهتمام، ويفتح باباً لأمل جديد في علاجات العقم.

ويعيدنا هذا التباين في الرأي إلى صورة أشمل: كيف يمكن لمثل هذه الأبحاث أن تغيّر مستقبل الطب الإنجابي؟


آفاق مستقبلية للطب الإنجابي


إذا تمكن العلماء في السنوات المقبلة من تجاوز تحديات الاستقرار الجيني، فقد نكون أمام ثورة حقيقية في علاج العقم وتمكين الأزواج من جميع الفئات، بمن فيهم المثليون، من إنجاب أطفال تربطهم علاقة وراثية بكلا الشريكين. هذا النوع من البحوث قد يوصلنا إلى عصر تُصبح فيه الخلايا الجسدية مصدراً فعالاً لإنتاج بويضات أو حتى حيوانات منوية، وهو أمر يثير حماساً علمياً بقدر ما يثير نقاشات أخلاقية واسعة.


الخلاصة

ذو صلة


التجربة التي أجراها علماء أوريغون تمثل خطوة أولية جريئة على طريق طويل ومعقد. صحيح أن بويضات المختبر الناتجة ما زالت تعاني من مشكلات قاتلة في الكروموسومات، لكن مجرد إثبات إمكانية تحويل خلية جلدية إلى بويضة قابلة للإخصاب – ولو على نحو ناقص – يُعد إنجازاً كبيراً. وبين التحديات التقنية والحماسة المستقبلية، يبدو أن حلم ولادة أطفال من خلايا جلد أو خلايا عادية ما زال ينتظر عقداً جديداً من المثابرة والبحث.

ذو صلة