تطبيق Tea يفقد ثقة النساء بعد تسريب مليون رسالة و72 ألف صورة خاصة!

4 د
تطبيق المواعدة "Tea" تعرض لاختراق أمني كشف بيانات حساسة لمستخدماته.
شملت البيانات المسروقة صور شخصية، وثائق حكومية، ورسائل خاصة حساسة للغاية.
اندلعت معلومات عن الثغرات، مما زاد القلق بشأن سلامة وأمان المستخدمات.
تطبيق "Tea" يواجه انتقادات حادة لفشل في تأمين بيانات المستخدمين بشكل مناسب.
الشركة استعانت بخبراء خارجين، والتحقيقات من قبل السلطات الأمنية جارية.
موجة ذعر اجتاحت مواقع التواصل بين مستخدمات تطبيق "Tea" بعد سلسلة اختراقات كشفت المستور: صور شخصية، وثائق حكومية، وملايين الرسائل الخاصة وقعت بسهولة في أيدي الغرباء. هذا التطبيق، الذي كان يروج لنفسه على أنه مساحة آمنة للسيدات الباحثات عن علاقات عاطفية بعيداً عن المضايقات، أصبح فجأة محور اهتمام عالمي بسبب واحدة من أخطر التسريبات الرقمية لهذا العام.
منذ أيام قليلة فقط، تصدّر تطبيق "Tea" قائمة متجر "آبل" كأكثر التطبيقات تنزيلًا، ليثير إعجاب النساء بما يقدمه من وعود بالحماية والتحقق من الهوية، وليمنح شعورًا بالأمان في فضاء رقمي يمتلئ بالمخاطر. لكن الحقيقة كانت عكس ذلك، إذ كشفت الشركة رسميًا عن تسلل قراصنة إلكترونيين إلى قاعدة بيانات قديمة احتوت على 72 ألف صورة، بينها 13 ألف صورة سيلفي ووثائق إثبات هوية – المستندات التي تطلب عادة لتأكيد الحسابات وزيادة مستوى الثقة. الجدير بالذكر أن البيانات المتضررة شملت مستخدمات سبق لهن التسجيل قبل فبراير 2024، بحسب تصريحات الشركة عقب الحادث. ورغم أن التسريب بدا في البداية محدوداً، إلا أن المفاجآت لم تتوقف عند ذلك الحد.
"رسائل خاصة على الملأ: الأمن في مهب الريح"
في تطور خطير، اكتشف باحث أمني مستقل يدعى كاسرا رهجاردي، ثغرة ثانية أتاحت استخراج 1.1 مليون رسالة خاصة من التطبيق، تغطي فترة زمنية تمتد من عام 2023 وحتى الأسبوع الماضي. هذه الرسائل لم تكن عادية، بل تضمنت محادثات في غاية الحساسية حول قضايا شخصية مثل الإجهاض والخيانة الزوجية، وحتى أرقام الهواتف ومعلومات سرية أخرى. هذه الصدمة كشفت أن أنظمة "Tea" الحالية نفسها مخترقة وليست فقط البيانات القديمة، مما قلب الطاولة على كل وعود الأمان. ويعزز ذلك وجود إمكانية تقنية لإرسال إشعارات جماعية لكل مستخدمات التطبيق، ما يجعل خطورة الثغرة مضاعفة بالفعل.
نتيجة مباشرة لهذا الانكشاف، بدأت المعلومات المسروقة بالانتشار داخل مجتمعات الإنترنت المظلم، وابتكر بعض القراصنة مواقع إلكترونية تتيح لزوّارها تقييم صور السيلفي المسربة، فيما استخدم آخرون بيانات الموقع الجغرافي الموجودة ضمن الصور لرسم خرائط توضح أماكن وجود المستخدمات بدقة مقلقة. وهذا يعطي اختراق "Tea" بُعدًا جديدًا، حيث لم يعد ضرر الاختراق مقتصرًا على الخصوصية، بل امتد ليهدد سلامة النساء جسديًا ونفسيًا مع احتمالات التعرض للتحرش أو السرقة أو حتى التنمر الإلكتروني بكافة أشكاله.
من هنا، يصبح من الطبيعي أن نتساءل: كيف حدث كل هذا؟ تكشف تقارير خبراء الأمن السيبراني أن المشكلة لا تتعلق بهجوم معقد، بل بفشل أمني أساسي – حيث خُزِنت بيانات التحقق والمعلومات الحساسة في مساحة تخزين سحابية كانت متاحة للجميع من دون أي إجراءات حماية أو مصادقة. هذا القصور سمح لأي شخص، حتى من دون مهارات تقنية متقدمة، بالدخول والاطلاع على خصوصيات الآلاف. ويواجه "Tea" الآن انتقادات حادة بسبب تناقض تصريحاته الرسمية؛ إذ ذكرت الشركة أن حفظ الصور القديمة هو "امتثال لمتطلبات سلطات إنفاذ القانون المتعلقة بمنع التنمر الرقمي"، بينما تنص سياسة الخصوصية على حذف تلك الصور فور انتهاء إجراءات التحقق.
ولا يقف الأمر عند التشكيك بوعود التطبيق. فقد أعلنت الشركة أنها استعانت بخبراء خارجيين للعناية بأزمة الأمن، وبدأت بعرض خدمات حماية الهوية لمستخدماتها المتضررات. وفي ذات الوقت، صرحت بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" فتح تحقيقًا نشطًا مما يُقيّد قدرتها على التصريح بمزيد من التفاصيل.
وسط هذا المشهد المعقد، يتضح أن أزمة تطبيق "Tea" جاءت نتيجة قلة الدراية التقنية، وتغليب سرعة الانتشار على أولوية الأمان الرقمي. القضية ليست مجرد فضيحة عابرة، بل إنذار حقيقي لكل من يعتمد على تطبيقات المواعدة أو المنصات الاجتماعية للدردشة أو مشاركة الصور الشخصية، خصوصًا عندما يتعلّق الأمر بقضايا التحقق الإلكتروني والامتثال للقوانين. ولعل إضافة جمل ترابطية أو استبدال كلمة "التسريب" أحيانًا بمصطلح "اختراق أمني" من شأنها أن تعكس عمق الجريمة الإلكترونية وتحديات عصر البيانات.
في ختام الصورة، يبقى الدرس واضحًا: الخصوصية الرقمية ليست شعارًا بل مسؤولية مشتركة بين الشركات والمستخدمين على حد سواء. مراجعة سياسات الأمان، والحذر عند رفع أي وثائق حساسة، وتضييق دائرة الثقة الرقمية أصبح ضرورة ملحة، حتى لا يتحول أي تطبيق مبتكر من حلم بالأمان إلى كابوس حقيقي.