تكنولوجيا مبتكرة تتيح شحن السيارات الكهربائية خلال 10 دقائق وخفض التكلفة بنسبة 85%

3 د
تسمح تقنية جديدة بشحن السيارات الكهربائية خلال عشر دقائق فقط.
نجح الباحثون في تقليص تكاليف التصنيع بنسبة تصل إلى 85%.
تم تطوير فيلم بوليمري يقلل استخدام النحاس والألمنيوم ويزيد سعة البطارية.
تُقلل هذه التكنولوجيا من حوادث الاشتعال بنسبة تفوق 90%.
تعتبر أمريكا هذه التقنية خطوة نحو استقلال سلاسل توريد البطاريات.
تخيّل لو أصبح بإمكانك شحن سيارتك الكهربائية لنسبة 80% خلال فترة لا تتجاوز عشر دقائق فقط، ليس هذا فحسب، بل بتكلفة مالية لا تصل سوى إلى ربع التكلفة الحالية تقريبًا. يبدو الأمر رائعًا وغير قابل للتصديق، لكن ذلك أصبح اليوم حقيقة بفضل إنجاز علمي جديد من مختبر أوك ريدج الوطني في الولايات المتحدة.
ففي كشف علمي حديث أعلن عنه اليوم باحثون من المختبر الوطني الأمريكي بالشراكة مع مجموعة "سوتيريا" للابتكار في مجال البطاريات، تبين أنهم تمكنوا من تطوير مكوّن جديد في البطاريات يقلص بشكل مذهل التكاليف التصنيعية بنسبة تصل إلى نحو 85% ويسمح بشحن المركبات الكهربائية بسرعة فائقة لا تتجاوز العشر دقائق. هذا الاختراق التقني يُشكّل حلًا ذكيًا لمشكلتين أساسيتين يعاني منهما سوق السيارات الكهربائية اليوم، وهما التكلفة المرتفعة لبطاريات الليثيوم، والزمن الطويل المطلوب لشحنها، الأمر الذي لا يشجع العديد من المستهلكين على اقتناء هذه السيارات النظيفة.
كيف تعمل هذه التكنولوجيا الجديدة، وما الذي يجعلها مختلفة ومتفوقة على السابق؟
تعرّف على تقنية الفيلم البوليمري الجديدة
بدلًا من استخدام الرقائق المعدنية التقليدية المصنوعة من النحاس أو الألمنيوم، اعتمد الباحثون في تصميمهم المتطور على فيلم بلاستيكي بوليمري مغلف بطبقات رقيقة جدًا من هذين المعدنين. هذا التصميم الابتكاري ليس فقط يقلص كمية النحاس والألمنيوم المطلوبة بنسبة كبيرة، ولكنه أيضًا يزيد سعة تخزين الطاقة في البطارية بنسبة 27%. ويُطلق على هذه القطعة المسؤولة عن نقل التيار الكهربائي بين خلايا البطارية والدوائر الخارجية اسم "جامع التيار الكهربائي".
وبالإضافة إلى فائدتها الاقتصادية، تتمتع هذه الهندسة الجديدة للبطاريات بميزة السلامة أيضًا؛ فهي تقلل من حوادث الاشتعال التي تحدث نتيجة حدوث ماس كهربائي داخلي بنسبة تفوق 90%. وكل ذلك بفضل الفيلم البلاستيكي ذاته، فعند حدوث خلل داخلي يؤدي لماس كهربائي، يذوب البوليمر سريعًا فيفصل الطبقة المعدنية ويوقف انتشار التيار الكهربائي.
هذه التكنولوجيا التصنيعية ذاتها واجهت في البداية بعض الصعوبات، حيث تُعتبر طبقات البوليمر الجديدة رقيقة ودقيقة للغاية، مما يجعلها عُرضة للتجعد والتلف لدى إدخالها خطوط الإنتاج التقليدية التي تتم من خلال بكرات دوّارة. لكن الفريق البحثي استطاع التغلب على هذه المشكلة من خلال تحديد شروط وتقنيات جديدة ملائمة لعمليات الإنتاج الحالية في مصانع البطاريات، ما يسرّع بشكل كبير من تبني هذه التقنية على نطاق تجاري واسع.
ولهذه التقنية أهمية استراتيجية كبرى، خاصة في ظلّ تنامي الحاجة العالمية للسيارات الكهربائية وارتفاع الطلب على النحاس والألمنيوم، واللذين باتا يمثلان مشكلة حقيقية وقيودًا مستمرة في سلاسل التوريد. تشير الدراسات إلى احتمال حدوث نقص بحوالي ستة ملايين طن من النحاس سنويًا بحلول العقد المقبل بسبب زيادة إنتاج السيارات الكهربائية.
أمريكا تراهن على التقنية الجديدة لتعديل الموازين في سوق البطاريات
ومع الهيمنة الصينية التي تتجاوز 70% من الإنتاج العالمي للبطاريات، تحاول الولايات المتحدة إيجاد مكانة لها عبر تطوير حلول مبتكرة تسمح لها ببناء سلاسل توريد محلية مستقلة وأكثر ديمومة. ويأتي المشروع الأخير من مختبر أوك ريدج وشركة سوتيريا كخطوة متقدمة ومهمة نحو تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الطموح.
وفي تعليق للمدير التنفيذي لشركة سوتيريا براين مورين، أوضح بقوله: "صحيح أننا خفضنا كمية المعدن المستخدم بنحو 80%، ما قد يجعل بعض العمليات أصعب أو أبطأ، لكن الباحثين أثبتوا إمكانية الحفاظ على سرعة شحن وتفريغ ممتازة رغم هذا التقليل الكبير في المواد المعدنية".
لهذه الاكتشافات العلمية تأثيرات واسعة النطاق، فهي لا تحل أزمة كلفة شحن السيارات الكهربائية وسرعته فقط، بل تساهم كذلك في التغلب على تحديات بيئية واستراتيجية يمكنها تشكيل مستقبل الطاقة عالميًا. وبينما هذا النجاح العلمي لافت جدًا، يمكن مستقبلاً التركيز بشكل أكبر على مقاومة المادة البوليمرية الجديدة لعوامل الطقس القاسية لضمان الاستخدام الأمثل في مختلف الظروف المناخية، كما يمكن إضافة اهتمام أكبر بضمان استدامة البوليمر بيئيًا وتأثيره على إعادة التدوير.
اليوم، تصبح السيارات الكهربائية الخطوة التالية نحو مستقبل مستدام أكثر من أي وقت مضى، ومع المزيد من هذه الابتكارات الواعدة، يبدو أننا على مقربة من ذلك المستقبل المشرق.