ذكاء اصطناعي

تمويل جديد بقيمة 8 ملايين دولار يدعم إطلاق وكلاء الذكاء الاصطناعي في الدردشات الجماعية

مصطفى يسري
مصطفى يسري

4 د

جمع ديفيد بيترو 8 ملايين دولار لتطوير وكلاء ذكاء اصطناعي للدردشات الجماعية.

تهدف "كونتينوا" لجعل التواصل في مجموعات العمل والأصدقاء أكثر سلاسة وذكاء.

الوكيل الذكي يلتقط النقاشات وينظم الأفكار ويحول الفوضى إلى إنتاجية.

التحديات تشمل دمج الذكاء الاصطناعي الجماعي وتفهم تدفق الحوار بين الأعضاء.

سهولة الاستخدام وتميزها في السيناريوهات الجماعية يمنحها تنافسية عالية.

في عالم التقنية المتسارعة، تأتي فكرة تجمع بين الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الدردشة الجماعية، تحمل توقيع أحد ألمع مهندسي جوجل السابقين، ديفيد بيترو، الذي استقال بعد أكثر من 17 عامًا ليؤسس شركته الناشئة الخاصة "كونتينوا". فكرة بيترو تستهدف مباشرة قلب حياتنا الرقمية اليومية: كيف نتفاعل ونتواصل في مجموعات الأصدقاء والعمل، وسط زخم الرسائل والاقتراحات والقرارات الجماعية، وما الذي يمكن أن يضيفه الذكاء الاصطناعي لجعل هذه التجارب أكثر ذكاءً وسلاسة.

في هذا الوقت الذي يرتفع فيه وهج الذكاء الصناعي، أعلن بيترو عن جمع تمويل أولي بقيمة 8 ملايين دولار تقف وراءه شركات استثمار بارزة مثل GV وBessemer Ventures Partners ومجموعة من المستثمرين الملائكيين. هذه الخطوة تضع "كونتينوا" في سباق تطبيقات الذكاء الاصطناعي القادرة على تقديم قيمة عملية في الحياة اليومية، وليس مجرد تقنيات معقدة لا تمس المستخدم العادي.


كيف يعمل وكيل الذكاء الاصطناعي في الدردشات الجماعية؟

ربما تساءلت يومًا: لماذا لا يوجد مساعد ذكي بالفعل وسط مجموعات الدردشة، يلتقط النقاشات، ينظم الأفكار، ويحول الفوضى إلى إنتاجية؟ هذا بالضبط ما تسعى "كونتينوا" إلى تحقيقه عبر وكلاء ذكاء اصطناعي مدعومين بأحدث نماذج معالجة اللغة الطبيعية (LLM)، يندمجون داخل محادثات SMS وiMessage وDiscord ليكونوا أصدقاء من نوع جديد.

بيترو يشرح قائلا إن هدفهم ببساطة هو “إدخال قوة النماذج الكبيرة للغة في الدردشات الجماعية”. هؤلاء الوكلاء لن يردوا بشكل عشوائي، بل سيتدخلون عندما يحتاجهم النقاش، فيسجلون المواعيد، ويطلقون استطلاعات رأي، ويرسلون تذكيرات، بل حتى ينشئون مستندات قوائم المهام تلقائيا. والأهم، يستطيع كل مستخدم الخروج بمحادثة خاصة مع الوكيل الذكي للاستفسار عن تفاصيل قد فاتته، مثل موعد الاجتماع أو مكانه.

هذا يؤسس لمفهوم جديد من التفاعل الرقمي، حيث تتقلص الحاجة للبحث والنسخ واللصق، ويصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أصيلاً من النسيج التواصلي اليومي. وهذا النهج تحديدًا هو الذي يربط جهود "كونتينوا" بنظرة طويلة الأمد لتحويل أدوات التعاون الجماعي إلى تجارب سلسة وذكية بشكل فعلي.


التحديات التقنية وراء الذكاء الاجتماعي للوكيل

لكن، دمج وكيل ذكاء اصطناعي واحد وسط مجموعة من البشر يخلق تحديًا غير بسيط. معظم النماذج المتاحة تم تطويرها أساسًا لمحادثات فردية – شخص واحد يتحدث مع مساعده الرقمي، وليس مع مجموعة بأفكار وسياقات متقاطعة. لهذا كان على الفريق في "كونتينوا" تدريب النماذج على “الذكاء الاجتماعي”، أي أن يدرك الوكيل متى يصمت ومتى يتدخل، وكيف يتابع تدفق الحوار دون أن يصبح مزعجًا أو متطفلاً.

بيترو يصف الأمر بأمانة تقنية: “كان علينا أن نكسر طريقة تفكير النموذج ليكون جزءًا طبيعيًا من الحديث الجماعي”. فبات باستطاعة المستخدمين أن يطلبوا من الوكيل الذكي التدخل أو التراجع عند الحاجة، ما يجعل التجربة تفاعلية بالكامل وملائمة لطبيعة كل مجموعة وشخصية أعضائها.

هذه التوليفة الرقمية الجديدة، تجمع بين مرادفات التعاون، الإدارة الذكية، تكنولوجيا التواصل، المساعد الافتراضي، وأتمتة المهام، لترسم سيناريو عمل جديد لفكرة المجموعة الرقمية المتعاونة.

والحديث عن التقنية يقود إلى جانب لا يقل أهمية، وهو كيفية بدء الاستخدام؛ فيمكن ببساطة إضافة رقم هاتف كونتينوا إلى مجموعة SMS أو اسمه إلى دردشة Discord ليبدأ في العمل فورًا. هذه السهولة تضع "كونتينوا" في مواجهة منافسين آخرين مثل Meta وHey Umai، إلا أن تميزها يكمن في تركيزها الكامل على سيناريوهات المجموعات وليس المحادثات الفردية فقط.

وهذا ما يفتح أمام المشروع أبواب فرص ربحية مستقبلية، خاصة في قطاعات تخطيط الأحداث وحجز الرحلات، حيث يمكن فرض رسوم على الخدمات الذكية.


الاستثمار بالمستقبل: لماذا جذبت كونتينوا كبار المستثمرين؟

من اللافت أن شركة GV دخلت على خط التمويل حتى قبل أن تكتمل رؤية المنتج النهائي. فالعامل الحاسم في جاذبية الشركة هو خبرة بيترو الطويلة مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتجربته في بناء منتجات كبرى سابقة مثل Google Glass وGoogle Goggles.

ذو صلة

الصورة هنا تعكس تقاطع الاستثمارات الجريئة، ريادة الأعمال التقنية، الابتكار في منصات التراسل، توظيف الذكاء الاصطناعي السحابي، ومنافسة أسماء ضخمة مثل OpenAI وMeta وAnthropic، كلها تتنافس على كسب ولاء المستخدمين النهائيين والشركات الباحثة عن حلول ذكية للتعاون.

ختاما، نشهد اليوم اتجاها متزايدا لتحويل المحادثات النصية الجماعية من مجرد تبادل للرسائل إلى ساحات تعاون ذكية يقودها الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن للتنظيم، الأتمتة، والمساعدة الفورية أن يجعلوا من تجربة الدردشة اليومية في العمل أو مع الأصدقاء رحلة أسهل وأكثر إنتاجية. ربما لن يمر وقت طويل حتى تصبح مثل هذه الخدمات مكونا أساسيا لا غنى عنه في حياتنا الرقمية.

ذو صلة