ذكاء اصطناعي

ثعلب طائر بحجم لا يُصدق… مهدد بالانقراض في أي لحظة!

محمد كمال
محمد كمال

4 د

يعيش خفاش كريسماس الطائر في جزيرة كريسماس ويواجه خطر الانقراض بسبب عدة تهديدات.

التهديدات تشمل التدمير البيئي، التعدين، والتطوير العمراني، بالإضافة الى النمل الأصفر والقطط البرية.

يُعتبر وضع خطة إنقاذ شاملة ضروريًا لإنقاذ هذا النوع الفريد من الانقراض.

يحذر الخبراء من أن أي كارثة طبيعية مفاجئة قد تؤدي إلى انقراض هذا الخفاش نهائيًا.

في زوايا جزيرة كريسماس النائية، بعيدًا عن ضجيج المدن الكبرى، يعيش آخر ممثل للثدييات المحلية: خفاش الجزيرة الشهير بلقب "الثعلب الطائر". هذا الكائن الصغير ذو الفراء الداكن والعينين الواسعتين أصبح اليوم في قلب معركة مصيرية؛ فهو مصنّف على أنه مهدد بالانقراض ولم يحصل حتى اللحظة على خطة إنقاذ واضحة تعيد له الأمل بالحياة. على الرغم من ملامحه التي تشبه دمى الدببة المحبوبة وصيته كـ"الخفاش السمين اللطيف"، تحذر أصوات العلماء من أن كارثة طبيعية واحدة، كإعصار مدمر، قد تضع نهاية مؤلمة لوجوده فوق هذه الأرض

يعرف خفاش كريسماس الطائر بأنه أصغر حجمًا وأكثر نعومة من أبناء عمومته المنتشرين في أستراليا، كما تصفه الباحثة د. أنابيل دورستاين، التي أمضت تسع سنوات تتابع سلوكيات هذه الفصيلة الفريدة. جذب هذا الحيوان الانتباه بلطافته وسحر طلته، لكن خلف هذه الصورة البريئة تقبع أزمة سكانية خطيرة. تقول دورستاين: "في الثمانينيات، كنا نرى قرابة ألفي خفاش مجتمعة في عش واحد، أما اليوم فأقصى ما أستطيع أن أحصيه هو أربعمائة فقط في نفس الموقع... هذا فرق هائل ويثير القلق".

وهذا التراجع العددي يرتبط بكثير من التهديدات الخطيرة التي تترصد هذا النوع المعرض للانقراض. بداية، تعتمد الخفافيش على أماكن تعشيش محدودة جدًا لرعاية الصغار والتكاثر، مما يجعلها حساسة لأي خلل بيئي أو اضطراب في بيئتها الأصلية. يشكل تدمير المواطن الطبيعية بفعل التعدين والتطوير العمراني أحد أخطر المخاطر المحدقة بالمستعمرات الباقية، يضاف إليها هجمات القطط البرية، إلى جانب المضايقات المتواصلة من الحشرات الدخيلة مثل النمل الأصفر المجنون الشهير بإتلافه للنظم البيئية. وجميع هذه العوامل تهدد توازن التنوع البيولوجي في الجزيرة.


الحاجة الماسة لخطة إنقاذ فعالة

إزاء هذه المخاطر، يشدد الخبراء أن وجود خطة تعافٍ (Recovery Plan) متكاملة هو أمر أساسي، إذ توضح تلك الخطط أبرز التحديات والحلول المقترحة لإنقاذ الأنواع المهددة. المفارقة المؤلمة أن ثعلب كريسماس الطائر هو الثديي الأسترالي الوحيد شديد الخطورة الذي حُرم من خطة كهذه. رغم تقديم بعض النصائح القديمة من الجهات البيئية بديلاً للخطة، يشير المتخصص البارز الأستاذ جستين ويلبرجن إلى أن تلك التعليمات "عفا عليها الزمن" ولم تعد قادرة على مواكبة حجم الأزمة وتطور التهديدات.

ويعزز هذا الرأي جيمس تريسايز، الرئيس التنفيذي لمجلس التنوع الحيوي، مؤكداً أن وجود خطط ملموسة ليس فقط ضرورة بل رهينة بمدى قدرة الجهات المسؤولة على توفير تمويل حقيقي لتطبيقها على أرض الواقع. وينبّه بأن الاكتفاء بالنصائح العامة أو الاعتماد على إجراءات تنقصها المتابعة قد يؤدي ببساطة إلى مراقبة النوع وهو ينقرض أمام أعيننا، كما وقع مع خفاش الجزيرة المصغر في 2009 عندما سُجلت أول حالة انقراض رسمية في ظل قانون حماية البيئة الفدرالي بأستراليا.

وتزداد خطورة الموقف عندما نعلم أن كل ذلك يحدث في جزيرة واحدة فقط، أي أن أي حدث بيئي كبير كإعصار مدمر قد يقتلع الأشجار التي تحتضن أعشاش الخفافيش أو يزج بها في المحيط، مما يؤدي لاختفاء النوع خلال ساعات.


جمال الجزيرة لا يُغني عن الخطر الداهم

من يزور جزيرة كريسماس، كما يرويها أستاذ الأحياء جون وينارسكي الذي عاش هناك عامين، يجد نفسه وسط غابة استوائية الحياة فيها نابضة بالاستثنائية: صخب طيور البحر، أعشاش طائر الأبابيت وفَرّيسي الجزيرة، وأرض تكتظ بسرطان البحر الأحمر الغريب، في فسيفساء بيئية لا نظير لها في بقية أنحاء العالم. لكن مخاطر الإهمال تتهدد هذا المشهد الفريد. صحيح أن هناك بعض الجهود البحثية ولجنة إرشادية تتابع وضع الخفاش الطائر، إلا أن الخبراء يشددون أنه لا وقت للاستكانة، فالخطر على الأبواب وقد يفاجئ الجميع بحدث كارثي يقلب موازين الجزيرة رأسًا على عقب.

وهكذا نربط أهمية الجهود الحثيثة للإبقاء على خفاش كريسماس الطائر ودوره الحيوي في تلقيح الأشجار وتوزيع البذور، ليس فقط من منظور حماية نوع لطيف وجميل، بل كعنصر جوهري في نظام بيئي هش وفريد من نوعه على مستوى العالم.

ذو صلة

بين غموض المستقبل وأمل الخلاص

ختامًا، يقف خفاش كريسماس الطائر – أو الـ"الثعلب الطائر" كما يحب البعض تسميته – على حافة المصير المجهول، حيث رهان البقاء مرتبط بسرعة التحرك لوضع خطة إنقاذ شاملة تضع كل خبرة العلم الحديث في خدمة الطبيعة. إن فقدان هذا الكائن لن يكون خسارة لجمال الجزيرة فقط، بل ضياع حلقة أساسية من الإرث البيولوجي العالمي الذي يصعب تعويضه. فلا تزال أمامنا فرصة لنكتب نهاية مختلفة لهذه القصة، بشرط أن نغتنم الوقت ونتحرك دون تردد.

ذو صلة