جهاز منزلي يلتهم الكهرباء كوحش… يعادل تشغيل 65 ثلاجة!

4 د
اكتشفت الدراسات أن مجففات الملابس تستهلك طاقة تعادل 65 ثلاجة سنويًا.
زيادة استخدام مجففات الملابس تشكل ضغطًا كبيرًا على الشبكة الكهربائية.
الأجهزة في حالة الاستعداد تستمر في سحب الكهرباء بشكل غير مرئي.
يمكن تقليل الاستهلاك بتبني عادات مثل نشر الملابس تحت الشمس.
استخدام أجهزة مجففات حديثة يقلل من استهلاك الطاقة بشكل ملحوظ.
هل تخيلت يوماً أن أحد أبسط الأجهزة في منزلك قد يتحول إلى وحش يلتهم الطاقة ويثقل فاتورة الكهرباء من دون أن تنتبه؟ حديث الساعة في الأوساط العلمية ومع خبراء الطاقة هذه الأيام يدور حول جهاز منزلي ربما لا نفكر فيه كثيراً: مجفف الملابس الكهربائي. بيانات جديدة كشفت عن مفاجأة مدوّية: مجففات الملابس قد تسحب من الكهرباء ما يعادل 65 ثلاجة تعمل في آن واحد! هذا خبر يغيّر طريقة نظرنا إلى الطاقة في البيت، ويلفت انتباهنا إلى “مصاصي الكهرباء” الصامتين.
المجففات تحت المجهر: ما الذي يحدث فعلاً؟
عندما نذكر الأجهزة التي تستهلك الكثير من الطاقة، غالباً ما يتبادر إلى ذهننا الثلاجة أو مكيف الهواء. صحيح أن الثلاجات تشتغل طوال اليوم وتبدو الأرقام الفاتورة منطقية، لكن مفاجأة الدراسات الأخيرة أن مجففات الملابس، رغم تشغيلها لفترات قصيرة، تستهلك قدرة كهربائية عالية جداً في كل دورة عمل، ومع تكرار الاستخدام أسبوعياً تتحول لتستنزف كنزاً من الكهرباء سنوياً.
الحقيقة ظهرت بالوضوح عبر أرقام جامعة شمال تكساس، حيث أظهرت الحسابات أن مجفف الملابس التقليدي قد يستهلك أكثر من 1000 كيلوواط/ساعة في السنة، فيما تستهلك الثلاجة العادية بين 100 و800 فقط. تخيّل أن منزلاً واحداً يملك مجففاً قد يكون أثره على شبكة الكهرباء شبيهاً بتشغيل بضع وعشرات الثلاجات دفعة واحدة! هذا يؤدي إلى ضغط مفاجئ على الشبكة الكهربائية فيما يُطلق عليه خبراء الطاقة “الانتفاخ اللحظي”—أي قفزة ضخمة في الطلب تصعّب التنبؤ بها وتلزم شركات الكهرباء باستخدام مصادر أقل فعالية، ما يرفع الانبعاثات والتكلفة على الجميع.
ومن هنا، تتضاعف أهمية هذا الاكتشاف حيث يتداخل مع أنماط استهلاك الطاقة المنزلية، لا سيما في البلدان التي لا تنتشر فيها عادة نشر الغسيل في الشمس.
عادات يومية تكلف أكثر مما تتوقع
من الطبيعي أن يسأل القارئ البسيط: ماذا يعني هذا في حياتي اليومية؟ الإجابة أكثر وضوحاً إذا نظرنا لفاتورة أسرة متوسطة في مدينة أمريكية: مجرد استخدام مجفف الملابس 4–5 مرات أسبوعياً قد يكلف الأسرة أكثر من 150 دولاراً سنوياً! إذا أخذنا في الاعتبار ملايين الأسر حول العالم، فالخسارة الإجمالية هائلة، سواء اقتصادياً أو على صعيد البنية التحتية للطاقة الوطنية.
ولعل ما يفاقم المشكلة أن المجفف لا يعمل وحده… “مصاصو الكهرباء” الصامتون في البيت، مثل أجهزة التلفاز الرقمية أو الراوتر أو أنظمة الهاتف المنزلية، تستمر في سحب الكهرباء حتى وهي في وضع الاستعداد. الاختبارات أظهرت أن بعضها قد يسحب نفس كمية الطاقة التي تستهلكها ثلاجة صغيرة في السنة فقط لأنها مجهزة دوماً للاستجابة السريعة!
الانتقال من هنا يستدعي سؤالاً طبيعياً: وهل يمكن للفرد أن يتحكم فعلاً بهذه المصاريف غير المرئية؟ الجواب يبدأ بمحاولة فهم الصورة الشاملة لاستهلاك الطاقة المنزلية.
الحلول المتاحة… وتغيير العادات يبدأ من هنا
إذا رغبت فعلاً في تخفيف فاتورتك وحماية البيئة معاً، فهناك عدة خطوات يسهل تبنيها دون متاعب كبيرة. أولا، إعادة الحياة لعاداتنا القديمة بنشر الملابس متى توفرت الشمس والمساحة، فكثير من بلدان العالم ما زالت تعتمد على هذه الطريقة وتوفر مبالغ كبيرة سنوياً. وثانياً، النظر في اقتناء مجففات من نوع “المضخة الحرارية” الحديثة التي تؤدي نفس الدور بنصف الطاقة تقريباً أو أقل. وأخيراً، تبنّي حيل بسيطة مثل تشغيل دورتين متتاليتين للمجفف حتى يستغل حرارة الدفعة الأولى ويوفر جزءاً كبيراً من الجهد الكهربائي في الثانية.
هذا يربط الملف الشخصي لكل بيت بمسؤولية جماعية أشمل. الموضوع لم يعد مقتصراً على المصاريف الشهرية فقط، بل يتعدى ليطال البصمة الكربونية التي يتركها كل فرد على كوكب الأرض—فالتحكم في الأجهزة المنزلية مثل مجفف الملابس، أو الأجهزة على وضع الاستعداد، هو البداية العملية لتغيير كبير.
الصورة الأوسع ودور الفرد في المشهد الطاقوي
حين يجتمع تأثير ملايين المجففات المنزلية وأجهزة الاستعداد غير الضرورية، يتحول الأمر إلى تحدٍ حقيقي أمام جهود العالم في خفض الانبعاثات وتطوير مصادر الطاقة المتجددة. يوصي الخبراء بضرورة ترسيخ الوعي لدى المستهلك حول الأجهزة المستهلكة للطاقة، واستخدام أجهزة القياس الذكي لتتبع استهلاك المنزل الحقيقي، ما يساعد في اتخاذ قرارات صائبة بين الراحة والتوفير.
وفي ختام الحديث، يتضح أن الطريق إلى ترشيد استخدام الطاقة ليس بالضرورة معقداً أو مقصوراً على القرارات الكبرى أو مشروعات الطاقة العملاقة. أحياناً، يكون السؤال البسيط: “هل أحتاج فعلاً لتشغيل المجفف الآن أم يمكنني نشر ملابسي بالخارج؟” كافياً لتغيير اللعبة بالكامل. ومع كل توفير في الكهرباء، نقترب خطوة من عالم أكثر استدامة وأقل أعباء على الشبكات والتكاليف والبيئة معاً.