جوجل تعقد صفقة تاريخية للطاقة الاندماجية: استثمار في طاقة الشمس والنجوم

3 د
جوجل تعقد اتفاقية رائدة مع "كومنولث فيوجن سيستمز" لشراء الطاقة الاندماجية.
تستهدف الاتفاقية تحويل الاندماج النووي من حلم إلى تقنية قابلة للاستخدام.
تستثمر جوجل في تقنيات CFS الجديدة مثل أنظمة المغناطيس المتقدمة.
تسعى شركات التقنية الكبرى، مثل أمازون وميتا، لتعزيز الطاقة النووية عالمياً.
ترتكز الصفقة على تلبية حاجات الطاقة للذكاء الاصطناعي بمراكز المعالجة الكبرى لدى جوجل.
ماذا لو أخبرتك أن الطاقة التي تضيء الشمس والنجوم يمكنها قريبًا تشغيل مراكز البيانات العملاقة لشركة جوجل؟ نعم، هذا ما تسعى إليه الشركة العملاقة بعد إعلانها إبرام اتفاقية هي الأولى من نوعها مع شركة "كومنولث فيوجن سيستمز" (CFS)، لشراء 200 ميجاوات من الطاقة الاندماجية المنتجة عبر مصنع ARC المرتقب في ولاية فيرجينيا الأمريكية.
الاندماج النووي ببساطة هو نفس العملية التي تمنح الشمس والنجوم طاقتها الهائلة، حيث يتم دمج ذرات الهيدروجين لتكوين ذرات أثقل، ومن هذه العملية تنبعث طاقة هائلة وآمنة لا تسبب ملوثات بيئية أو انبعاثات كربونية مثل الوقود التقليدي. هذه التقنية مازالت قيد البحث والتطوير، وعلى الرغم من إحراز تقدم كبير، إلا أن توظيفها تجاريًا لا يزال أمامه بضع سنوات.
كيف ستساهم جوجل في تسريع تطوير هذه التقنية؟
ما يميز هذه الشراكة هو حجمها التاريخي، فبحسب جوجل، ذلك هو أكبر عقد تشتري بموجبه شركة خاصة طاقة اندماج نووي حتى الآن. الهدف الأساسي من الاتفاقية هو تسريع عملية تحويل الطاقة الاندماجية من مجرد حلم إلى تكنولوجيا واقعية وقابلة للاستخدام التجاري والشبكي.
ستوجه جوجل دعمها نحو المساعدة في بناء وتمويل التقنيات الجديدة التي تطورها CFS، مثل أنظمة المغناطيس المتقدمة التي تسمح بتصميم مفاعلات أصغر وأقل تكلفة، مع الاعتماد على الموصلات فائقة التوصيل عالية الحرارة التي تسرّع من بناء هذه المفاعلات وتجعلها اقتصادية وعملية.
لكن الطريق نحو جعل هذه التقنية قابلة للتنفيذ على نطاق واسع لا يخلو من تحديات، وهذا ما أكده مايكل تيريل، رئيس قطاع الطاقة المتقدمة في جوجل، عندما تحدث عن أن "تحقيق الانتشار التجاري الواسع لتقنية الاندماج يحتاج لتجاوز عدة تحديات علمية وتقنية صعبة وشاقة".
هذه ليست المرة الأولى التي تدعم فيها جوجل الشركة الناشئة الرائدة في مجال الطاقة النووية CFS، فقد سبق لها الاستثمار في نموذج أولي أُطلق عليه اسم SPARC في ولاية ماساتشوستس، ما يظهر بوضوح اقتناع جوجل وإصرارها على مد يد العون للتقنيات النظيفة والواعدة.
وتجدر الإشارة إلى أن جوجل ليست وحدها على هذا الطريق، حيث قررت شركات كبرى مثل ميتا وأمازون أيضًا ضم جهودها بهدف توسيع الاعتماد على الطاقة النووية سواء كانت اندماجية أو انشطارية، مع تعهدات جماعية بتعزيز قدرات الطاقة النووية حول العالم بحلول عام 2050.
الاهتمام المتصاعد بالطاقة الخالية من الكربون في عالم الذكاء الاصطناعي
تأتي هذه الخطوة ضمن مساعي شركات التقنية الكبرى لتلبية حاجتها الملحة إلى الطاقة خاصة في ظل التوسع المضطرد في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب قدرات هائلة من المعالجة والبيانات وبالتالي استهلاك الطاقة بشكل مكثف ومتواصل.
وعلى سبيل المثال أيضًا، وقعت شركة ميتا عقداً طويل الأجل لتأمين الطاقة من محطة كلينتون النووية بولاية إلينوي، وهو ما يساهم في استمرار تشغيل المحطة وتحديثها بقدرة إضافية قدرها 30 ميجاوات في المستقبل القريب.
أما جوجل فتسير بحذر في الاتجاهين معًا، وبينما تعتمد بشكل كبير على الطاقة الاندماجية المتقدمة مع CFS، فإن الشركة تستثمر أيضًا في مفاعل نووي صغير وحديث بالتعاون مع شركة كايروس باور ضمن مبادرة اتحادية أمريكية تبلغ قيمتها 300 مليون دولار. ومن خلال هذين المشروعين معًا، تأمل جوجل تأمين نحو 700 ميجاوات إضافية من الطاقة النظيفة لاستخداماتها المتعلقة بالبنية التحتية اللازمة للذكاء الاصطناعي بنهاية عام 2035.
عبر هذه الصفقة الجريئة، جوجل تثبت مرة أخرى دورها الريادي في مجابهة الآثار البيئية للتحولات التكنولوجية الكبرى التي يشهدها العالم، بما في ذلك الضغوط على استهلاك الطاقة المرتبط بنماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة.
إذًا، عبر هذه الخطوة واستثمارات جوجل المكثفة في الطاقة الاندماجية الواعدة، قد نقترب من حقبة جديدة تصبح فيها الطاقة الصديقة للبيئة حقيقة واسعة الانتشار بدلاً من مجرد حلم بعيد المنال. ولعل من المهم في المراحل المقبلة استخدام لغة أكثر جاذبية وبساطة، معددين أمثلة توضيحية للقارئ لتقريب المفاهيم من حياتنا اليومية. وهذا سيساعد كثيراً في تقريب القصة الطموحة إلى جميع شرائح الجمهور العربي الذي يزداد وعيه بأهمية الاستدامة والطاقة النظيفة.