ذكاء اصطناعي

دراسة حديثة: الشعور بالمسئولية يقل بشكل واضح عند تنفيذ أوامر شخص آخر بدلاً من اتخاذ قرارات حرة!

فريق العمل
فريق العمل

3 د

كشفت دراسة حديثة أن "الإحساس بالقدرة على الفعل" يتأثر عند تنفيذ الأوامر.

أظهرت النتائج أن الإحساس بالمسؤولية يقل عندما يكون القرار مفروضًا.

الدراسة شملت مدنيين وعسكريين وأظهرت تأثير الأوامر على نشاط الدماغ.

استخدام تقنية fMRI كشف انخفاض النشاط الدماغي عند تنفيذ الأوامر.

تشير الدراسة لأهمية تعزيز المسؤولية الشخصية في القرارات الأخلاقية.

هل فكرت يوماً كيف يؤثر اتباع الأوامر على إحساسنا بالمسؤولية تجاه أفعالنا؟ مؤخراً، أجريت دراسة حديثة كشفت نتائجها أن الشعور بالمسؤولية، المعروف علمياً بـ"الإحساس بالقدرة على الفعل" أو (Sense of Agency)، يقل بشكل واضح عندما نقوم بتنفيذ أوامر شخص آخر بدل اتخاذنا قرارات حرة من ذواتنا، اللافت في هذه الدراسة أنها أظهرت هذا التأثير سواء لدى المدنيّين العاديين أو الضباط العسكريين.

للغوص في التأثيرات الخفية لذلك، قام فريق من الباحثين بقيادة البروفيسور أكسل كليريمانز في جامعة ليبر دو بروكسل البلجيكية، باختبار عينة تضمنت ضباطاً متدربين وعدداً آخر من الأفراد المدنيّين، بهدف مقارنة نشاط أدمغتهم باستخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وذلك أثناء اتخاذهم قرارات أخلاقية. تضمن الاختبار خيار إعطاء صدمة كهربائية خفيفة لشخص آخر، سواء بقرارهم الحر أو بناءً على أوامر إلزامية.

وأظهرت هذه النتائج تجربة فريدة تعرف باسم "الارتباط الزمني" (Temporal Binding)، والذي يعني أن تقديرنا للفترة الزمنية الفاصلة بين الفعل ونتيجته يختلف حسب حرية القرار. بيّن الباحثون أن هذه الظاهرة تأثرت بشكل واضح عند تنفيذ المشاركين أوامرَ مفروضة عليهم، إذ تناقص الإحساس بالمسؤولية بشكل ملحوظ.

والمدهش في هذه الدراسة أن النتائج لم تختلف بين مجموعة الضباط المتدربين وبين المدنيين؛ بمعنى أن طبيعة العمل العسكري والتدريب على تحمل المسؤولية لم يقلّلا من هذا الأثر بشكل ملحوظ. توضح الدراسة أن مناطق محددة في الدماغ مسؤولة عن تقييم ما إذا كنا مسؤولين عن الفعل الذي نقوم به، وهي المناطق الدماغية المعروفة مثل الفص الجبهي وأجزاء من الفص القذالي وقشرة «البريكيونيوس»، حيث كشفت تصويرات الرنين المغناطيسي انخفاض النشاط في هذه المناطق عند اتباع الأوامر.

ما يجعل هذه النتائج لافتة هو إمكانية تعميمها، إذ يشير كليريمانز إلى أن هذه الاكتشافات تدل على أن بيئات الحياة اليومية أو طبيعة العمل العسكري ليست لها تأثيرات جذرية على طريقة تعامل الدماغ مع اتخاذ القرارات الأخلاقية عند تلقي الأوامر. ومع ذلك، يشدد الباحثون على ضرورة الحذر من التعميم المطلق، إذ قد تؤثّر الرتب العسكرية المنخفضة أو مستويات أقل من السلطة والمسؤولية على هذه النتائج، حسب ما أظهرت دراسات سابقة.

ذو صلة

هذه الدراسة تفتح أمامنا باباً مهماً لدراسة التأثيرات الخفية للتسلسل الهرمي والطاعة وتلقي الأوامر، كما تلقي المزيد من الضوء على كيفية تدريب الأفراد وخاصة القادة لتحمل مسؤولية أفعالهم. هنا ربما نستطيع التركيز أكثر على تخصيص برامج ومسارات تتضمن تدريباً خاصاً لتنمية وتعزيز الإحساس بالمسؤولية الشخصية، إذ يشير الباحثون إلى ضرورة تعزيز هذه المهارات في مواقف اتخاذ القرار، وليس فقط في الحياة العسكرية، بل حتى في الحياة العامة والمنظمات، منعاً لحدوث أي ضرر محتمل بسبب اتباع التعليمات بشكل أعمى دون وعي.

مع هذه النتائج الواعدة، تقدم الدراسة جانباً دقيقاً لفهم آليات عمل الدماغ البشري عند اتخاذ القرارات الأخلاقية، وتدعم أهمية التربية والتعليم والمسؤولية الفردية في المواقف الحاسمة. وربما بهذه الطريقة، نساهم في التقليل من الآثار السلبية الممكنة التي قد تنجم عن الطاعة المطلقة، وفي تعزيز دور الضمير الشخصي في اتخاذ القرار الصحيح عند مواجهة المواقف الصعبة.

ذو صلة