ذكاء اصطناعي

رحلة لاكتشاف أسرار الشمس: ناسا تطلق مهمة SNIFS لاختراق أعماق الغلاف الجوي الشمسي الغامض

محمد كمال
محمد كمال

4 د

تستعد ناسا لإطلاق مهمة SNIFS لاستكشاف الاندفاعات الشمسية في يوليو 2025.

يُستخدم صاروخ بلاك برانت IX لضمان دقة إيصال الحمولات العلمية الشمسية.

تهدف المهمة إلى دراسة الكروموسفير وفهم الظواهر الجوية الفضائية وتهديداتها.

يعتبر الكروموسفير منطقة غامضة تعلو فيها درجات الحرارة بشكل يفوق المتوقع.

يأمل الفريق بقيادة الدكتور تشامبرلين في تطوير نماذج تنبؤية للطقس الفضائي.

في خطوةٍ علمية استثنائية تستعد ناسا لإطلاق مهمة SNIFS (ناسا لاستكشاف الاندفاعات الشمسية)، على متن صاروخ بلاك برانت IX من قاعدة وايت ساندز في نيو مكسيكو، مع فتح نافذة الإطلاق في الثامن عشر من يوليو 2025. هذه المهمة تسعى إلى الغوص في أعماق الغلاف الجوي الشمسي المعروف باسم الكروموسفير، وهو منطقة معقدة تثير اهتمام علماء الفضاء وتكمن أهميتها في فهم الظواهر الجوية الفضائية التي يمكن أن تهدد سلامة الأقمار الاصطناعية ورواد الفضاء على حد سواء.

مواصفات الصاروخ: بنية قوية لأهداف دقيقة
ويأتي اختيار وكالة الفضاء الأمريكية لصاروخ بلاك برانت IX لمرافقة مهمة SNIFS لما يتميز به من قوة وموثوقية. فهذا الصاروخ يتكون من مرحلتين: معزز Terrier MK 70 في المرحلة الأولى، ومرحلة ثانية من نوع Black Brant VC. يبلغ طوله حوالي 12 متراً وقطره 46 سنتيمتراً ويزن مع الحمولة أكثر من طنين. وتمتاز هذه المنصة الصاروخية بقدرتها على إيصال الحمولات العلمية لارتفاع يصل حتى 300 كيلومتر، وهو مثالي لمراقبة الشمس من ارتفاعات عالية في الغلاف الجوي. جدير بالذكر أن المرحلة الثانية من “بلاك برانت IX” تُنتِج قوة دفع متوسطة تبلغ أكثر من 17 ألف باوند خلال زمن اشتعال قصير، ما يجعلها خياراً مضمون النتائج، خصوصاً مع 320 عملية إطلاق ناجحة من أصل 326 منذ تدشينه الأول في 1982. وهكذا، فإن نجاح هذه البنية يجسد دافع ناسا للاعتماد على منصات دقيقة وقوية للقيام بمهمات رصد عابرة للغلاف الجوي.

تنتقل أهمية اختيار الصاروخ مباشرة إلى الهدف العلمي الكبير، فالمهمة ستتيح لنافذة زمنية وجيزة لا تتجاوز خمسة عشر دقيقة لجمع بيانات حيوية عن الشمس، ما يعزز إمكانية فهمنا لبنية الغلاف الشمسي وطرق تطور الطقس الفضائي.

الكروموسفير: شيفرة الطاقة الشمسية الغامضة
إذا انتقلنا للحديث عن الكروموسفير نفسه، نكتشف أنها من أكثر مناطق الشمس غموضاً وإثارة. تقع هذه الطبقة بين سطح الشمس الظاهر (الفوتوسفير) والتاج الخارجي المحيط بها (الكورونا)، وتمثل مجالاً للنشاطات الديناميكية والانفجارات الهائلة مثل التوهجات الشمسية وقذف البلازما الساخنة. المفارقة في هذه المنطقة أنّ درجات الحرارة ترتفع فيها بشكل غير متوقع مع الابتعاد عن لب الشمس، فترتفع بنحو ستة آلاف كلفن، وهو أمر يناقض مبادئ الفيزياء التقليدية ويستدعي المزيد من الدراسة لفهم العمليات الحرارية والمغناطيسية القوية داخل هذه الطبقة.

وفي سياق السعي لفك شيفرة التغيرات في الكروموسفير، يأتي دور “SNIFS” الذي يعد أول مطياف ميداني متكامل في مجال الأشعة فوق البنفسجية يُطلق لدراسة الشمس. عبر رصد المناطق النشطة مغناطيسياً وجمع بيانات طيفية عالية الدقة من طبقة الكروموسفير ومنطقة الانتقال، يأمل الفريق العلمي في معرفة كيفية تحول الطاقة الشمسية وتوزعها، وصولاً إلى فهم المحركات الأساسية للاندفاعات الشمسية الشديدة التي تضرب الأرض بأحوال جوية فضائية قد تؤثر على المنظومات التقنية.

بين التكنولوجيا والقيادة العلمية: فريق SNIFS
وهنا ننتقل إلى الجهد البشري الكامن وراء هذه المهمة، حيث يتولى الدكتور فيليب تشامبرلين، الباحث في مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء بجامعة كولورادو، قيادة الفريق بوصفه مديراً مساعداً للعلوم الشمسية والنجومية. خبرته العميقة في قياس ومحاكاة الأشعة السينية وفوق البنفسجية للشمس قادته لاستحداث نماذج ربما تعزز القدرة على تتبع التغيرات خلال الدورة الشمسية أو حتى التوهجات الحادة والتيارات الشمسية المتقلبة. الدكتور تشامبرلين تولى العمل في ست مهام صاروخية مشابهة وكان بصفة نائب مدير مشروع مرصد ديناميكيات الشمس (SDO)، الأمر الذي جعله يصف مهمة SNIFS على أنها “تجمع بين أفضل ما في التقنيات”، بما تتيحه من مزج التصوير والمطيافية، ودفع حدود رصد الطاقة الشمسية إلى مستويات غير مسبوقة.

ذو صلة

ويُشار إلى أن مهمة SNIFS، الممولة من علوم الفيزياء الشمسية في ناسا، يتوقع أن تقدم معطيات ستدعم جهود تطوير نماذج تنبؤية للطقس الفضائي، وبالتالي حماية الأجهزة والكوادر البشرية في الفضاء.

خاتمة: شمس جديدة في سماء الاكتشاف
مع اقتراب موعد الإطلاق، يبدو أن مهمة SNIFS مرشحة لفتح نافذة فريدة على سلوك الغلاف الشمسي المتقلب وشحناته المغناطيسية التي تُحدد مصير الكثير من البنية التحتية الأرضية والفضائية. لعل الأفضل في هذه القصة العلمية أنّها تجمع الدقة التقنية وروح الاكتشاف والجرأة في طرح الأسئلة حول أسرار الكون. قد يكون من المجدي استخدام كلمات مثل “تنوع الطاقة الشمسية” بدل “تطور الطقس الفضائي” في بعض المواضع لإعطاء النص نبرة تخصيص أكبر، أو إضافة جملة تفسيرية تربط بين الأثر الواقعي لمهام مثل SNIFS وحياتنا اليومية، لخلق جسر أكبر بين الفضاء وأحلام البشر على الأرض.

ذو صلة