ذكاء اصطناعي

رهان عمالقة التكنولوجيا على ترامب يرتد عليهم… والمفاجأة كانت لهم وحدهم

رهان عمالقة التكنولوجيا على ترامب يرتد عليهم… والمفاجأة كانت لهم وحدهم
فريق العمل
فريق العمل

3 د

بدأت شركات التكنولوجيا الكبرى تفقد الثقة في رهاناتها على إدارة ترامب.

كلفت الحرب التجارية مع الصين الشركات خسائر ضخمة في قيمتها السوقية.

تعاني الشركات من عدم استقرار سلاسل التوريد بسبب الرسوم الجمركية.

يُصعب تقلب سياسات ترامب على الشركات التخطيط طويل الأمد بشكل مستقر.

في صورة واضحة لتقلبات السياسة وعالم الأعمال، يبدو أن الرهان الذي وضعته كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ بنتائج عكسية تمامًا، ولا يبدو أن هناك مفاجأة لأحد سوى هذه الشركات العملاقة نفسها.


الولاء المكلف لكبار وادي السيليكون

منذ بداية رئاسة ترامب، حرص عمالقة وادي السيليكون مثل مارك زوكربيرغ، وجيف بيزوس، وتيم كوك، وإيلون ماسك، على الالتصاق بالسلطة الجديدة وقتها، آملين تحقيق مكاسب هائلة عبر تمهيد الطريق وتعزيز مصالحهم التجارية. لكن اليوم، وبعد مرور فترة على هذا الرهان، يمكننا أن نقول إن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن التكنولوجية العملاقة.


ضربة اقتصادية موجعة في زمن قياسي

كانت البداية مباغتة وقوية جدًا، حيث أدت الحرب التجارية التي شنها ترامب ضد الصين وبعض الشركاء التجاريين بالاعتماد على رفع التعريفات الجمركية بشكل كبير إلى تكبيد زوكربيرغ وبيزوس وماسك خسائر مهولة في قِيَم شركاتهم السوقية. قرابة 80 مليار دولار طارت من أصولهم في غضون أسبوع واحد، وهذا رقم هائل للغاية حتى بالنسبة لكبرى الشركات العالمية.

هذه الضربات كان لها تأثير مدوٍ خصوصًا على شركة أبل التي اضطرت لنقل شحنات ضخمة من هواتف آيفون بسرعة من الهند للولايات المتحدة لتجنب الضرائب الإضافية التي فرضها ترامب، ويسلط ذلك الضوء بوضوح على مدى تعقيد الوضع الذي خلّفته تلك القرارات المفاجئة.


صناعة التكنولوجيا تحت رحمة المجهول

قطاع التكنولوجيا اليوم أصبح يعيش في قلق حقيقي بسبب تقلبات الإدارة الأمريكية الحالية، خصوصًا مع اعتماد هذا القطاع بمنتهى الحساسية على استقرار سلاسل الإمداد والتوريد العالمية التي تضررت بشكل واضح بسبب الرسوم الجديدة. يقول المحللون الاقتصاديون بوضوح:


"إذا أردتم هواتف آيفون معقولة الثمن، يجب أن تُصنَع في الصين أو شرق آسيا، أما إذا أردتم تصنيعًا داخل أمريكا، فاستعدوا لدفع 3500 دولار للهاتف الواحد".

التحدي الأكبر الذي تواجهه الشركات اليوم هو عدم إمكانية توقع تحركات ترامب المستقبلية، إذ أظهر بشكل واضح أن قراراته تتم بناء على الحدس الشخصي لا على حسابات اقتصادية مدروسة. وحتى عندما أعلنت إدارته عن تخفيف بعض الضرائب أو تعليقها مؤقتًا، سرعان ما عادت لتؤكد أن هذه الإعفاءات لا تشمل كل منتجات المكسيك وكندا مثلاً، فلن تجد شركة تستطيع بناء استراتيجيتها بشكل مستقر وآمن.


الخلاف مع أوروبا وتهديد مستقبل البيانات

الأضرار لا تتوقف عند هذا الحد، بل تمتد إلى العلاقات مع أوروبا أيضًا. فالسلطات الأوروبية بدأت تنظر بعين القلق من استمرار التعاون الوثيق مع شركات التكنولوجيا الأمريكية في حفظ بيانات مواطنيها، خاصة بعد إقدام ترامب على إلغاء معظم الهيئة الرقابية المكلفة بمتابعة هذه التعاملات، ما يهدد بشكل حقيقي استمرار الاتفاقيات في هذا المجال الهام والحساس.


هجرة العقول من وادي السيليكون

ولم يقف الأثر على المجال التجاري فقط، بل امتد ليشمل أبرز العقول التي طالما شكلت القلب النابض لوادي السيليكون؛ فسياسات ترامب القاسية ضد الهجرة وتخفيضه لميزانيات الأبحاث العلمية أدت إلى موجة هجرة محتملة لمواهب علمية وتقنية خارج أمريكا، مما سيكون له تداعيات مقلقة على تفوق الولايات المتحدة التقني على المدى الطويل.


الأزمة المقبلة.. هل الاقتصاد على شفير الركود؟

يبدو أيضًا أن قطاع التكنولوجيا على وجه الخصوص يستعد لاحتمالات اقتصادية صعبة من ناحية الركود الذي بدأ يلوح في الأفق، خاصة مع تخفيض كبار المؤسسات المالية مثل بنك جولدمان ساكس لتنبؤات النمو الأمريكي بشكل كبير؛ فاليوم تقدر فرص ركود الاقتصاد الأمريكي بـ45% بعدما كانت في حدود الـ15% فقط في أكتوبر الماضي.


آفاق مظلمة ومصير مجهول

ذو صلة

بالطبع، لن تتوقف الشركات الكبرى عن محاولة التأثير في قرارات ترامب عبر الضغط واستمالته المباشرة، لكن الحقيقة المؤسفة أن مستقبل هذه الشركات بات رهينة لما يسميه ترامب نفسه بـ"حدسه الشخصي"، ما يعني أن التغيير والاضطراب أصبحا القاعدة في عالم التكنولوجيا الأمريكي وليس الاستثناء.

هكذا، تتحول مراهنات شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة على الإدارة الحالية من فرصة ذهبية إلى تهديد مُلح يهدد استقرارها الاقتصادي وأمنها التجاري على المدى الطويل، ويثير علامات استفهام حول الحكمة من التعويل على سلطة تتبدل مواقفها وفقًا لتقلبات مزاجية للرئيس الأمريكي ومستشاريه.

ذو صلة