ذكاء اصطناعي

روسيا، اليابان وسواحل أمريكا على صفيح ساخن: موجات تسونامي تجتاح السواحل بعد زلزال روسيا المدمر

محمد كمال
محمد كمال

3 د

ضرب زلزال بقوة 8.

8 شبه جزيرة كامتشاتكا في شرق روسيا.

أصدرت تحذيرات تسونامي للسواحل المطلة على المحيط الهادئ.

اليابان وهاواي وكاليفورنيا رفعت حالة التأهب للطوارئ.

أكّدت الجهات الدولية أهمية رصد الزلازل وتبادل المعلومات.

التوعية الجغرافية تظل أساسية لتحسين استجابة المجتمع للكوارث.

لا تلبث حركة الأرض أن تهدأ حتى تنبّه الإنسان إلى مدى هشاشته أمام الطبيعة، فقد شهدت المناطق المطلة على المحيط الهادئ، اليوم الأربعاء، حالة طوارئ استثنائية بعد أن ضرب زلزال هائل بلغت شدته 8.8 درجة على مقياس ريختر شبه جزيرة كامتشاتكا، تلك المنطقة النائية الواقعة في أقصى شرق روسيا والتي تعد من أكثر بؤر النشاط الزلزالي في العالم. وكما هو متوقع مع عنف هذا الزلزال، تدفقت التحذيرات من احتمال حدوث موجات تسونامي عبر السواحل المطلة على الهادئ، لتشمل تحذيراتها مناطق بعيدة كل البعد عن مركز الحدث: من اليابان المعروفة بتاريخها المُر مع موجات التسونامي المدمرة، وصولاً إلى ولاية هاواي الأمريكية وشمال كاليفورنيا.

في قلب هذه القصة تبرز المخاوف من خطر لا يمكن التنبؤ به، فموجات التسونامي لا تعرف حدوداً جغرافية أو سياسية، إذ تعتمد شدتها وانتشارها على حجم الزلزال وموقعه تحت قاع البحر، وهي العوامل ذاتها التي جعلت من زلزال كامتشاتكا حدثاً عالمياً بامتياز. تشير بيانات الهيئات المختصة إلى أن أمواج المد البحري قد تصل إلى ارتفاع 10 أقدام ـ أي ما يعادل أكثر من ثلاثة أمتار ـ ما يفتح الباب أمام سيناريوهات كوارث محتملة في المدن والمرافئ القريبة من الشواطئ. وهذا الترابط الطبيعي بين قوة الزلزال واحتمال حدوث تسونامي يفرض على السلطات والجهات المسؤولة حالة من التأهب القصوى والاستعداد للتدخل السريع لحماية الأرواح والممتلكات.


اليابان وهاواي وكاليفورنيا تترقب تطورات الأمواج

ولأن المحيط الهادئ تربطه شبكة من الانذارات والتعاون الإقليمي في حالات الكوارث الطبيعية، تم تفعيل نظم الإنذار المبكر في اليابان حيث تعود الذاكرة بسرعة إلى أحداث مؤلمة تسببت بها موجات تسونامي سابقة، وبالفعل أعلنت الإجراءات الاحترازية في عدة مدن، داعية السكان إلى التحصن في المناطق المرتفعة وتجنب الاقتراب من السواحل إلى حين اتضاح مدى خطورة الموقف. أما في ولاية هاواي، فقد هرعت السلطات إلى إبلاغ السكان عبر مكبرات الصوت والرسائل النصية بتحذيرات متكررة من احتمالية وصول الموجات العاتية في أي لحظة ـ ذلك أن موقع الولاية الاستراتيجي في وسط المحيط يجعلها إحدى أكثر المناطق عرضة للمخاطر الزلزالية القادمة من آسيا الشرقية. كذلك، لم تهمل كاليفورنيا الشمالية الاستعداد حيث أعلنت إدارة الطوارئ استعداداتها للتعامل مع أي طارئ، وانطلقت حملات توعية عاجلة عبر وسائل الإعلام المحلية. وكل هذا يجسد كيف أن الزمن الجيولوجي قد يفرض إيقاعه على حياة الناس العاديين في لحظة واحدة.

وفي ظل الاستعدادات المتسارعة، تبرز الأسئلة حول طبيعة الزلازل البحرية وكيف تتحول الطاقة المختزنة تحت الأرض خلال ثوانٍ قليلة إلى موجات مدمرة تعبر آلاف الكيلومترات فوق سطح الماء. ولعل هذه الأحداث تذكرنا في الوقت ذاته بأهمية نظم الرصد الزلزالي، أجهزة رصد قياس الريختر، وأهمية خرائط المخاطر الجيولوجية.

ذو صلة

ولا يتوقف الأمر عند حدود التأهب المحلي، إذ تسعى المؤسسات الدولية والهيئات البيئية إلى التعاون الفوري لمراقبة تحركات المياه ومستجدات الوضع لحظة بلحظة، فالبيانات التي تجمعها الأقمار الاصطناعية وأجهزة استشعار الأعماق يتم تبادلها بشكل فوري، ما يتيح للرأي العام والمسؤولين اتخاذ قرارات سليمة إذ أن كل دقيقة ربما تكون فاصلة بين الأمان والكوارث. الأمواج الناتجة عن الزلزلال تختلف عن المد والجزر العادي، فهي عالية وسريعة وتتحرك دون توقف حتى تصل إلى أقرب بر ـ وهذا يفسر لماذا تستنفر السلطات الصحية والإغاثية جنباً إلى جنب مع فرق الإنقاذ على طول الشواطئ.

مع انتهاء الساعات الحاسمة الأولى، تبقى الأنظار معلّقة بوسائل الإعلام وتقارير الطوارئ بانتظار البيانات الأخيرة حول ما إذا كانت الموجات المرتقبة ستتراجع قبل أن تضرب البر أم أنها ستؤكد السيناريو الأسوأ. في ختام هذا التطور الدراماتيكي، يمكن القول إن الوقاية تبدأ من نشر الوعي الجغرافي وتبسيط المصطلحات العلمية للجميع لتعزيز السلامة، وربما لو تم استبدال كلمة "احتمالية" بكلمة "مخاطر مؤكدة" في التحذيرات الرسمية لكان وقع التنبيه أشد صرامة، كما أن ربط تسونامي كامتشاتكا بسوابق تاريخية قد يمنح الخبر عمقاً إضافياً. المهم أنه في مواجهة الطبيعة، لا بد دوماً من البقاء على أهبة الاستعداد، فالخطر قد يأتي من أعماق الأرض أو من فوق سطح المحيط دون سابق إنذار.

ذو صلة