ذكاء اصطناعي

سام ألتمان يطلق كرة العين … التقنية التي تفرّق بين البشر والروبوتات بنظرة واحدة

محمد كمال
محمد كمال

3 د

في عالم يشهد زيادة تأثير الذكاء الاصطناعي، تزداد الحاجة لإثبات الهوية البشرية.

شركة Tools for Humanity تطور تقنية مسح قزحية العين لإثبات الهوية دون الكشف عن التفاصيل الشخصية.

يعتمد المشروع على "براهين المعرفة الصفرية" لإثبات حقائق دون مشاركة البيانات الشخصية.

اختارت الشركة الشفافية الكاملة لتوفير الثقة في التقنية المستخدمة وعدم تسريب البيانات الحساسة.

الشركة تتعاون مع كيانات كبيرة لمواجهة الحسابات الوهمية وتعزيز التفاعل الآمن على الإنترنت.

في عالم يتزايد فيه حضور الروبوتات والواجهات الذكية حتى تكاد تغمر الفضاء الرقمي، أصبح التمييز بين الإنسان والآلة تحدياً حقيقياً. مع انفجار ظاهرة التزييف العميق وعمليات الاحتيال باستخدام الذكاء الاصطناعي، برزت فكرة قد تبدو وكأنها من قلب رواية خيال علمي: إثبات إنسانيتك عبر مسح قزحية العين. هذا بالضبط ما تراهن عليه شركة **Tools for Humanity** المدعومة من سام ألتمان، والتي تقف خلف مشروع **وورلدكوين (Worldcoin)**.

يمثل هذا الابتكار الطموح محاولة لإرساء هوية رقمية عالمية تُمكّن الأفراد من إثبات أنهم بشر حقيقيون دون الكشف عن تفاصيلهم الشخصية. وهنا يبدأ النقاش الحقيقي حول المستقبل الذي ينتظر مفاهيم الخصوصية والأمان في عصر التكنولوجيا المتسارعة.

هذا التحدي يقودنا مباشرة إلى الحوار الذي كثّف الضوء على هذه الفكرة في بودكاست «إكويتي» من موقع *تيك كرنش*، حيث تحدثت الصحفية **ريبيكا بيلان** مع **أدريان لودفيغ**، كبير مهندسي الأمان في الشركة.


الخصوصية كأولوية لا كترف

في الحوار، أوضح لودفيغ أن التكنولوجيا المستخدمة في جهاز المسح، أو ما يُعرف بـ«الكرة»، بُنيت على مبدأ الخصوصية أولاً. التقنية تعتمد على ما يسمى بـ"براهين المعرفة الصفرية" (Zero-Knowledge Proofs)، وهي طريقة تسمح بإثبات حقائق معينة — مثل كونك فوق الثامنة عشرة أو كونك إنساناً حقيقياً — من دون مشاركة بياناتك أو تحديد موقعك أو حتى سجل تصفحك. هذه المقاربة تحاول الموازنة بين الأمان والحرية الشخصية في التعامل مع الأنظمة الرقمية.

ومن هنا تبرز أهمية الانفتاح والشفافية. فقد قررت الشركة جعل كل ما يتعلق بالمشروع مفتوح المصدر، من العتاد (hardware) إلى البرمجيات (software) وحتى البرمجيات الثابتة (firmware).


التقنية المفتوحة في وجه الشكوك

اختيار **الشفافية الكاملة** جاء رداً على المخاوف العالمية بشأن مراقبة البيانات البيومترية واستخدامها لأغراض تجارية أو سياسية. إذ يرى لودفيغ أن «الكود المفتوح» يتيح للخبراء المستقلين مراجعة التقنية وتدقيقها، بما يضمن أن الجهاز لا يخزّن بيانات حساسة أو يسربها. هذه الخطوة ساهمت في تهدئة جزء من القلق العام الذي رافق الإعلان عن المشروع منذ بدايته.

وهنا يبرز سؤال آخر: كيف يمكن لتقنية كهذه أن تسهم في محاربة «غزو البوتات» المنتشر في المنصات الرقمية؟


تعاونات لمواجهة طوفان البوتات

بحسب ما نشرته الشركة، دخلت «توولز فور هيومانيتي» في شراكات مع كيانات كبيرة مثل **Match Group** و**Event Pop** بهدف وضع نظم تحقق أكثر صرامة في مواجهة الحسابات الوهمية وبرامج الدردشة المؤتمتة. الهدف هو خلق اقتصاد رقمي أكثر نزاهة، يُمنَح فيه المستخدم الحقيقي امتياز التفاعل الآمن والموثوق.

ذو صلة

وهذا يربط بين طموح وورلدكوين اليوم، وبين فكرة بناء اقتصاد هوية رقمية يُحدد عبره كل إنسان وجوده الافتراضي بطريقة لا يمكن التلاعب بها، وبعيدة عن هيمنة الشركات أو الحكومات.

في الختام، ما بين الحماس للفكرة والقلق من نتائجها تكمن قصة التحول الأساسي الذي يعيشه العالم الرقمي؛ فحين تصبح النظرة إلى عينيك مفتاحاً لهويتك، سنحتاج لإعادة تعريف معنى «الخصوصية» وربما «الإنسانية» نفسها. مشروع وورلدكوين ليس مجرّد أداة تقنية، بل محاولة لإعادة بناء الثقة بين البشر والأنظمة التي صنعوها لحمايتهم.

ذو صلة