سجلات السلامة تهدد طموحات SpaceX: معدلات إصابة تعادل ستة أضعاف متوسط الصناعة

4 د
ارتفاع معدلات الإصابات في منشأة سبيس إكس "ستاربيس" يثير القلق بشأن ثقافة السلامة.
حادث انهيار الرافعة يسلط الضوء على ضرورة تعزيز إجراءات السلامة في العمل.
منشآت منافسة تحقق معدلات إصابة أقل بكثير مقارنة بمنشأة سبيس إكس.
عقود ناسا تهدد بتعقيد مستقبل سبيس إكس إذا لم تتحسن ظروف السلامة.
التوازن بين الإنتاج السريع وحماية العمال يبقى التحدي الرئيسي.
لم يعد الصمت ممكناً حول ما يدور في منشأة "ستاربيس" الشهيرة التابعة لسبيس إكس في جنوب تكساس، حيث تتوالى التقارير الرسمية التي تكشف عن معدلات إصابة عالية بين العاملين هناك. مع بداية عام 2024، سجلت المنشأة 4.27 إصابة لكل 100 عامل، وهو رقم يعادل ستة أضعاف المتوسط المعتاد في صناعات المركبات الفضائية. فالجدل لم يعد متعلقاً فقط بالحوادث الفردية بل بات الأمر يعكس نمطاً مقلقاً عن ثقافة وممارسات السلامة في مركز يعد القلب النابض لمشاريع إيلون ماسك الطموحة نحـو القمر و المريخ.
في المقدمة يأتي حادث انهيار الرافعة الأخيرة في يونيو، والذي لا يزال يخضع لتحقيقات فيدرالية دقيقة، ليكشف النقاب عن عمق المشكلة. ما بين الإهمال التنظيمي وحاجة المشروع المستمرة للإسراع، يتحمل العمال وحدهم غالباً كلفة السباق إلى المستقبل. وفي ذات السياق، وردت بيانات تشير إلى أن العاملين في ستاربيس سجلوا هذا العام أكثر من 3500 يوم عمل بقيود بسبب الإصابات، بالإضافة إلى 656 يوماً من فقدان العمل نتيجة حوادث متفرقة—وهي أرقام تدق ناقوس الخطر وتدعو الجميع للتساؤل عن ثمن الإنجاز السريع.
العين على تحقيقات السلامة الفيدرالية
هذا الاهتمام المتزايد تكرّس مع تحرك إدارة السلامة والصحة المهنية الأمريكية (OSHA)، والتي أجرت منذ 2021 ما لا يقل عن 14 جولة تفتيش في منشآت سبيس إكس، من بينها ستة تحقيقات خاصة في ستاربيس. نتائج الفحص لم تكن مشجعة، فقد سُجلت حالات مثل بتر جزئي لإصبع أحد العاملين عام 2021، بالإضافة إلى الحوادث الأكبر كحادثة رافعة يونيو التي حدثت بينما كان الفريق ينظف آثار انفجار أحدث اختبارات ستارشيب. هذه المعطيات تضع احتمال وجود قصور واضح في تطبيق إجراءات السلامة والوقاية من أخطار بيئة العمل.
وانطلاقاً من هذه الوقائع، نجد تصريحات لمسؤولين سابقين في السلامة الفيدرالية تعتبر أن معدل الحوادث الحالي بمثابة "إشارة حمراء" بأن هناك ثغرات جدية يجب معالجتها فوراً. وهذا يفتح الباب أمام النقاش حول أولويات الإدارة وأسلوب العمل الذي بات يُترجم في أحيان كثيرة إلى ضغوط شديدة على العمال من أجل التسريع دون منح الفرصة الكافية لتدابير الوقاية.
صورة مقارنة تكشف أزمة حقيقية
ومواصلة للربط بين واقع ستاربيس وبين توجهات صناعة الفضاء الأوسع، تظهر المقارنة بين معدلات الإصابة أن منشآت شركات أمريكية منافسة مثل يونايتد لونش أليانس في ألاباما حققت معدلات إصابات أقل بكثير (1.12)، كما سجلت منشأة بلو أوريجين بفلوريدا معدل 1.09 فقط—وهو أقل من ربع ما تسجله ستاربيس. حتى بقية مواقع سبيس إكس، كمجغرغور وهاثورن، تبدو أكثر أماناً من باب الأرقام، مع معدلات إصابات تبلغ 2.48 و1.43 على التوالي.
ومن اللافت أن صناعة تصنيع المركبات الفضائية شهدت على مدى العقود تراجعاً كبيراً في معدلات الإصابة، نزولاً من 4.2 لكل 100 عامل عام 1994 إلى 0.7 فقط في 2023. أما في ستاربيس، فالخطر لا يزال أقرب إلى أرقام الماضي البعيد.
عقود ناسا، سيف ذو حدين
لكن التساؤلات تتعقد أكثر عندما نعلم أن سبيس إكس ترتبط بعقود قيمتها مليارات الدولارات مع وكالة ناسا لاستخدام مركبة ستارشيب في رحلات نحو القمر. تنص الاتفاقيات على حق ناسا في التدخل إذا ما ثبُت وجود مخالفات خطيرة لسلامة العاملين، إلا أن معدلات الإصابة المرتفعة وحدها لا تشكل سبباً تلقائياً لتعليق العقد. وفي كل الأحوال، تصر الوكالة على التزامها بسلامة الفريق وتأكيد التواصل المستمر مع سبيس إكس لضمان إنجاح المهمات.
إن استدامة الإنتاجية والتطوير السريع دون التضحية بسلامة العاملين تمثل تحدياً جوهرياً لسبيس إكس، خاصة أن منشأة ستاربيس غدت مختبراً حياً لإطلاقات صاروخ ستارشيب وتكرار تجارب دمج "ذراع العصا" لالتقاط معززات سوبر هيفي. وهنا يصبح السؤال مطروحاً بقوة حول ما إذا كانت الرغبة الجامحة في تحقيق سبق تكنولوجي ستتغلب على ضرورة إحاطة العمال بأعلى درجات الحماية والوعي.
في ظل هذا المشهد المعقد، تظهر الحاجة لإعادة تقييم الجوانب اللغوية أيضاً. فربما يكون استبدال مصطلح "حوادث" أحياناً بـ"إصابات عمل" أكثر دقة في الوصف، والتحقق من ضم جمل الربط حتى لا تشعر الفقرات بالانفصال. التركيز على الربط بين قضايا السلامة والتنافس الصناعي سيمنح النص مزيداً من التماسك، خاصة إذا أضفنا توضيحاً حول مدى تأثير هذه الإحصائيات على صورة الشركة وقرارات الجهات التنظيمية مستقبلاً.