سيري على مفترق طرق: آبل تتحدى أخطاء الأمس برؤية أكثر ذكاءً

3 د
اضطرت آبل إلى استعجال دمج الذكاء الاصطناعي في سيري عند إطلاق iOS 18، مما أدى إلى مشكلات معمارية وبرمجية.
تخطط آبل مع iOS 19 لإعادة بناء سيري بالكامل وتوحيد النظامين القديم والجديد في بنية واحدة جديدة.
شهد قسم سيري تغييرات قيادية جوهرية بقيادة مايك روكويل بهدف تحسين الأداء ومعالجة الشكاوى الداخلية.
من المنتظر أن تكشف آبل عن الإصلاحات الجديدة خلال مؤتمر WWDC 2025 مع إطلاق مرتقب في ربيع 2026.
في خطوة طال انتظارها، تستعد شركة آبل لإجراء إصلاحات جوهرية على مساعدها الصوتي "سيري"، بعد أن واجهت انتقادات واسعة بسبب تعثر خطتها الطموحة لدمج الذكاء الاصطناعي في النظام. فرغم مضي نحو عشرة أشهر على الكشف الأولي عن iOS 18، لا تزال معظم الميزات المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي غائبة عن المشهد، مما دفع الشركة إلى الإقرار رسمياً بتأجيل إطلاق هذه الميزات إلى "العام المقبل" وفقًا لتأكيداتها السابقة.
أين أخفقت آبل؟
تعود جذور المشكلة إلى أن آبل اضطرت، تحت ضغط الجدول الزمني، إلى تسريع تطوير نسخة سيري المرتبطة بـ iOS 18، دون أن تتمكن من إعادة بناء البنية الأساسية للنظام بالشكل المطلوب. ووفقاً لما ذكره تقرير بلومبرغ، فقد انتهت آبل إلى استخدام نظامين منفصلين داخل سيري: أحدهما يعمل بالأوامر التقليدية مثل ضبط المؤقتات وإجراء المكالمات، بينما يتولى الآخر التعامل مع الأوامر الأكثر تعقيدًا، مستعينًا ببيانات المستخدم لاستيعاب تغييرات الطلبات أثناء تنفيذها.
لكن هذه الهيكلية المزدوجة أدت إلى تعقيدات برمجية كبيرة، إذ لم يتمكن المهندسون من دمج النظامين بسلاسة، مما تسبب في انتشار "سلسلة من الأعطال البرمجية" المتلاحقة. وقد عبر نائب الرئيس الأول للبرمجيات في آبل، كريغ فيديريغي، عن قلقه من أن الميزات الجديدة لم تكن تعمل كما كان مخططاً لها، مما ألقى بظلال من الشك على جاهزية سيري المعززة بالذكاء الاصطناعي.
استراتيجية الإصلاح مع iOS 19
استفادت آبل من الدروس القاسية التي أفرزها إطلاق iOS 18، وأعلنت عن خطة شاملة لإعادة بناء سيري من الصفر مع نظام iOS 19. وبحسب الصحفي المتخصص مارك غورمان من بلومبرغ، فإن آبل تخطط لتوحيد النظامين القديم والجديد، وإطلاق بنية جديدة كلياً لسيري سيتم الكشف عنها مبدئياً خلال مؤتمر المطورين العالمي (WWDC) المقرر في يونيو 2025، على أن يتم طرحها رسمياً مع تحديث iOS 19.4 بحلول ربيع عام 2026.
وسيؤدي هذا التغيير إلى التخلص نهائيًا من البنية التقليدية لسيري، والتي ظلت معتمدة لأكثر من عقد من الزمن. ومن المتوقع أن تفتح هذه البنية الجديدة الطريق أمام الميزات الثلاثة التي كانت آبل قد وعدت بها في تحديث iOS 18.4 لكنها فشلت في تنفيذها في الوقت المحدد.
تغييرات جذرية في قيادة قسم الذكاء الاصطناعي
لم تقتصر إصلاحات آبل على البنية البرمجية فقط، بل امتدت أيضًا إلى تغييرات إدارية عميقة. فقد أسندت الشركة مهمة قيادة مشروع سيري إلى مايك روكويل، الرئيس السابق لفريق تطوير Vision Pro، في محاولة لإحداث تغيير ثقافي داخل الفرق المسؤولة عن المساعد الذكي.
ووفقاً لمصادر مطلعة، بدأ روكويل بإعادة هيكلة الفِرق العاملة على سيري، مستبدلاً العديد من القادة السابقين بأعضاء جدد من فريق Vision Pro. كما شرع في إصلاح شامل للفرق المسؤولة عن معالجة الكلام، وفهم السياقات، وتحسين الأداء وتجربة المستخدم.
وتشير التقارير إلى أن عددًا كبيرًا من موظفي سيري كانوا قد عبروا عن استيائهم من ضعف القيادة السابقة، مما يجعل هذه الخطوات مؤشراً واعداً لتحسين الأداء الداخلي في المشروع.
هل تنجح آبل في تدارك أخطائها؟
رغم أن الوقت لا يزال مبكرًا للحكم النهائي، إلا أن المؤشرات الحالية تعكس توجهًا أكثر جدية واحترافية من جانب آبل في التعامل مع تحديات الذكاء الاصطناعي. إذ يبدو أن الشركة، بعد العثرات التي رافقت إطلاق iOS 18، تسعى لتقديم رؤية ناضجة ومتكاملة لسيري، قادرة على المنافسة الفعلية في سوق المساعدات الصوتية الذكية الذي بات يزدحم بالابتكارات.
وإذا نجحت آبل في تنفيذ خطتها الجديدة، فقد تستعيد سيري مكانتها كمساعد ذكي متكامل، خصوصًا مع التقنيات الجديدة التي تعِد بتحسين استجابة الأوامر وفهم السياقات بصورة أكثر تطورًا ودقة.
في كل الأحوال، سيكون مؤتمر المطورين العالمي المقبل محطة حاسمة لرؤية ملامح هذا التحول الطموح الذي قد يعيد تعريف تجربة استخدام سيري للأعوام القادمة.