شاب سلوفاكي يحوّل قشور الذرة إلى ابتكار ثوري لمكافحة الفيروسات

4 د
فاز الشاب السلوفاكي آدم كوفالتشيك بجائزة الابتكار الأولى بابتكاره الثوري.
طور كوفالتشيك طريقة لتصنيع دواء "غالديسيفير" باستخدام قشور الذرة لتقليل تكاليف الإنتاج.
يُمكن لهذا الاكتشاف تقليل تكلفة الدواء إلى سدس التكلفة الحالية، مما يساهم في مكافحة فيروسات RNA.
يرى كوفالتشيك في الكيمياء المستدامة فرصة لتحويل المخلفات الزراعية إلى ثروة تقنية.
يسير كوفالتشيك على خطى توفير أدوية فعالة وقليلة التكلفة للدول ذات الموارد المحدودة.
في مشهد ملهم لا يُنسى، خطف الشاب السلوفاكي آدم كوفالتشيك أنظار العالم العلمي بفوزه الكبير في مسابقة علمية دولية في ولاية أوهايو الأمريكية، حيث قدّم ابتكارًا يمكن أن يحدث ثورة في كيفية إنتاج الأدوية المضادة للفيروسات، مستعينًا في ذلك بمكوّن غير متوقع على الإطلاق: قشور الذرة.
من قرية هادئة في سلوفاكيا إلى منصات التتويج العالمية، حمل آدم أفكاره الشابة وطموحه الكبير إلى منافسات معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة. لم يكن يتوقع أن يعود إلى دياره بجائزة الابتكار الأولى وقيمتها 100 ألف دولار، لكنه فعل ذلك بابتسامة عريضة وابتكار مذهل قد يبدل قواعد الكيمياء الصيدلانية، حيث تمكن من تطوير طريقة جديدة لتصنيع دواء "غالديسيفير" التجريبي، مستبدلًا المواد الخام المكلفة بمركب يُستخلص من مخلفات الذرة، ما قد يقلل كلفة إنتاج الدواء إلى سدس التكلفة الحالية.
"شعور لا يمكن وصفه!" هكذا علّق آدم بعد تتويجه، ليختصر حجم الانجاز الذي تحقق عبر سنوات من البحث بين جدران المختبر، خاصة أن المنافسة الدولية غالباً ما تهيمن عليها أسماء من مدن كبرى ومراكز بحثية عريقة. فما الذي يجعل هذه الطريقة مبتكرة إلى هذا الحد؟ وهنا تبدأ دهشة القارئ بالتعمق في التفاصيل العلمية...
كيف حوّلت قشور الذرة إلى أمل طبي؟ الإنجاز العلمي في الميزان
في عالم صناعة الأدوية، يعتبر تحويل المواد العضوية إلى مركبات نشطة من أصعب وأغلى العمليات. وهنا بزغ نجم كوفالتشيك الذي استبدل التقنية التقليدية المعقدة لتصنيع "غالديسيفير" بطريقة تعتمد على كحول الفورفوريل المستخرج من قش الذرة، وهو مركب كيميائي ينتج خلال معالجة مخلفات الذرة في الصناعات الزراعية والغذائية. حيث اختصر كوفالتشيك الخطوات المتبعة من 15 خطوة إلى 10 فقط، وقلّص مدة الإنتاج من تسعة أيام لخمسة أيام فحسب، ما أدى إلى تخفيض الكلفة من 75 دولارًا للغرام إلى 12 دولارًا ونصف فقط.
يمثّل "غالديسيفير" درعًا في مواجهة فيروسات الـRNA مثل إيبولا وزيكا وكوفيد-19. إيران منه، هذه الهندسة الكيميائية الجديدة تجعل تصنيع أدوية مثل "غالديسيفير" أكثر سرعة ونجاعة. هذا التطوير لا يقتصر على خفض التكلفة فحسب، بل يفتح أبواب الأمل أمام دول تعاني من محدودية الموارد وتحتاج لأدوية معقولة الثمن وعالية الفعالية.
ولأن لكل إنجاز علمي جوانب تطبيقية وتحضيرات فنية، فقد عبّر أعضاء لجنة التحكيم عن إعجابهم بمدى إحكام العرض الذي قدّمه كوفالتشيك، مع التأكيد على ضرورة إخضاع الطريق الجديدة للمزيد من التجارب السريرية والمراجعات العلمية المستقلة قبل تبنيها صناعيًا على نطاق واسع.
هذا التقاطع بين الابتكار العلمي والحاجة الإنسانية الملحّة يدفعنا لسؤال أكبر: كيف يمكن للأفكار التي تولد في مختبرات صغيرة أن تُحدث فارقًا عالميًا؟
مستقبل من المخلفات: الكيمياء المستدامة كمحرك للتغيير
ما يميز اكتشاف كوفالتشيك ليس فقط الجوانب المباشرة لإنتاج الدواء، بل الرؤية الأشمل نحو الكيمياء الصديقة للبيئة وتحويل المخلفات الزراعية إلى ثروة تقنية. إذ يعمل الشاب السلوفاكي حالياً على تطبيق نفس المنهجية لإستخراج مركبات عطرية من قش الذرة أيضًا، مما يمنح نفايات المزارع قيمة اقتصادية وبيئية لم تكن متاحة من قبل.
يندرج هذا المسار ضمن موجة عالمية متنامية لإعادة تدوير النفايات النباتية، فثمة دراسات فعّالة في تحويل قشور الموز إلى وقود، وأخرى لصنع مواد بلاستيكية حيوية من قشر البرتقال. وكلها جهود تتلاقى عند نقطة صناعة مبتكرات تحقق الجدوى الاقتصادية وتقلل الأثر البيئي السلبي للصناعة الدوائية.
وهذا يربط أبحاث كوفالتشيك بحركة أوسع ترى في الإبداع المحلي أساسًا لتغيير عالمي، كما علّق رئيس لجنة التحكيم الكيميائي كريس رودي، معتبراً أن هذه الخطوة قد تمثل تحولًا جذريًا في مواجهة انتشار فيروسات RNA.
تأثير هذا العمل إذن لا يقف فقط عند حدود المختبرات أو المسابقات العلمية، بل يمتد ليشكل حافزًا للحكومات والصناعات لدعم الحلول التي تجمع بين الاقتصاد والديمومة البيئية.
وبالانتقال من قصة النجاح إلى الطموحات المستقبلية، نجد أن الشاب السلوفاكي قد بدأ بالفعل إجراءات تسجيل براءات اختراع للطريقة الجديدة، ويواصل تطوير مركبات إضافية قد تنافس أدوية موجودة من حيث الفاعلية من خلال الارتباط الأفضل بالإنزيمات الفيروسية، بحسب ما أكده النمذجة الأولية بالحاسوب.
في النهاية، يجسد هذا الاكتشاف الشاب كيف أن الإبداع لا يعرف حدودًا جغرافية أو مكانية، وأن أفكارًا بسيطة مصدرها قرية نائية يمكن أن تتحول لبذرة تغيّر قواعد اللعبة في الرعاية الطبية ومجابهة الأوبئة. إنه درس في قوة الإرادة والابتكار المستدام وأهمية دعم الأبحاث المحلية التي تنبض بقيم الإنسانية والعطاء.