شاهد قبر جندي روماني عمره 1900 سنة.. في فناء منزل أمريكي؟

3 د
عُثر على حجر قبر روماني يعود لـ1900 عام في حديقة بنيو أورلينز.
النقش على الحجر يعود لجندي روماني من القرن الثاني الميلادي.
يُعتقد أن الحجر نُقل من إيطاليا إلى أمريكا عقب الحرب العالمية الثانية.
سيسلم الحجر إلى الجهات المختصة لعرضه في متحف محلي.
الحدث يُظهر كيف أن الماضي يمكن أن يندمج مع حاضرنا بطرق غير متوقعة.
حدث استثنائي قلب روتيناً منزلياً بسيطاً إلى قصة تاريخية مثيرة. ففي أثناء تنظيف حديقة منزل في مدينة **نيو أورلينز** الأمريكية، عثرت أسرة على **حجر قبر روماني قديم** يعود إلى نحو ألفي عام، ليبدأ بذلك فصل جديد من الألغاز الأثرية التي تربط بين العالم القديم والحديث.
مع اندهاش الباحثين، أثار هذا الاكتشاف أسئلة كثيرة حول هوية صاحب القبر، ورحلة الحجر الطويلة من **إيطاليا القديمة** إلى شواطئ **الولايات المتحدة**.
وهذا يقودنا إلى تفاصيل المشهد الأول في القصة.
من مهمة تنظيف إلى اكتشاف أثري
في حي كارولتون القديم بنيو أورلينز، كانت العالمة الأنثروبولوجية **دانييلا سانتورو** وزوجها **آرون لورينز** يحاولان التخلص من الأعشاب والأشجار خلف منزلهما حين لفت انتباههما حجر رخامي مغطى بالطين. في البداية ظنّا أنه قطعة مهملة من مقبرة محلية، لكن النقوش الغريبة عليه دفعت دانييلا إلى التحقق أكثر.
استعانت سانتورو بخبير الآثار **دي. رايان غراي** من جامعة نيو أورلينز، الذي لم يُخفِ دهشته حين رأى صورة الحجر المنقوش باللغة اللاتينية. فبدلاً من أن يكون حجراً جنائزياً من القرن التاسع عشر كما ظنّ في البداية، اكتشف أنه **شاهد قبر لجندي روماني** من القرن الثاني الميلادي.
وبعد هذا الاكتشاف المذهل، انتقل الاهتمام إلى تحديد هوية صاحب النقش.
هوية الجندي الذي عبر العصور
النقش اللاتيني كشف عن تفاصيل حياة الرجل الذي دُفن قبل نحو **1900 عام**، ويدعى **سيكستوس كونغينيوس فيروس**، وهو جندي خدم في **الأسطول البريتوري** بمدينة ميسينوم الإيطالية. ورد في الكتابة أنه عاش 42 عاماً وخدم في الجيش لمدة 22 عاماً على سفينة حربية تُدعى “أسكليبيوس”. وبحسب النص، أقام له رفيقاه **أتيليوس كاروس** و**فيتيوس لونغينوس** النصب تخليداً لذكراه.
هذا النقش النادر يعيدنا إلى زمن الإمبراطورية الرومانية، حيث كان الانتماء العسكري والقبلي يُوثَّق بدقة، وهو ما ساعد الباحثين على تتبع أصل الحجر إلى منطقة **تراقيا** في جنوب شرق أوروبا.
وهنا تبرز التساؤلات: كيف وصل أثر روماني بهذه الأهمية إلى قلب أمريكا الجنوبية؟
لغز الرحلة من ميسينوم إلى نيو أورلينز
وفقاً للخبير غراي، فقد كانت اللوحة مسجلة مسبقاً لدى علماء آثار إيطاليين بعد العثور عليها بالقرب من **تشيفيتافيكيا**، الميناء الروماني القديم قرب روما. لكنها اختفت عقب **الحرب العالمية الثانية** عندما دُمر المتحف المحلي بفعل القصف الجوي. ويُرجّح أن القطعة نُقلت بطريقة غير قانونية بعد الحرب، وربما جلبها **جندي أمريكي** إلى موطنه كتذكار.
فرضية أخرى تشير إلى أن الحجر ربما بيع عبر أحد تجار الآثار، ثم تداوله هواة جمع القطع التاريخية إلى أن وصل مصادفة إلى حديقة منزل في نيو أورلينز.
وتربط هذه النظرية بين التاريخ الدموي للحروب الحديثة ومصير القطع الأثرية التي غالباً ما تتحول إلى **غنائم ثقافية** غير شرعية.
وهذا يسلط الضوء على البعد الإنساني في قصة الحجر الذي عبر البحار.
إرث ثقافي يربط الأزمنة
بالنسبة للباحثين، لا يقف لغز القبر عند حدود التساؤلات الأثرية، بل يحمل رسالة رمزية عن **استمرارية التاريخ** وقدرته على التسلل إلى حياتنا اليومية بأغرب الطرق. فأن يعثر شخص في القرن الحادي والعشرين على قصة جندي من الإمبراطورية الرومانية في حديقته الخاصة، لهو تذكير بأن الماضي ليس بعيداً كما نظن.
من المقرر أن تُسلم العائلة الحجر إلى الجهات المختصة للحفاظ عليه، تمهيداً لعرضه في أحد متاحف المدينة باعتباره **دليلاً على الروابط غير المتوقعة بين الحضارات**.
وفي نهاية المطاف، يظل هذا الحجر الذي قاوم الزمن شاهداً على حكاية امتدت من مرافئ **روما القديمة** إلى ساحل **نهر الميسيسيبي**، ليعيد تعريف معنى اللقاء بين التاريخ والصدفة.









