ذكاء اصطناعي

شاهد من زمن الأساطير: سيف من القرن السادس يفتح الأبواب المغلقة للعصور المظلمة

شاهد من زمن الأساطير: سيف من القرن السادس يفتح الأبواب المغلقة للعصور المظلمة
فريق العمل
فريق العمل

4 د

تم اكتشاف سيف يعود للقرن السادس في مقبرة أنجلوساكسونية قرب كانتربري.

السيف مصنوع بدقة عالية ومزين بالفضة والذهب، يحمل نقوشًا رونية.

اكتشف العلماء 12 قبرًا، يُعتقد بوجود 200 آخر بانتظار التنقيب.

تشمل المكتشفات رؤوس رماح وأدوات أثرية توضح حياة الناس آنذاك.

سيُعرض السيف والمستحفَظات للجمهور في متحف فولكستون قريبًا.

وسط هدوء الريف البريطاني، في منطقة قريبة من مدينة كانتربري التاريخية، اكتشف علماء الآثار سيفًا استثنائيًا يعود للقرن السادس الميلادي، في اكتشاف أثار انتباه العلماء وعشاق التاريخ على حد سواء، وفق ما نشرت صحيفة الغارديان، وقد يفتح هذا السيف أبوابًا جديدة لفهم فترة من الحضارة والتاريخ الأوروبي يكتنفها الغموض، والمعروفة باسم "العصور المظلمة".


سيف استثنائي يزيد من روعة الاكتشاف

ولعل ما يجعل هذا السيف مميزًا بشكل خاص، هو حالته الممتازة رغم مرور أكثر من 1400 عام عليه، بالإضافة إلى صناعته الدقيقة وجودته العالية. تم تزيين يد السيف بالفضة والذهب بنقوش دقيقة ورائعة الجمال، تدل على أنه كان سلاحًا مخصصًا لشخص يتمتع بمكانة عالية في مجتمعه. لكن الملفت للنظر حقًا هو وجود نقوش بالحروف الرونية على نصل السيف، وأجزاء نادرة من الغمد الأصلي، الذي صُنع من الجلد والخشب مع بطانة من فرو القندس.

ويقول عالم الآثار دانكان ساير، المشرف على أعمال التنقيب في الموقع:


"هذا السيف يقف على قدم المساواة مع السيوف التاريخية الشهيرة التي تم العثور عليها سابقًا في منطقتَي دوفير وساتون هو، بل إنه ربما يتميز عنها في بعض جوانبه"


مقبرة أنجلوساكسونية تكشف أسرار حقبة مجهولة

لم يكن السيف الوحيد الذي عثر عليه في هذه المنطقة، بل شكّل جزءًا من اكتشاف أكبر في مقبرة تعود إلى الحقبة الأنجلوساكسونية لم تُكتشف سابقًا. عثر فريق من الباحثين حتى الآن على 12 قبرًا، ويعتقدون أن الموقع يحتوي على ما لا يقل عن 200 قبر آخر لا زالت بانتظار التنقيب والبحث.

وتقول أليس روبرتس، العالمة والأستاذة الجامعية ومقدمة برنامج "ديغينغ فور بريتن" (التنقيب عن بريطانيا)، أن هذا الاكتشاف "مذهل بكل معنى الكلمة"، مشيرة إلى أن المقبرة مليئة بالأسلحة والأغراض الجنائزية الغنية، التي تميزت بها مدافن الشخصيات عالية المرتبة في المجتمع الأنجلوساكسوني خلال القرن الخامس والسادس.


أدوات وقطع أثرية تكشف ملامح الحياة اليومية

إلى جانب السيف الشهير، وجد العلماء في الموقع العديد من القطع الأثرية الأخرى، من بينها رؤوس رماح من الحديد، وسكاكين تُعرف في اللغة الإنجليزية القديمة "Seaxes" (وهي سكاكين كبيرة اشتهرت بها شعوب الأنجلوساكسون)، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الزخارف والأغراض الشخصية الأخرى. كل هذه الأشياء ستساعدنا في تشكيل صورة أوضح عن حياة الناس في هذه المرحلة من التاريخ.


دلائل على المكانة الاجتماعية والسياسية

إحدى النقاط المهمة التي لفتت انتباه العلماء هي الحلقة المعدنية الموجودة على قبضة السيف. يرجح الباحثون أن هذه الحلقة كانت ذات معنى رمزي خاص، ربما للدلالة على علاقة السيف بزعيم كبير أو ملك، أو قد تمثل تعهدًا أو عهدًا قطعه حامل السيف على نفسه تجاه هذا الشخص صاحب السلطة العليا.

ومن هنا، يشرح ساير قائلاً:


"كل التفاصيل تؤكد أن الشخص المدفون مع هذا السيف النادر لا بد وأنه كان شخصية ذات مكانة ونفوذ كبيرَين. هذا يدفعنا للتعمق أكثر في فهم الهيكل السياسي والاجتماعي لدى شعب الأنجلوساكسون"


الحفاظ على سرية مكان الاكتشاف

ونظرًا لأهمية الموقع والقيمة التاريخية الكبيرة التي يحتويها، قرر العلماء عدم الإفصاح عن المكان تحديدًا، لحمايته من أي تدخل قد يعرّض المتبقي من الأثار فيه للخطر. إذ يقول ساير :


" إن الكشف عن الموقع الدقيق قد يعرقل جهود البحث والحفاظ على هذه الكنوز التاريخية"


الموقع يكشف دور الهجرات القديمة في تكوين المجتمع الإنجليزي

وقد شدد ساير على أن هذا الاكتشاف يسهم بشكل كبير في فهم فترة الهجرات القديمة التي ساعدت في تشكيل المجتمعات الأنجلوساكسونية على الساحل الشرقي البريطاني. مُضيفًا:


"يبدو واضحًا الآن أن موجات الهجرة لم تأتِ من موقع واحد، بل من أماكن متعددة وعلى مدار فترات زمنية ممتدة"


قريبًا.. كنز الأنجلوساكسون أمام الجمهور

ذو صلة

وبعد أن يتم الانتهاء من أعمال البحث والصيانة الدقيقة للسيف والمقتنيات الأثرية الأخرى، تقرر بالفعل عرضه أمام العامة في متحف فولكستون في مقاطعة كِنت، ما سيتيح الفرصة للجميع لرؤية لمحة نادرة ومباشرة عن واحدة من أكثر الفترات التاريخية إثارة للاهتمام في أوروبا.

لا شك أن هذا الاكتشاف يذكرنا بأن العلم ما يزال قادرًا على أن يفاجئنا، مؤكدًا أن تحت أقدامنا مباشرةً قد تكمن قطع غامضة من الماضي تنتظر فقط من يكشف عنها لتروي قصص الحضارات السابقة.

ذو صلة