شركة فضاء تخطط لشحن البضائع إلى أي مكان في العالم خلال ساعة واحدة

في عالم الخدمات اللوجستية الفضائية، تظهر شركة جديدة تحمل اسم **Inversion Space** لتعيد رسم ملامح مستقبل النقل السريع. الشركة، التي تأسست عام 2021 في كاليفورنيا، تعمل حالياً على تطوير مركبة فضائية قادرة على تسليم الشحنات من المدار إلى أي نقطة على سطح الأرض في أقل من ساعة. فكرة قد تبدو من روايات الخيال العلمي، لكنها على وشك أن تصبح حقيقة علمية.

الشركة كشفت مؤخراً عن مركبتها الجديدة **"Arc"**، وهي مزيج بين طائرة فضائية وكبسولة حمولة، تبدو صغيرة بحجم 2.4 متر عرضاً و2.5 متر طولاً، لكنها قادرة على حمل نحو 225 كغ من البضائع الحساسة أو الاحتياجات الإنسانية العاجلة. ووفقاً للمخطط، من المنتظر أن تنطلق أول رحلة تجريبية قبل نهاية عام 2026.

وهذا يقودنا إلى قلب المشروع الذي لا يتعامل مع “الوصول إلى الفضاء” كمجرد هدف، بل كمنصة لخلق **شبكة نقل عالمية مدارية** يمكنها إيصال الإمدادات الطبية أو العسكرية أو التجارية بسرعة تفوق أي وسيلة حالية.

مركبة **Arc** ستنطلق إلى مدار منخفض حول الأرض، حيث يمكنها البقاء حتى خمس سنوات وهي مخزنة بالحمولات. وعندما يُرسل إليها أمر الاستدعاء، تشغّل محركاتها الصغيرة لتبدأ عملية العودة عبر الغلاف الجوي مستخدمة نظام مظلات ذكية ومناورة ذاتية لتحديد موقع الهبوط بدقة. بهذه الطريقة، يمكن للشحنة أن تصل إلى منطقة نائية أو بيئة طوارئ خلال دقائق من تلقي الطلب.

وربما الأكثر إثارة هو أن الشركة تخطط لبناء **كوكبة من المركبات القابلة لإعادة الاستخدام** تدور حول الأرض، جاهزة للدخول وقت الحاجة. وهذا يفتح الباب أمام مفاهيم جديدة في **الدفاع السريع**، إذ تشير Inversion إلى أن مركبتها قد تساعد في إيصال معدات حيوية إلى مناطق منكوبة أو محرومة من البنية التحتية خلال وقت قياسي.

هذا الربط بين الجانب العسكري والخدمات المدنية يعكس طموح الشركة في تحويل المدار الأرضي المنخفض إلى **ساحة لوجستية عالمية** تتيح الوصول السريع والآمن للحمولات المهمة.

في يناير الماضي، أطلقت الشركة مركبتها الأولى **Ray** ضمن مهمة "Transporter-12" التابعة لـSpaceX. ورغم أن التجربة شهدت عطلًا جزئياً بسبب خلل كهربائي منع تشغيل محرك العودة، فإنها اعتُبرت ناجحة لأنها اختبرت أنظمة الاتصال والملاحة وإدارة الطاقة بنجاح. معظم مكونات المركبة بُنيت محلياً على يد فريق صغير لا يتجاوز 25 مهندساً.

هذا النجاح الأولي أعطى الفريق ثقة للمضي نحو الإنتاج على نطاق أوسع، إذ تخطط الشركة لبناء مئات المركبات سنوياً وتشكيل **منظومة نقل فضائي متكاملة بحلول عام 2028**.

في النهاية، يبدو أن ما تفعله Inversion Space يتجاوز السعي إلى حل مشكلات الشحن السريع؛ إنها تؤسس لحقبة جديدة قد تُحوّل الفضاء القريب من الأرض إلى **بوابة لوجستية للقرن الحادي والعشرين**. ومع تقدمها بخطى ثابتة، قد تصبح “ساعة واحدة لتسليم أي شحنة إلى أي مكان” شعاراً واقعياً أكثر منه حلماً تقنياً.