شفاء طبقة الأوزون… تهديد خفي بزيادة الاحترار العالمي بنسبة 40%

3 د
وسط التفاؤل بتعافي طبقة الأوزون، يظهر خطر جديد بزيادة الاحترار العالمي.
البحث الجديد يحذر من أن الأوزون المتعافي قد يصبح ثاني مسببات ارتفاع الحرارة.
الأوزون يحمي من الأشعة الضارة لكنه يساهم أيضًا في حبس حرارة الأرض.
حظر المواد المدمرة للأوزون ساعد في تعافيه لكنه زاد من تأثيره الحراري.
يبقى التوازن بين حماية الحياة وضبط الحرارة تحديًا بيئيًا معقدًا.
وسط الأخبار الإيجابية عن تعافي طبقة الأوزون، تظهر اليوم مفارقة علمية جديدة: إصلاح هذه الدرع الواقية، الذي ظننّاه نصراً للبيئة، قد يُسهم في زيادة الاحترار العالمي على نحو أكبر بكثير مما تصوّرنا. بحث حديث يحذّر من أنّ طبقة الأوزون المتعافية يمكن أن تصبح ثاني أبرز مسبّب لزيادة حرارة الأرض بعد ثاني أكسيد الكربون، مما يغيّر حساباتنا حول مكافحة تغير المناخ.
هل طبقة الأوزون صديقة أو عدوة للمناخ؟
لطالما عُرفت طبقة الأوزون بأنها حامية الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة. لكن ما قد يفاجئ الكثيرين هو أن الأوزون أيضاً غاز احتباس حراري قوي، إذ يحتفظ بجزء من حرارة الأرض بدلاً من السماح لها بالتسرّب إلى الفضاء. وفق دراسة جامعة ريدينغ البريطانية، من المتوقع أن يزداد دور الأوزون كعامل أساسي في الاحترار بحلول عام 2050، بل وسيحتل المرتبة الثانية مباشرة بعد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. فبينما يُكمل العالم حظر مركبات الكلوروفلوروكربون (CFC) والـ HCFC، والتي كانت تدمر الأوزون لعقود، يساعد ذلك طبقة الأوزون على التعافي، لكنه في الوقت ذاته يسمح للأوزون بأداء "وظيفته الثانية" في حبس الحرارة، ليرتفع تأثيره بنحو 0.27 واط لكل متر مربع من سطح الأرض.
وبالانتقال إلى تفاصيل الدراسة، نجد أن النتائج تشير إلى أن مكاسب المناخ التي توقعناها عند التخلص من CFC وHCFC—المواد الكيميائية الضارة التي أعلنت الحرب عليها بروتوكولات بيئية عالمية مثل مونتريال—لن تكون كما ظننا. صحيح أن التخلص من هذه المواد أنقذ الأوزون، لكنه أتاح أيضاً للأوزون المتجدد زيادة حبس الحرارة؛ فتقلّصت الفائدة البيئية المرجوة فيما يخص مكافحة الاحترار.
سياسات الهواء النظيف وتأثيرها على السيناريو المستقبلي
وهذا يربط مباشرة بين تطور طبقة الأوزون وواقع تلوث الهواء عبر العالم. فالأوزون لا يتشكل فقط في الطبقات العليا بل أيضاً بالقرب من سطح الأرض، بفعل عوادم السيارات والمصانع ومحطات الطاقة. الأوزون الأرضي يؤثر على الصحة ويساهم في الاحترار. حتى مع فرض سياسات صارمة للحدّ من التلوث، سيستمر تعافي الأوزون في طبقات الجو العليا لعقود، مما يعني أنّ جزءاً من الارتفاع في درجات الحرارة بات حتميًا في الأفق القريب، بصرف النظر عن جهودنا لتنظيف الهواء.
لكن رغم ذلك، يبقى التعافي الكامل لطبقة الأوزون حاجة لا غنى عنها لحماية البشر من سرطان الجلد ومشكلات العيون، وحماية الزراعة والحياة البرية من الإشعاع فوق البنفسجي. المشكلة تكمن في أن حسابات التغير المناخي بحاجة الآن لتحديث يأخذ في الحسبان "الوجهين" لغاز الأوزون: فوائده الصحية ومخاطر احتباسه الحراري.
رحلة السياسات البيئية وتداخل الأولويات المناخية
ولمزيد من الربط مع المشهد البيئي الأوسع، نجد أن قضية الأوزون تعكس صعوبة تحقيق "فوز كامل" على صعيد البيئة: كل مواجهة مع التحديات المناخية يرافقها نتائج غير متوقعة، أحياناً تفرض توازناً معقّداً بين المكاسب والخسائر. لذا، ينصح العلماء بضرورة مراجعة السياسات المناخية حتى تكون قادرة على التعامل مع التأثيرات المتغيرة لتطور طبقة الأوزون، خصوصاً وأن الدراسات الحالية تستند إلى نماذج تحاكي شح الإمكانات في مكافحة التلوث مستقبلاً.
خلاصة المشهد: حماية الأوزون ضرورة، لكن الانتصار ليس مطلقاً
انطلاقاً من هذه الاكتشافات، تتضح الصورة أكثر: إعادة بناء طبقة الأوزون من الانتصارات البيئية البارزة، لكنها تأتي بتكاليف غير متوقعة على جبهة الاحترار العالمي. في النهاية، ستبقى مواجهة التغير المناخي مسألة توازن دقيق بين حماية الحياة من أشعة الشمس الضارة وبين ضبط درجات حرارة الأرض. هذا التحدي الجديد يذكّرنا بأن الحلول البيئية، مهما بدت بسيطة، غالباً ما تحتاج لمراجعات مستمرة وحلول مبتكرة تضع في الحسبان التداخل الكبير بين عناصر كوكبنا المعقدة.