صفقة جديدة مرتقبة بين ترامب وتيك توك تُشعل المواجهة مع الصين

3 د
أعلنت إدارة ترامب التوصل لاتفاق مبدئي مع بكين يسمح لتيك توك بالعمل في أمريكا.
تضمنت المفاوضات اهتمامًا بأمن الولايات المتحدة وتوضيح بيئة الاستثمار لكلا الجانبين.
عملاقة البرمجيات أوركل تُعتبر الشريك المحتمل للاستثمار في تيك توك الأمريكي.
القوانين السابقة للكونغرس ترتبط بتحديد ملكية تيك توك بعيدًا عن بايت دانس الصينية.
الاتفاق يساعد في تسهيل الحوار بين ترامب وشي جين بينغ لتحسين العلاقات المستقبلية.
في خطوة طال انتظارها، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاق مبدئي مع بكين يتيح لتطبيق تيك توك الاستمرار في العمل داخل الولايات المتحدة، بعد سنوات من الجدل والتهديدات بالحظر. هذا الاتفاق يشكل تتويجاً لملف شائك جمع بين السياسة والتكنولوجيا والتجارة، وظل مفتوحاً منذ الولاية الأولى لترامب.
المحادثات التي جرت خلال الأسابيع الماضية بين مسؤولين أمريكيين وصينيين في مدريد أفضت إلى إطار عمل يُتوقع أن يُترجم إلى اتفاق نهائي عقب محادثة مباشرة بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ نهاية الأسبوع. وبحسب وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، فإن “الصفقة لم تكن ممكنة لولا الدور المباشر للرئيس ترامب الذي مارس نفوذه لضمان التوصل إلى حل وسط”. هذا يوضح كيف ارتبط الملف الأمني المرتبط بالتطبيق بالسياسة الاقتصادية الأوسع بين واشنطن وبكين.
المفاوضون الأمريكيون شددوا خلال اللقاءات على أن أي التفاهمات يجب أن تحافظ على الأولوية الأمنية للولايات المتحدة. الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير أوضح أن الهدف كان الوصول إلى اتفاق عادل للصين من جهة، ويضمن معالجة المخاوف الأميركية من تجميع بيانات المستخدمين من جهة أخرى. وهذا يربط بين صفقة تيك توك وبين استراتيجية واشنطن في فرض ضوابط صارمة على التطبيقات الأجنبية التي تعمل داخل أراضيها.
من جانبها، أكدت بكين عبر كبير المفاوضين التجاريين لي تشنغ قانغ أن الطرفين توصلا إلى “توافق إطار عام” يسمح للتطبيق بالعمل داخل أمريكا في بيئة استثمارية أكثر وضوحاً. التصريحات الصينية حملت بين سطورها رسالة مزدوجة: الانفتاح على التعاون، لكن دون التنازل عن مبادئ السيادة التكنولوجية أو مصالح الشركات المحلية. وهذا يعكس كيف أصبحت التطبيقات الرقمية جزءاً من لعبة النفوذ الاقتصادي بين القوتين.
أحد الأبعاد اللافتة في الصفقة هو الحديث عن المستثمر الأمريكي الذي سيقود عملية الاستحواذ الجزئي. أوركل، عملاقة قواعد البيانات، برزت مجدداً كمنافس رئيسي، بقيادة رئيسها التنفيذي لاري إليسون، الحليف المعروف لترامب. لدى أوركل علاقة سابقة باستضافة بيانات تيك توك الأمريكية منذ عام 2020، وهو ما يعزز الاحتمالات بأنها ستكون الشريك التجاري الأقرب للصفقة. هذا يربط بين مساعي الشركات لاقتناص فرص استثمارية ضخمة وسير المفاوضات السياسية الحساسة.
على الضفة الأخرى، ظهرت عروض من مستثمرين مثل فرانك مكورت وكيفن أوليري الذين سعوا لشراء أصول تيك توك الأمريكية، لكن خبراء الأسواق اعتبروا أن التكلفة التي قد تتجاوز عشرات المليارات تجعل فرص نجاحهم محدودة، خاصة إذا استُبعِد العنصر الأساسي في نجاح التطبيق: خوارزميته الذكية.
القصة لم تبدأ اليوم؛ فالكونغرس الأمريكي مرر سابقاً قانوناً ثنائياً يحظر استخدام التطبيق ما لم يتم فصل ملكيته عن شركة بايت دانس الصينية. إدارة ترامب لعبت مراراً بورقة المهل النهائية، إذ جرى تمديد موعد بيع الأصول أكثر من مرة، ما أدى إلى انتقادات بأن التأجيلات تُضعف من جدية التشريعات. وهذا يربط بين الأزمة الحالية ومسار طويل من الشدّ والجذب السياسي داخل واشنطن نفسها.
تيك توك، الذي يستخدمه نحو 170 مليون أمريكي معظمهم من الشباب، أصبح ورقة انتخابية بامتياز داخل الولايات المتحدة. ترامب نفسه، وفق مراقبين، غيّر موقفه من الحظر الكامل بعد أن رأى كيف ساهم التطبيق في تعزيز ظهوره لدى فئة الناخبين الأصغر سناً. وهو تحول يعكس كيف تتقاطع السياسة الرقمية مع الحملات الانتخابية الحديثة.
في المحصلة، يرى محللون أن إتمام الصفقة سيزيل عقبة كبيرة أمام عقد لقاء مرتقب بين ترامب وشي جين بينغ خلال زيارة الرئيس الأمريكي لآسيا أواخر أكتوبر. هذا يجعل من اتفاق تيك توك أكثر من مجرد صفقة تكنولوجية؛ إنه مفتاح لبوابة حوار سياسي وتجاري قد يحدد شكل العلاقات بين القوتين في السنوات المقبلة.
بين مساعي واشنطن لحماية أمنها القومي، وإصرار بكين على الدفاع عن شركاتها التكنولوجية، وحرص ملايين المستخدمين الأمريكيين على استمرار التطبيق، جاءت صفقة تيك توك لتوازن بين كل هذه الاعتبارات. وما بين السياسة، الاقتصاد، والتقنية، يظل هذا الاتفاق شاهداً على كيف أصبح التطبيق الصيني أيقونة لصراع النفوذ الدولي في العصر الرقمي.