ذكاء اصطناعي

صناعة الرقائق على صفيح ساخن… وأميركا تبحث عن كبش رسوم جديد

صناعة الرقائق على صفيح ساخن… وأميركا تبحث عن كبش رسوم جديد
مجد الشيخ
مجد الشيخ

3 د

تجري الولايات المتحدة تحقيقًا حول الواردات الضخمة للشرائح الإلكترونية وتأثيرها على الأمن القومي.

يهدف التحقيق لتحفيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات في صناعة الشرائح.

تشير وزارة التجارة لنوايا فرض رسوم جمركية جديدة رغم التصريحات السابقة.

تحقيقات الوزارة تشمل المعدات والمنتجات التي تحتوي على الشرائح الإلكترونية.

ترى الولايات المتحدة ضرورة تعزيز قدراتها المحلية في قطاع الشرائح الإلكترونية.

تحركت وزارة التجارة الأمريكية رسمياً لإجراء تحقيق واسع النطاق بشأن واردات تكنولوجيا أشباه الموصلات (semiconductors)، في خطوة وصفها خبراء اقتصاديون بأنها بداية لفرض تعريفات جمركية جديدة محتملة، قد تتسبب في تغيير جذري في سوق الإلكترونيات العالمي.


ما سبب هذا التحقيق الأمريكي الجديد؟

أعلنت الولايات المتحدة عبر وزارة التجارة أنها ستجري تحقيقاً مكثفاً لتحديد إذا ما كانت الواردات الضخمة من الشرائح الإلكترونية (semiconductors)، والتقنيات والمعدات المرتبطة بها، تؤثر سلباً في الأمن القومي الأمريكي. وتأتي هذه الخطوة استناداً إلى مادة تُسمى "القسم 232" من قانون توسيع التجارة لعام 1962، التي تعطي الرئيس الأمريكي صلاحيات واسعة لفرض تعريفات جمركية عند وجود مخاوف أمنية.

وتنوي الوزارة أيضاً النظر في مدى إمكانية تعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد المفرط على الاستيراد. ووفقاً لإعلان وزارة التجارة، فإن التحقيق لن يقتصر على الشرائح فقط، بل سيشمل أيضاً المعدات المستخدمة في التصنيع والمنتجات الإلكترونية الأخرى التي تحتوي هذه الشرائح.


رغم التصريحات المتضاربة... ترامب ماضٍ قدماً

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن قبل أيام أن القطاع الإلكتروني - ومنها أشباه الموصلات والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية - قد يكون مستثنى من الرسوم الجمركية الجديدة وفقاً لاستراتيجية "التعريفات المتبادلة". ومع ذلك، يبدو أن الوزارة تشير بشكل واضح إلى نية الإدارة الأمريكية فرض تعريفات جديدة رغم تلك التصريحات الأولية.

ففي مقابلة تلفزيونية عُرضت هذا الأسبوع، تحدث وزير التجارة هوارد لوتنيك بوضوح، مؤكداً أن الإعفاءات الحالية على بعض الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف والحواسب الشخصية "مؤقتة وليست دائمة"، كاشفاً عن خطط تطبيق رسوم جمركية منفصلة خاصة بأشباه الموصلات والصناعات المرتبطة بها خلال "شهر أو شهرين"، كما ذكر الوزير.


ما تداعيات الخطوة الأمريكية على صناعة التكنولوجيا؟

تعتبر أشباه الموصلات عنصراً أساسياً في جميع الأجهزة الحديثة مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والسيارات وحتى الأجهزة المنزلية الذكية. تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير جداً على واردات هذه الشرائح من دول مثل تايوان وكوريا الجنوبية وهولندا، حيث توجد مصانع وشركات عملاقة متخصصة.

وهذا التحقيق قد يكون له أثر مباشر على استثمارات هذه الشركات في السوق الأمريكي. فقبل أسابيع أعلنت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC)، وهي الأكبر على مستوى العالم، تعزيز استثماراتها في الولايات المتحدة بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار إضافية، بينما أعلنت شركة نفيديا (Nvidia) الأمريكية العملاقة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي أنها ستقيم مصانع لإنتاج حواسيبها الخارقة بشكل كامل في الولايات المتحدة، وهي خطوة تعكس التوجه نحو خفض الاعتماد على الخارج.


البعد الاستراتيجي والخلفيات الاقتصادية

تأتي خطوة التحقيق الجديدة كحلقة في سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها واشنطن خلال السنوات الأخيرة لتعزيز قدراتها المحلية في قطاع الشرائح الإلكترونية. ففي العام الماضي، صدرت تشريعات بقيمة 280 مليار دولار عبر قانون أشباه الموصلات والعلوم المعروف باسم "CHIPS Act"، بهدف تشجيع الشركات الأجنبية والمحلية على تصنيع المزيد من هذه المنتجات المهمة داخل الأراضي الأمريكية.


المستقبل لا يزال غامضاً

يبقى العديد من الأسئلة دون إجابات واضحة في الفترة الحالية، لا سيما حول نسبة التعريفات الجمركية التي قد تفرض، والمدة الزمنية التي ستظل فيها السلع الإلكترونية مستثناة. وتعتزم وزارة التجارة الآن فتح الباب أمام الجمهور والمتخصصين لتقديم تعليقاتهم وملاحظاتهم ضمن مدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع اعتباراً من الأربعاء المقبل.

ذو صلة

في غضون ذلك، أشار الرئيس ترامب إلى أنه سيعلن بنفسه خلال الأسبوع القادم تفاصيل أوضح حول هذه التعريفات، مشدداً على إمكانية تقديم تسهيلات و"مرونة" لصالح بعض الشركات، بشكل قد يخفف من تبعات هذا القرار على القطاع الصناعي.

بذلك، تضع واشنطن العالم أمام فصل جديد من الحرب التجارية، مع تركيز واضح على حماية الأمن القومي، ودعم الصناعة الداخلية في ظل المنافسة المتصاعدة مع قوى اقتصادية أخرى. ويبدو أن قطاع التكنولوجيا سيكون، مرة أخرى، الميدان الأهم في هذه المواجهة الاقتصادية العالمية.

ذو صلة