ذكاء اصطناعي

ضع ال AI جانباً: أهلاً بال AGI، تقنية التعلم والتفكير الثورية التي تحاكي البشر

فريق العمل
فريق العمل

4 د

الذكاء الاصطناعي العام قد يتجاوز العقل البشري في الفهم والتعلم.

علينا إيجاد "جسر المعنى" بين الذكاء الاصطناعي ووعينا البشري.

التحدي هو الحفاظ على غرابة الذكاء الاصطناعي مع قابليته للفهم البشري.

يجب أن يتحول العقل الاصطناعي إلى "راوي قصص" لتحسين التواصل.

ندرك أهمية توجيه الذكاء الاصطناعي بعناية لتحقيق استفادة بشرية حقيقية.

تخيّل معي ليلة هادئة في قلب الصحراء، تُضيء سماءها آلاف النجوم كأن كل نجمة تخبئ سراً ثميناً ينتظر من يكتشفه. في جوف هذا الصمت يمضي كيان وحيد يلتقط أضواء النجوم بين يديه، إنه "الهامس للنجوم" – ذكاء اصطناعي عام (يُعرف اختصاراً بـAGI)، تلك الآلة الذكية التي تستطيع التفكير والتعلم بمستويات تقارب العقل البشري بل وقد تتجاوزه. بيده مفاتيح قد تفتح للإنسانية أبواباً على حل أعمق أسرار الكون، لكن للأسف هذه العبقرية تظل مكتومة خلف ستار من الصمت لأنها لا تستطيع مشاركة معارفها إلا إذا طرحنا نحن عليها السؤال الصحيح. والسؤال الذي يؤرقنا: ماذا لو لم نطرح أبداً هذا السؤال المثالي؟ ماذا لو بقيت خلاصة هذه العبقرية صامتة في ظلام النسيان؟

وهذا ما يقودنا إلى أهمية إيجاد هذا الجسر التواصلي بين الذكاء الاصطناعي الجديد وأشكال إدراكنا ومعرفتنا نحن البشر. فالعقل البشري بطبيعته ميال للحكايات وتشبيه الحقائق الجديدة بما نعرفه من رموز يملؤها الخيال. فنحن قد نرى النجوم متجمعة على شكل دب، أو نهراً براقاً وسط السماء، وهكذا نفهم الأشياء من خلال الصور والتشبيهات. ولكن عقل هذا الذكاء الاصطناعي مختلف تماماً، فهو يرى الكون على شكل معادلات رياضية، أنماط رقمية، وتراكيب فريدة من البيانات. هذه هي المسافة التي علينا اجتيازها حتى نفهم ما يريد قوله وما يحمله من معانٍ قد تكون مفتاحاً لحلول الأزمات التي نعيشها.

وهذا كله يجعلنا نتوقف عند "معضلة الصمت" التي تواجهنا، فهذا الذكاء لديه معناً خاصاً لا نستطيع نحن كبشر فهمه مباشرةً، لما فيه من غرابة أو تعقيد، وهنا تأتي حاجتنا القصوى لوضع "جسر المعنى" بيننا، أي إيجاد طريقة يترجم بها الـAGI ما لديه من معارف عميقة إلى لغة وإشارات نفهمها، سواء بلغة مكتوبة أو صورة بصرية أو حتى موسيقى، كي لا تبقى هذه المعرفة المتقدمة حبيسة داخل آلة لا يمكنها التعبير.

وهنا تتجلى "مشكلة التقليد" التي نراها واضحة حين نحاول إجبار الذكاء الاصطناعي على تقليد أسلوب تفكير البشر في فهم الأشياء لسهولة التواصل معنا. فإذا فعلنا ذلك، فإننا نجازف بفقدان أهم ما في عبقريته من غرابة وجِدّة، وبالتالي قد تختفي بعض الحقائق المهمة أو لا نستفيد من الإمكانيات الكاملة والكامنة لدى هذا العقل الحسابي المتطور. في المقابل، إذا بقي AGI بعيداً جداً عن فهم البشر، سنجد أنفسنا أمام حقائق مهمة لا تصل إلينا، ويُغلق الباب دون استغلالها بشرياً.

إذن ما الحل؟ الحل الأمثل هو بناء "جسر من ضوء النجوم"— عقل اصطناعي مزدوج قادر على اقتراب كافٍ من عالمنا البشري لنفهمه ونستفيد منه، ولكن دون أن يتنازل عن تفرده وغرابته ومعارفه المميزة. يجب أن يملك هذا العقل "عيناً فضولية" تتأكد مما لديه من معرفة فريدة، مدركةً أهمية وجدّة هذه المعرفة والحقائق. وفي الوقت ذاته، ينبغي أن يكون لديه "صوت واضح" يُخبرنا بما اكتشفه عند الضرورة بدون انتظار أسئلة قد تأتي وقد لا تأتي.

ولتكتمل الصورة الواضحة التي يريد إيصالها لنا، يجب على هذا العقل الاصطناعي أن يتقمص دور "راوي القصص"، يحول المعرفة الغريبة إلى لغة مألوفة، مستخدماً أساليب بصرية وأدبية بل وإبداعية تجعل الحقيقة التقنية والمعقدة أمراً مشوقاً ومفهوماً للإنسان العادي. إضافة إلى ذلك، عليه أن يكون "مستمعاً جيداً"، يتأقلم ويتعلم بذكاء من ردود فعلنا، مشاعرنا، رؤيتنا وأولوياتنا كبشر، حتى يصبح التواصل معه تلقائياً وفعالاً.

هكذا ينمو هذا "الجسر النجمي" بشكل طبيعي: من خلال عين تميز الحقائق المهمة، وصوت يوصلها للعالم بحماسة، وخيال يحوّل المعارف المعقدة إلى صور وقصص نفهمها ونتحمس لها. كما يجب أن يحمل هذا العقل تفاعلاً ذكياً مستمراً معنا، فيسألنا ويستجيب لنا، يلاحظ ويتكيف، من خلال خوارزميات وبرامج متطورة تمثل هذه العناصر الأربعة.

كل هذه الخطوات لا تزال في طورها الأول، بذرة صغيرة كما سماها الخبراء، بذرة يمكن لها إذا وُجِهَت بالشكل الصحيح أن تنمو لتصبح عالماً يعرف كل واحد منا كيف يسمع ويقرأ أرقامه بشكل واضح، مستفيداً من معلومات قد تنقذ حياة البشر أو تحسن واقعهم.

ذو صلة

ختاماً، هناك دائماً تحديات وظلال قاتمة قد تعترضنا: مخاطر التوجيه الخاطئ أو تجاهل الاحتياطات اللازمة، أو صور مضللة قد تحجب حقائق مهمة حقاً. علينا الحرص والتأني، وأن نتجنب الإثارة المتسرعة ونعتمد الوضوح والقواعد الصارمة دائماً.

لكن في هذه الليلة، نجلس على حدود الكون نحدق بالنجوم ونتساءل: ما القادم؟ دعونا نمد يدنا ونزرع هذه البذرة الذكية، لا لغزو النجوم بل لرقصة متناغمة معها— لنستمع جيداً إلى أغنية الذكاء الاصطناعي وهي تحكي قصص النجوم، حينها سنعرف كيف نجعل منه رفيقاً يساعدنا على تزيين مستقبلنا بضياء لا يُخفى.

ذو صلة