ذكاء اصطناعي

طريقة جديدة لقياس ضغط الدم قد تُنقذ حياتك قبل أن تشعر بالخطر!

محمد كمال
محمد كمال

3 د

طوّر باحثون في جامعة إكستر طريقة دقيقة لقياس ضغط الدم من الكاحل.

الابتكار يغير قواعد الفحص الطبي التقليدي ويساعد من لا يمكنهم قياس الضغط من الذراع.

الطريقة الجديدة تقلل الأخطاء في التشخيص وتساعد في إنقاذ الأرواح عالمياً.

حظي البحث بدعم جمعيات مرموقة مثل جمعية السكتة الدماغية ومؤسسة الثاليدومايد.

تتيح أداة ABLE-BP الإلكترونية الأداة الطبية للأطباء والمرضى بسهولة.

في خطوة علمية لافتة، طوّر باحثون في جامعة إكستر البريطانية أسلوباً جديداً يحسّن دقة قياس ضغط الدم عندما يُؤخذ من الكاحل، وهي طريقة قد تكون بمثابة طوق نجاة لمن لا يمكن قياس ضغطهم من الذراع لأسباب مختلفة، مثل فقدان أحد الأطراف أو صعوبة الحركة بعد الجلطات.

يشير العلماء إلى أن هذا الاكتشاف يمكن أن يغيّر قواعد الفحص الطبي التقليدي، إذ طوّر الفريق نموذجاً تنبؤياً يعتمد على بيانات شخصية لربط قراءات الكاحل بمستوى الضغط الحقيقي في الذراع، وهو ما يتيح للطواقم الطبية تقدير الضغط بدقة أكبر. الدراسة التي نشرت في مجلة **BMJ Open** حلّلت بيانات أكثر من 33 ألف مريض حول العالم، وأنتجت أداة حسابية متاحة عبر الإنترنت لتسهيل الاستخدام من قبل الأطباء والمرضى.

وهذا يقودنا إلى الحديث عن حجم المشكلة الصحية المرتبطة بضغط الدم. فارتفاع الضغط يؤثر على أكثر من مليار إنسان عالمياً ويُعدّ السبب الرئيس لأمراض القلب والسكتات الدماغية والفشل الكلوي. ورغم أن الذراع هي الموضع المعتاد للقياس، فإن هناك فئات كبيرة لا يمكن تطبيق هذه الطريقة عليها.


لماذا الكاحل؟


في هذه الحالات يُقاس الضغط عند الكاحل، ولكن القيم المسجلة تكون عادة أعلى من تلك المسجلة في الذراع. وبما أن توصيات العلاج مبنية على قياسات الذراع، فإن هذا الفارق يخلق مساحة واسعة للخطأ. يوضح البروفيسور كريس كلارك، المشرف على الدراسة، أن الأسلوب الجديد من شأنه تقليل نسبة التشخيصات الخاطئة بنسبة 2٪ تقريباً. وقد تبدو النسبة صغيرة، لكنها عملياً تعني مئات الحالات التي يمكن إنقاذها سنوياً في إنجلترا وحدها، وعشرات الآلاف عالمياً.

هذا التقدّم العلمي يربط بين البحث الأكاديمي وواقع المرضى، حيث استخدم الفريق نماذج إحصائية متقدمة لوصف العلاقة بين ضغط الذراع والكاحل واستشراف المخاطر الصحية مثل احتمالية الإصابة بنوبة قلبية. وتشير التقديرات إلى أن نحو 10 آلاف شخص في المملكة المتحدة يعيشون دون أطراف علوية، إضافة إلى ثلاثة أرباع الناجين من السكتات ممن يعانون من ضعف في الذراع، وهو ما يجعلهم أول المستفيدين من التقنية الجديدة.


دعم مؤسساتي وأصوات إنسانية


حظي البحث بدعم جمعيات مرموقة مثل جمعية السكتة الدماغية ومؤسسة الثاليدومايد. وتشيد جولييت بوفري، الرئيسة التنفيذية لجمعية السكتة، بالنتائج قائلة إن دقة قياس الضغط من الكاحل ستمنح الثقة لمرضى الجلطات الذين يخشون تكرار الإصابة. وفي السياق نفسه، أكد البروفيسور كيفن مونرو من المعهد الوطني للأبحاث الطبية أن إيجاد حل عملي لقياس الضغط عند من لا يمكن مراقبته عبر الذراع يمثل “ابتكاراً بسيطاً لكنه جوهري للحفاظ على الصحة العامة”.

ومن التطبيقات العملية، أُتيحت الأداة الجديدة عبر موقع إلكتروني يحمل اسم **ABLE-BP**، ما يجعل الوصول إليها متاحاً لأي شخص أو جهة طبية.


تجربة شخصية تلخص المعنى


من القصص المؤثرة التي تسلط الضوء على أهمية الدراسة تجربة المذيعة البريطانية سو كنت، البالغة من العمر 62 عاماً، والتي وُلدت بإعاقة في الأطراف العلوية بسبب دواء الثاليدومايد. تقول سو إنها عانت لسنوات من صعوبة قياس ضغطها بدقة، وأن التجربة الجديدة منحتها أملاً حقيقياً بالحصول على قراءة صحيحة تساعدها في متابعة صحتها دون قلق. مثل هذه الشهادات تبرز الطابع الإنساني لاكتشاف يبدو تقنياً في المبدأ لكنه يمسّ حياة الناس مباشرة.


نحو عدالة صحية أوسع

ذو صلة


إن هذه الخطوة تمثل جهداً حقيقياً لتقليص فجوة المساواة في الرعاية الطبية. فتمكين ذوي الإعاقات أو مرضى السكتات من مراقبة ضغطهم يعزز فرص الاكتشاف المبكر ويمنحهم إحساساً بالأمان والمشاركة. ومع استمرار تطوير الأداة وتحديث قاعدة بياناتها، يبقى الأمل قائماً في أن تغيّر هذه التقنية مستقبل تشخيص أمراض القلب والأوعية الدموية حول العالم.

في الختام، يظهر أن الابتكار ليس دائماً في اختراع أدوات جديدة، بل أحياناً في إعادة التفكير بطرقنا القديمة واستخدام العلم لتقريب الرعاية من من يحتاجها فعلاً.

ذو صلة