ذكاء اصطناعي

طلاء الجدران المتعرق: حل ذكي جديد لخفض حرارة المباني وتوفير الطاقة

فريق العمل
فريق العمل

3 د

طوّر علماء طلاء ذكي يُخفض حرارة المباني ويُعرف بطلاء CCP-30.

يستهلك التكييف 20% من الكهرباء عالميًا وقد يزيد إلى 45% بحلول 2050.

يعكس الطلاء 92% من أشعة الشمس ويمتص الرطوبة بفضل تركيبة نانوية مسامية.

اختُبر الطلاء بسنغافورة وحقق توفيرًا للكهرباء بنسبة 30-40% وخفض انبعاثات الكربون.

يُعتبر الطلاء حلاً فعالًا للمناطق الحارة والرطبة ومواجهًا للتغيرات المناخية.

هل يمكن لجدران بيتك أن تتعرق؟ نعم، بطريقة ما! فقد طوّر علماء نوعاً جديداً من الطلاء يبدو أنه سيغير قواعد اللعبة في مواجهة درجات الحرارة المرتفعة. هذا الطلاء الجديد الذي أطلق عليه اسم CCP-30 هو في الواقع مادة مميزة من الإسمنت، تمتلك خاصية غير مألوفة: إنها "تتعرق" للمحافظة على برودة المباني في الأيام شديدة الحرارة!

ليست الكهرباء المستهلكة في أجهزة التكييف والمراوح بالأمر الهين، إذ تتسبب في حوالي 20% من إجمالي استهلاك الكهرباء حول العالم، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة بنسبة 45% بحلول عام 2050. تزداد المشكلة تعقيداً في المدن المكتظة بالسكان، التي تعاني أصلاً من ظاهرة "الجزيرة الحرارية الحضرية" (Urban Heat Island)، نتيجة امتصاص الخرسانة والإسفلت لأشعة الشمس وإشعاع الحرارة بعد مغيبها، مما يجعل درجات الحرارة في قلب المدن دائماً أعلى من المناطق المحيطة بها.

ولأن الطرق التقليدية لمعالجة درجات الحرارة العالية تركز غالباً على تحسين نظام التكييف وتصميم المباني، قرر فريق من الباحثين الدوليين العمل في اتجاه مختلف، وابتكروا طلاءً ذكياً مناسباً للاستخدام في المباني الجديدة والقديمة على حد سواء، يقوم بتحسين قدرة المنازل على مواجهة الحرارة العالية بشكل كبير.

لذا، ما الذي يجعل هذا الطلاء الذكي مميزاً إلى هذه الدرجة؟ ببساطة، طلاء CCP-30 يجمع بين مزايا متعددة: فهو يعكس ما يصل إلى 92% من أشعة الشمس، كما يشتت 95% من الحرارة التي يتلقاها على شكل أشعة تحت حمراء (Infrared Radiation)، بل الأكثر تميزاً هو قدرته على امتصاص الرطوبة وتخزين حوالي 30% من وزنه من مياه الأمطار، وذلك بفضل تركيبتِه الإسمنتية المسامية التي تم تصميمها بدقة نانوية. ما يعني أنه عندما ترتفع درجة حرارة الجدران، يتبخر الماء المخزّن داخل المسامات تدريجياً، مما يخلق تأثيراً مماثلاً لعملية التعرق عند الإنسان، ويخفض درجة حرارة المباني بشكل ملحوظ.

اختبرت مجموعة الباحثين هذه الفكرة بشكل عملي في سنغافورة على مدار عامين، حيث قارن الفريق بين منازل صغيرة مطلية بأنواع مختلفة من المواد، منها طلاء CCP-30 الجديد، وآخر مطلي بطلاء تجاري عادي، بالإضافة إلى نموذج مطلي بنوع خاص يعتمد على التبريد الإشعاعي. جاءت النتائج مبهرة، إذ تفوق الطلاء الجديد في القدرة على تبريد المباني بشكل واضح، محققاً توفيراً في الكهرباء بنسب تتراوح بين 30 - 40% مقارنة بالطلاء العادي، كما أنه سجّل مستوى أقل بنحو 28% من انبعاثات الكربون على مدار فترة حياته.

ذو صلة

تشير هذه النتائج الواعدة إلى أن استخدام هذا الطلاء قد يكون حلاً فعالاً، خصوصاً في المناطق ذات المناخ الرطب والساخن والكثافة السكانية العالية، ما يجعله أداة تكاملية مستدامة لمواجهة التغيرات المناخية المتزايدة.

في الختام، فإن طلاء CCP-30 الجديد، أو الطلاء الذي "يتعرق"، يمثل خطوة جوهرية في إحداث نقلة نوعية على مستوى تجهيز المباني للتعامل مع موجات الحر المستقبلية. قد يكون من الجدير التفكير مستقبلاً في توسيع هذه التجارب لتشمل نطاقات أوسع وظروفاً مناخية مختلفة، وذلك لتأكيد كفاءة هذا الطلاء الثوري. وربما قد يكون من المناسب كذلك تغيير مصطلح "التعرق" الذي استخدمناه بصيغة مبسطة هنا إلى "التبريد التبخيري" في مقالات أكثر تخصصاً، لإيضاح التقنية بصورة علمية أكثر عمقاً. ومع ذلك، يبقى هذا الابتكار مثالاً ممتازاً على الطرق المبتكرة لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري والحفاظ على بيئة مستدامة ومريحة للعيش.

ذو صلة