علماء الفلك يكتشفون موجة بلازما جديدة غامضة تدور حول كوكب المشتري

3 د
كشفت مهمة ناسا "جونو" عن موجات بلازما جديدة قرب كوكب المشتري.
يشكل هذا الاكتشاف خطوة لفهم تأثير الجسيمات مع المجال المغناطيسي القوي للمشتري.
توفر تذبذبات البلازما الجديدة رؤى أعمق لظاهرة الشفق القطبي الفريدة.
تستمر مهمة "جونو" في جمع البيانات لفهم طقس الفضاء وتأثيراته على الكواكب الأخرى.
يسهم هذا الاكتشاف في معرفة أكبر عن المجالات المغناطيسية لكل من الأرض والمشتري.
يبدو أن كوكب المشتري العملاق يخفي لغزاً جديداً يزيد من روعته وغموضه المعتاد، فهل توقعت مثلاً أن هذا العملاق الغازي الضخم يمكن أن يزيد إعجاب العلماء به أكثر مما هو عليه الآن؟
كشفت مهمة وكالة ناسا الفضائية "جونو" مؤخراً عن اكتشاف مذهل: موجة بلازما جديدة كلياً بالقرب من كوكب المشتري، وهي المرة الأولى التي يُرصد فيها مثل هذا النوع من الموجات الفضائية، مما قد يمنح العلماء صورة أوضح وأعمق عن طبيعة البلازما وظروفها الفريدة في بيئة كوكب المشتري ذات المجال المغناطيسي الهائل.
ومن المعروف أن كوكب المشتري يمتاز بمجال مغناطيسي شديد القوة يؤثر على الجسيمات المشحونة المحيطة به، هذه الجسيمات تتحرك بطريقة معقدة تشكّل ظاهرة الشفق القطبي البديعة التي نراها بالقرب من قطبي الكوكب العملاق، وهي تشبه الشفق القطبي الذي يظهر على أرضنا إلا أنه أشد قوة وإشراقاً بشكل لا يضاهَى.
موجات جديدة تدهش العلماء
في بحث جديد بقيادة العالم روبرت ليساك من جامعة مينيسوتا، تم اكتشاف أن البلازما المحيطة بأقطاب كوكب المشتري تتصرف بطريقة غريبة وغير مسبوقة. وكان مفتاح الاكتشاف هو ظاهرة تذبذبات سريعة للبلازما لم تظهر في قياسات سابقة أُجريت على كواكب المجموعة الشمسية.
ولأن هذا الاكتشاف الأول من نوعه، فهو يطرح أسئلة جديدة تماماً حول آلية تفاعل الجسيمات المشحونة (البلازما) مع المجالات المغناطيسية الضخمة التي يمتلكها المشتري. وهذا يعني أن هناك ظواهر أكثر دهشة مما كنّا نتصور حول هذا الكوكب.
تعود الفضل في هذا الاكتشاف إلى المسبار الفضائي "جونو"، الذي يدور حول المشتري منذ عام 2016، مزوّدًا بأجهزة ومعدات متطورة، استطاعت جمع معلومات دقيقة حول طبيعة البلازما والمجال المغناطيسي القوي جداً المحيط بالكوكب الأكبر في مجموعتنا الشمسية. ومن هذه البيانات، لاحظ الباحثون الأنماط غير العادية التي تتخذها هذه البلازما قرب الأقطاب، والتي تمثل اهتزازات ذات نمط فريد لم يكن معروفاً من قبل.
ويركز الفريق البحثي حالياً على دراسة الإشعاع فوق البنفسجي الذي ينبعث من المناطق القطبية، لأنه مرتبط مباشرة بهذه الظاهرة الخلابة التي يدرسونها. ويبدو أن هذه التذبذبات الجديدة من موجات البلازما قد تكون عاملاً رئيسياً في تكوّن ظاهرة الشفق القطبي المبهرة التي يظهر بها الكوكب، الأمر الذي سيزيد من معرفتنا بكيفية تفاعل المجالات المغناطيسية الشديدة القوة مع البلازما الفضائية.
وهذا الاكتشاف ليس مجرد معلومة مثيرة، بل يفتح الباب على مصراعيه لفهم أكبر لظواهر طقس الفضاء (Space Weather)، الذي يؤثر في جميع الكواكب ذات المجالات المغناطيسية القوية، كزحل وأورانوس. ومن الممكن أن يساعد العلماء على تطوير رؤيتهم حول النجوم وظواهر الرياح الشمسية التي تؤثر على مجموعتنا الشمسية ككل.
وبحسب تعبير الدكتور روبرت ليساك، فإن إيقاف المهمة الآن "سيكون خسارة كبيرة لعلمنا واستكشافنا الفلكي". هذه الكلمات تؤكد حاجة العلماء للاستمرار في رصد هذه الظواهر لمعرفة المزيد بشكل أوضح وأعمق.
ومن المفارقات المذهلة أن الدراسة الجديدة لموجات البلازما في المشتري، يمكن أيضاً أن تساعد العلماء في فهم أفضل للمجال المغناطيسي للأرض وظاهرة الشفق القطبي بها، حيث تجمع بين الكوكبين روابط لم تكن واضحة العلماء سابقاً.
وبعد هذا الاكتشاف الكبير، سيواصل العلماء تحليل المزيد من البيانات التي يزودهم بها مسبار "جونو"، مما يعزز فرص اكتشافات فضائية مهمة أخرى، وربما يكون من الأفضل دائماً تقديم مثل هذه الأخبار العلمية الكبرى إلى الجمهور العربي بمزيد من الوضوح والاقتراب من لغة القارئ اليومية. وسيكون من المفيد أيضاً تسليط الضوء بشكل أكبر على الربط بين هذه الاكتشافات الجديدة ومجالات معرفية أخرى مثل فيزياء الأرض وعلوم الفضاء بشكل أعمق في المستقبل.