علماء يبتكرون روبوتات تنمو عن طريق أكل الآلات الأخرى

3 د
أعلنت جامعة كولومبيا عن تطوير روبوتات تنمو وتشفى ذاتيًا باستهلاك مكونات من أخرى.
صُممت روابط التروس المرنة لتمكين الروبوتات من الاندماج بسهولة لتشكيل هياكل جديدة.
يتميز الروبوت بإضافته وصلات لتحسين قدراته في تمثيل متطلبات البيئات الصعبة.
التقنية المدعومة تهدف لتطوير الروبوتات القادرة على التكيف والاستدامة دون تدخل بشري.
تطرح هذه الابتكارات أسئلة جديدة حول صيانة الروبوتات في المستقبل القريب.
هل سبق لك أن تخيلت روبوتًا يمكنه إصلاح نفسه أو حتى النمو بحجمه بمجرد التهام أجزاء من أجهزة أخرى حوله؟ لم يعد هذا مجرد خيال علمي، بل أصبح حقيقة بفضل علماء جامعة كولومبيا الذين أعلنوا مؤخراً عن تطوير روبوتات تمتلك مهارات استثنائية في النمو الذاتي والشفاء عن طريق استهلاك مكونات من روبوتات أخرى، في تطور أطلق عليه العلماء اسم "استقلاب الروبوت".
استقلاب الروبوت: حين تتشابه الماكينة مع الخلية الحية
فكرة "استقلاب الروبوت" تعود مباشرة إلى الطبيعة، حيث تستبدل الكائنات الحية المواد التالفة وتصنع أنسجة جديدة من خلال عمليات حيوية معقدة. بنفس الروح، صمم العلماء وحدات مرنة – أطلقوا عليها "روابط التروس" – وهي أعمدة معدنية صغيرة مزودة بوصلات مغناطيسية، تتيح للروبوتات الاتصال والاندماج فيما بينها بكل سهولة. خلال التجارب المعملية، تمكنت هذه الروابط من تشكيل أشكال هندسية مثل المثلثات والنجوم، ثم تحوّل بعضها إلى روبوتات ثلاثية الأبعاد قادرة فعلياً على الحركة وتغيير بنيتها حسب الحاجة. وهذا الطابع الديناميكي يربط ابتكارات اليوم بأحلام الغد في عالم الروبوتات المستقلة ذات القدرات الذاتية.
دمج الذكاء الصناعي مع الأجسام القابلة للتطور
ما يميز هذه الروبوتات ليس تركيبتها فحسب، بل طريقتها في استغلال المكونات من محيطها، أو حتى من روبوتات أخرى بجانبها. على سبيل المثال، أظهرت تجربة أن روبوتًا على شكل هرمي استطاع زيادة سرعته بالنزول من مرتفع بنسبة تجاوزت 66% بمجرد أن أضاف لنفسه وصلة إضافية تحاكي العصا، مستفيدًا من مرونته البنيوية. مثل هذا الإنجاز يفتح الباب أمام جيل جديد من الروبوتات القادرة على تعديل قدراتها بنفسها لتناسب التحديات المختلفة في البيئات الصعبة، خاصة في مهمات مثل الإغاثة والاسكتشاف الفضائي، حيث الدعم البشري شبه مستحيل. وهكذا، يتكامل تقدم الذكاء الاصطناعي في البرمجيات مع التطور المستمر للأجسام الميكانيكية الذكية، الأمر الذي قد يعيد رسم حدود الممكن في عالم التقنية.
من الطبيعة إلى المختبر: بيئة روبوتية مستقلة
استلهم العلماء عملهم من الأنظمة البيولوجية، حيث تضمن العمليات الحيوية مثل الأيض التكيف المتواصل والبقاء، واقترحوا في دراستهم المنشورة هذا الشهر أن كل روبوت يجب أن يكون قادرًا على تطوير نفسه دون تدخل خارجي، مع إمكانية دعم بعضهم البعض – بشرط أن تكون الموارد المُضافة محدودة لمواد وطاقة البيئة فقط. هذا النهج يجسد مبدأ "الإكتفاء الذاتي" الذي يمثل قفزة نوعية في تصميم واستدامة الروبوتات. كذلك، أوضح فريق البحث أن مثل هذه البيئات الذكية قد تشكل ما يشبه "بيئة روبوتية متكاملة"، حيث تتحول الآلات إلى كيانات قادرة على التعاون والتطور المشترك، في محاكاة حيوية للمنظومات العضوية الطبيعية. وبذلك، تنتقل الابتكارات من مختبرات الهندسة الميكانيكية لتساهم في صياغة نظريات جديدة عن الحياة الاصطناعية.
احتمالات وتحديات مستقبلية
هذه التقنية، التي تدعمها وكالات مثل DARPA والمؤسسة العلمية الوطنية في أمريكا، تأتي لتجيب عن تساؤلات هامة حول من سيقوم بصيانة الروبوتات في المستقبل القريب، خاصة مع الانتشار المتزايد لها في حياتنا اليومية، من السيارات ذاتية القيادة إلى خطوط الإنتاج الآلي وحتى الروبوتات الفضائية. يضع الباحثون بصمتهم هنا حين يؤكدون أن الاعتماد المتزايد على الآلات يفرض عليها أعرافًا جديدة للاستدامة الذاتية، فالبشر لن يكونوا دائماً في متناول هذه الأجهزة للعناية بها أو إصلاحها.
ما تحقق اليوم في جامعة كولومبيا يؤشر على نقلة نوعية في العلاقة بين الإنسان والآلة، ويدعونا لإعادة التفكير في مفهوم الذكاء الاصطناعي بحيث لا يقتصر على البرمجيات أو معالجة المعلومات، بل يمتد ليشمل قدرة الآلة على صيانة نفسها والتكيف مع محيطها ماديًا. ومع استمرار تقدم "الروبوتات الاستقلابية"، ينصح البعض باختيار مصطلحات أدق ـ مثل "روبوتات لها أحيائية صناعية" ـ لإبراز أصالة هذه الابتكارات، وإضافة عبارات ربط أقوى في السرد لتقريب الفكرة للقارئ. لا شك أن المستقبل سيحمل لنا المزيد من القصص المدهشة حول الروبوتات القادرة على النمو وتجاوز حدود ما اعتدناه في عالم الماكينات، مما يحفز كل متابع للتقنية للترقب بشغف وتوقع المزيد من التحولات الآسرة في ساحة الذكاء الصناعي.